هل تدفع العقبات المصانع الكويتية نحو الهجرة من السوق المحلي؟
“الاقتصادية ” تفتح ملف مشاكل وعقبات “القطاع الصناعي” عامود الاقتصاد وركيزة الاستدامة (2 )

الإغراءات كبيرة جدا ومحفزة خصوصا من الأسواق الخليجية.
كم مصنع دوائي وغذائي تحت الإنشاء بعد جائحة كورونا؟
لماذا نبدع في طرد المستثمر المحلي ووضع العراقيل أمامه.
صناعيون لـ “الاقتصادية ” نتلقى دعوات للاستثمار في الخارج فهل تملك هيئة الصناعة إمكانية دعوة مستثمرين للسوق المحلي؟
قطاع الصناعة يحتاج قيادة جريئة طموحة صاحبة قرار لإعادة إحياء الأمل.
القوة الاقتصادية تقاس بقوة الإنتاج والصناعة عمق متين ؟
صدق أو لاتصدق بالرغم من حجم المشاكل والتحديات والعقبات التي يواجهها المصنعين وأصحاب المصانع والتي من بينها ما هوقائم ومستمر منذ أكثر من 20 عاما، بالرغم من ذلك كله هناك صناعات ومنتجات كويتية تصل أسواق أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، والأكثر أهمية هو أنها منتجات عالية الجودة ومتوافقة مع أعلى المواصفات العالمية ومطلوبة من المستهلكين.
لذلك ليس مستغربا أن يتم دعوة المصنعين الكويتين للاستثمار في أسواق خارجية، وخصوصا من أسواق المنطقة التي تتكامل فيها الخدمات وتتزايد فيها المميزات وتتعاظم فيها الإيرادات.
يقول صناعيون لـ “الاقتصادية” إن أبرز وأهم المشاكل التي تواجههم هي توفرالأراضي اللازمة لإقامة مصانعهم، في الوقت الذي تعتبر الأرض هي أهون شيء في الدول التي توجه لنا الدعوات، فالمساحات في هذه الدول متوافرة وبأضعاف ما يتطلبه المصنع، حيث يتم منح الصناعيين أراضي شاسعة تمكنهم من التوسع التلقائي في المستقبل داخل القسيمة من دون العودة مرة أخرى وطلب توسعة أو قسائم، وهو ما يعكس الفكر والاهتمام والقناعة بأهمية الصناعة.
وأضافوا بأن الفوارق في الحوافز والمميزات بين السوق الكويتي والأسواق الأخرى كبيرة وشاسعة وتبدأ من المنظومة الصناعية والجهة القائمة والمشرفة على القطاع والاستراتيجية الموضوعة حيث يعرفون ماذا يريدون من الصناعة ويثمنون أهميتها وثقلها على مؤشرات الأوزان المتعلقة بقياس القوة الاقتصادية التي تعتمد على الإنتاج .
الأمن الغذائي:
بعد جائحة كورونا مباشرة ومن من دون أي تأخير أو تعقيد أيقنت دول كثيرة أنه لا مناص من بناء منظومة متكاملة تحقق الأمن الغذائي، وبالفعل نجحت هذه الدول خلال سنوات قليلة في تأسيس وترسيخ وجذب صناعات في هذا المجال، وبحسب البيانات يمكن أن تحقق اكتفاء ذاتي ومن ثم تصدر الفائض.
من لم يتعظ مما حدث من تداعيات وإرباكات جائحة كورونا فمن أي أزمة يمكنه أن يتعظ.
الأمن الدوائي:
المعاناة خلال جائحة كورونا من تعثرات سلاسل الإمداد وما صاحب ذلك من نقص في الأدوية واضطراب المنظومة الصحية المحلية بسبب تراجع المخزون كانت معطيات كافية بأن يتم إنشاء استثمارات ضخمة في القطاع الصحي.
التساؤل الذي يطرح نفسه، كم مصنع في القطاع الدوائي تم البدء في انشائه منذ جائحة كورونا؟ بل الأقل من ذلك كم شركة أو مستثمر تقدم للحصول على ترخيص مصنع أدوية؟
الجواب صادم بالقطع، فالمصانع القائمة تفكر بالإغلاق والانتقال لأى دولة قريبة ووقف بعض التوسعات بسبب قرار صدر مؤخرا ألغى أفضلية المنتج الكويتي في المناقصات أمام المنتجات الأخرى، والذي كان بمصابة الصدمة للمصنعين خصوصا وأن هكذا قرار سيرفع عن الصناعة الكويتية هامش الأفضلية وهو ما يفقدها أي ميزة كبلد منشأ.
فكيف لسوق بهكذا معطيات أن يكون مشجعا ومحفزا للصناعيين المحليين؟ وهل يمكن أن يفكر أي مستثمر أجنبي بالاستثمار في القطاع الصناعي إذا كان المستثمر المحلي يعاني ويشتكي ويواجه كل هذه العقبات.
- هل يمكن لمستثمر أن يضع أمواله في سوق بلا دعم؟
يتساءل الصناعيين كثيرا هل يمكن لأي مستثمر أن يضع أموالا في الاستثمار الصناعي الذي يعد استثمارا ثقيلا وطويل الأجل من دون أن يحصل على ميزة أو دعم؟ بالقطع كل دول العالم تقدم مميزات عديدة من زوايا مختلفة لمستثمري القطاع الصناعي وتقدم كل وسائل التشجيع لتعزيزالصناعات المحلية وأي توجه غير ذلك يكون بمثابة تبني توجهات مخالفة للركب العالمي.
نمو الصناعة يحتاج بنية تحتية متقدمة وعقلية إدارية متميزة تتعامل بفكر المطور وليس الرقيب المعرقل للطموحات وهي أبجديات وأساسيات مفقودة وإلا ما تفسيرمشاكل وعقبات متراكمة منذ 20 عاما.
- خسارة مركبة وفرص ضائعة.
عندما يخسر السوق المحلي مصنع أو توسعة أو استثمار فهي في الواقع خسارة مركبة أضاعت فرص استحداث وظائف محلية تشغيلية منتجة للمواطنين ولو بأي عدد بدلا من التكدس في القطاع الحكومي وتنامي ظاهرة البطالة المقنعة.
إضاعة فرص على الاقتصاد المحلي من خلال فقدان الأنشطة الأخرى لهذه العمليات فمن جهة البنوك تفقد عميل مميز لتمويل توسعاته والقطاع اللوجستي من نقل وتخزين وهذا كله يصب في ارتفاع فاتورة الاستيراد لسد متطلبات واحتياجات السوق المحلي.
- قرارات إدرية متضاربة ومتناقضة تعصف بالصناعة.
وقف جموع الصناعيين في حالة ذهول أمام قرار إلغاء الأفضلية في المناقصات للصناعة المحلية أمام المنتجات الخليجية، خصوصا وأن هكذا قرار أو توجه يتناقض تماما مع السبب الأساسي لتعديل قانون المناقصات وما أوضحته المذكرة الإيضاحية بأن التعديل يهدف إلى حماية المنتج المحلي وإعطاء الأفضلية على غيره من المنتجات فكيف يتم الغاؤها الآن، علما أن أي إعطاء مكتسبات للقطاع ثم إلغائها في منتصف الطريق هو بمثابة تقويض وهدم لركن أساسي ومهم، كما أن التناقض من الجهات الرسمية لن يفيد أحد حتى المستثمر الأجنبي والخارجي سيكون متوجس خائف من التغيرات.
- كيف لدول خليجية تعامل الاستثمار الكويتي معاملة محلية ونحن نحاربه.
يكشف صناعيين بأنهم تلقوا دعوات مباشرة من المسؤولين عن الملف والشأن الصناعي في دول الخليج للاستثمار في هذه الأسواق مع تعهدات بأن يتم معاملة المنتج معاملة كاملة كما لو كان منتج محلي.
ولنا أن نتسائل هل تملك الهيئة العامة للصناعة هذه الإمكانية بأن توجه للصناعيين في دول المنطقة دعوة للاستثمار في الكويت، هل تملك أي ميزات لديها يمكن ان تحفزهم بها؟
كم مصنع جذبته هيئة الصناعة للسوق المحلي وهي المعنية بالدرجة الأولى بشؤون الصناعة والصناعيين.
- الروتين الصفري والروتين القاتل للطموح.
من أكثر الأعباء التي تشكل عامل ضغط على المصنعين هو الدورة المستندية والروتين القاتل للطموح والإبداع فبالرغم من التحول التقني والرقمي إلا أن الأوراق في كثير من الدوائر ذات العلاقة بالقطاع الصناعي لا تزال هي المهيمنة وكذلك كثرة المراجعات وتباطؤ اتخاذ القرار النهائي وصعوبة التقاء المسؤولين القياديين المعنيين بشؤون الصناعة حتى ان إنجاز بعض المعاملات قد يستغرق أشهر وليس أسابيع.
الوزير العمر والقطاع الخاص
يعلق كثير من المستثمرين أمالا عريضة على وزير التجارة والصناعة عمر العمر في أن يكسر عقدة تراكم مشاكل القطاع الصناعي، مع التمني بأن لا يصرح عن قسائم منطقة الشدادية الصناعية كما سلفه السابقين الذين زاروا الموقع وزفوا البشرى تلو الأخرى دون أن يحدث شيئا منذ 2014 .
…………………….
قطاع الصناعة بلا رأس !
كيف لقطاع حيوي مهم استراتيجيا أن يستمر لفترات طويلة دون رأس، من سيخطط ومن سيتخذ القرارا ومن سيفكك الملفات الصعبة إذا كان الرأس يعمل بالوكالة ومعروف أن هكذا منصب يتم الحذر فيه لعدم الوقوع في أي خطأ وللمحافظة على الأمال والحظوظ بالتثبيت.
في ظل التوجه العالمي نحو ترسيخ الاستدامة وتعزيز القناعة كعامود اقتصادي منقذ وأحد أركان القوة الاقتصادية يستحق القطاع الصناعي شخصية قيادية طموحة صاحبة رؤية وجريئة في ذات الوقت تتمتع بحزم في معالجة المشاكل المتراكمة وتنفض الغبار عن هذا القطاع لإعادة إحياء الأمل.
……………………………
الإنجازات الحقيقية
الإنجازات تقاس بتنمية القطاع الصناعي ومساهمته في النتاج المحلي وحجم وعدد المصانع التي يتم تشغيلها سنويا وكذلك أعداد القسائم التي توزع دوريا على المصانع القائمة للتوسع والجديدة التي تستهدف تدشين صناعات جديدة ، وليس التباهي بنمو الإيرادات السنوية للهيئة ، حيث لا يحتاج تجميع الإيراد إلى إبداع كونها عملية تحصيل لإيجارات قسائم أملاك دولة ورسوم إدارية .