البلد يحتاج إلى فكر جديد في الإدارة

حامد السيف
المدير العام الأسبق لسوق الكويت للأوراق المالية
الرئيس والعضو المنتدب الأسبق شركة الأوسط للاستثمار
إن الوضع الحالي والمستمر منذ زمن طويل يحتاج إلى ثورة إدارية واقتصادية من أجل مستقبل هذا البلد وأبنائه المتعطشين إلى تلك الثورة الإدارية والاقتصادية.
إن الحقيقة الماثلة أمامنا اليوم، والتي ينبغي على الجميع إدراكها من أجل إصلاحها وتغييرها، أن دولة الرفاه الحالية غير قابلة للاستمرار وإن حقائق الأوضاع الاقتصادية محلياً وعالمياً تشير إلى ضرورة تحول البلد من دولة استهلاكية إلى دولة إنتاجية للثروة للمساهمة في الاقتصاد الوطني، وإلى تحقيق رؤية البلد في أن يكون مركزاً مالياً وتجارياً جاذباً للاستثمار. واليوم فإن البلد فعلا يحتاج إلى تغيير طريقة إدارته جذريا، خاصة وأن عامل الزمن ليس في صالحنا، وكثيراً من الأطراف الاقتصادية المحلية والعالمية ترى أنه إذا استمر الحال على ما نحن عليه من صرف وتضخم في حجم الميزانية العامة للدولة والاعتماد على جهاز الدولة الحالي وحده للتغيير ولحل المشكلة المتضخمة وتحمل كل أمور التغيير والتنظيم، ما يشكل عبئاً مالياً وإدارياً على الدولة، فنحن نحتاج إلى اختيار قيادات جادة وعلى مستوى الحدث المطلوب، وبحاجة كذلك لإشراك القطاع الخاص الجاد لتحمل تبعات المستقبل، للتخفيف على الدولة من الجهد والمال والسير في الطريق الصحيح للاقتصاد الوطني كما هو موجود في كثير من الدول الناجحة.
لقد حان الوقت لإشراك القطاع الخاص المحلي والأجنبي بتنفيذ وتملك المشاريع الخدمية الحالية والجديدة لحسابه وإدارته الكاملة، أو بالاشتراك مع الدولة. إن فلسفة الدولة بتملك وإدارة اقتصاد البلد لوحدها، تتعارض مع المادة 20 بالدستور، ونصها أن الاقتصاد الوطني أساسه العدالة الاجتماعية، وقواعده التعاون بين النشاط العام والنشاط الخاص، وهدفه تحقيق التنمية الاقتصادية وزيادة الإنتاج ورفع مستوى المعيشة وتحقيق الرخاء للمواطنين، هذه المادة موجودة بالدستور منذ التأسيس، ولم تطبق إلى هذه اللحظة.
إن دور القطاع الخاص المحلي والأجنبي الحقيقي هو أن يكون المنفذ لخطة التنمية، والدولة إلى هذه اللحظة ليس عندها برامج واضحة لإشراك القطاعين الخاص المحلي والأجنبي في كثير من المشروعات الإنتاجية والرديفة للنفط، لذلك يجب وضع خارطة طريق جديدة لتفعيل هذه البرامج، ويجب على الدولة خلق الأجهزة الإدارية المطلوبة قبل البدء بالتنفيذ لتضع برنامج التخصيص المطلوب، كما هو موجود في كثير من دول العالم الناجحة، لتخصيص كل القطاعات الخدمية مثل الكهرباء والتعليم والصحة وبعض القطاعات غير السيادية، وذلك هو الحل الوحيد للإصلاح الاقتصادي، وما يحتاجه البلد لإنقاذ الاقتصاد الوطني من التوقعات المخيفة والمحتملة إذا ما تغيرت الأمور.
إن المطلوب في المرحلة المقبلة هو توسيع رقعة إشراك القطاع الخاص الجاد لتحمل تبعات المستقبل، والتخفيف على الدولة كثير من الجهد والمال، والسير في الطريق الصحيح للاقتصاد الوطني كما هو موجود في كثير من الدول الناجحة في العالم، لذلك فعدم إشراك القطاع الخاص بتنفيذ وتملك تلك المشاريع لحسابه وإدارته الخاصة أو بالشراكة مع الدولة لا يحقق المطلوب للمستقبل، كما أن الدولة تضمن للمواطن الذي يتحول للعمل في تلك الجهات المخصصة كل ما يحتاجه من التأمين الشامل له من تعليم وصحة وكل الخدمات العالية الجودة عن طريق شركات التأمين ومن دون أي عبء على المواطن، بل على نظام تأميني متكامل يكون أوفر على الدولة من الوضع الحالي.
هذه هي الفلسفة المطلوبة من النظام الجديد، وليس هناك طريق آخر لحل مشكلة البلد المستمرة، وهذا يتطلب خلق هيئة عليا للتخصيص تشرف على مفاصل ما هو مطلوب تخصيصه، وتحميل القطاع الخاص التطوير وعبء تعيين مخرجات التعليم المتزايدة في المستقبل، والعودة إلى قوى السوق في التسعير وتحقيق التكامل الاقتصادي للبلد.
إن التخصيص العلمي المدروس والمطبق عالميا، وليس على الطريقة الكويتية غير الصحيحة والمفيدة، هو الطريق الوحيد الذي يحقق كثيراً من المطالب الاقتصادية والمالية والاجتماعية والسياسية الحقيقية.
لدينا أمل كبير في القيادة السياسية لسمو الأمير وولي عهده ورئيس الوزراء الجاد في تحقيق ذلك، وهم رافعين راية الاصلاح من أجل هذا البلد وأهله، أن يقوموا بخلق المطلوب والمهم من أجل جعل الكويت مركزاً مالياً وتجارياً حقيقيا في المنطقة. إنه أمل أهل هذا البلد الطيبين في أن يروا بلدهم منفتحاً على العالم وله تأثير في اقتصاديات المنطقة، مما يعود على مستقبل هذا البلد الطيب. والله المستعان…