منوعات

سفينة الشركات الورقية تغرق … و”الحرامي” ينجو

... قصة جريمة اقتصادية ...

كل العدة والعتاد الذي تحتاجه هو أن تحصل على دكتوراة مضروبة “بفلسين”، وكم طلة إعلامية من نوافذ مختلفة، لتصبح من أعيان القوم ويشار إليك بالبنان.

تتهافت عليك الفضائيات وحسابات اللا محتوى ويبدأ الدكتور يفتي في كل شيء، نفط يفتي، صناعة يغرد، استثمار ينظر، عقار يبدع، قوانين وتشريعات حدث ولا حرج.

قصة البروفيسور الدكتور صاحب إمبراطورية التراخيص الورقية التي تحتوي على أكثر من 100 شركة بالتمام والكمال والذي نجح في غفلة من الزمن في التسلل بها إلى منصة الإدراج في البورصة، وظل لسنوات يحمل المستثمرين في سفن شراعية بلا أي مصدات أو أدوات للنجاة، يفرغ ويملأ، وتكبر كرة الثلج قبل أن تذوب، وتتدحرج كرة النار إلى أن وقعت في أيدي ركاب الرحلة الأخيرة فأحرقت جميع ركاب.

جمع حوله مجموعة من ” المرتزقة” منعدمي الضمير والأخلاق يقودهم صعلوك يجيد “تلبيس القحافي” وتوفيق المعايير المحاسبية وإسقاطها على الأصول الورقية.

محترف في ضرب أوراق الدين بين التابع والزميل، بارع في ترتيب القروض رغم اللحية التي تزين وجهه المختوم بما يسمى علامة الصلاة التي لا حديث ولا دلالة من كتاب أو سنة بشأنها.

إلى هنا اكتملت عدة الصيد، وبدأ كل صياد في تأدية دوره، فريق للتطبيل وفريق لتضبيط الأرقام وفريق لترفيع الأسعار بشكل وهمي وفريق لحشد الأسماء الرنانة للتستر خلف عائلاتها.

الجميع شارك جاهلاً أو متجاهلاً، عمدا من أجل المنصب والمكافأة والتلاعب في ميدان أصحاب الملايين.

رحلة التدوير بين التابع والزميل وصاعد نازل استمرت نحو 13 عاماً ارتكب خلالها كل أنواع الجرائم الاقتصادية.

الحصول على قروض مصرفية من مصارف إقليمية ومحلية بأصول مضروبة تقييميا.

تدوير مستمر لجذب شرائح صغار المستثمرين ومن ثم الإيقاع بهم والتصريف عليهم.

لوث سمعة السوق المالي الذي شهد أكبر عملية خروج من السوق الرسمي لشركات ورقية، كانت تسمى مجازاً أسهم بحكم الشكل لا المضمون، خرجت هذه الشركات الورقية من السوق الرسمي إلى سوق موازي عبارة عن مجرد شاشة بلا أي معلومات مالية.

شفط الأصول الجيدة لشركاته الخاصة بأوراق دين مضروبة تعلم لغتها من “صعلوك المحاسبة” وبائع الوهم والسراب.

ترك شركات، كان يسميها عالمية، غارقة في خسائر، بعضها 50% وأخرى 75%، وأجبر الجهات الرقابية على شطب أخرى بعد أن تقاعس عمداً عن الوفاء بالالتزامات الرقابية.

خطط للابتعاد عن الرقابة كي يستريح من عناء التفتيش والتدقيق والإفصاح كي ينسحب من المشهد بهدوء على الراحة أو يدفن “الكيانات” التي حولها إلى أشلاء في صحراء قاحلة لا يرتادها أحد.

دلس وخدع الجميع مستثمرين ومسؤولين وجمعيات عمومية بابتسامات صفراء سنوية، وخاض معارك ضارية مع كل من تحالف معه من القريب والبعيد، مع السند والعضيد، تقاسم الغنائم مع من علمه طريق الثراء الحرام ثم انقلب عليه.

 محترف في سياسة استخدام يد الغير في التوقيع، مؤسس وصاحب مدرسة “رجل بلا وجه” يحرك دمى الشطرنج يمين ويسار، يوجههم وهو بعيد، لعب بيد الغير في حلال الغير.

كان يستخدم سياسة التجنيد والحشد لتمرير ألاعيبه، فما أن فاضت جرائمه المالية وزادت عن الحد كانت قد اشتدت سواعد القانون الجديد، وما أن طبقوا أبسط القواعد عليه حتى ذهل الجميع كيف لهذا أن تسلل واستمر يخدع الجميع لكل هذه السنوات، وحينها تم ضرب عنقه بالسيف وكسبت الهيئة ثوابا سيبقى للأبد يتضاعف لهم ولكل من أوقف مسلسل الجرائم في حق أهل البلاد.

جريمة ” سفينة الشركات الورقية” لن ينساها التاريخ لبشاعة مشهدها وحجم الضحايا المكلومين.

مهما انسحبت من المشهد وبعدت عن الأضواء ستبقى ألاعيبك حديث الأجيال حتى تقوم الساعة، فهذا عصر تدون فيه البيانات والمعلومات ولن تستطيع أن تمحوا صفقات البورصة وأسعار شركات ورقية وأسماء أسهم في حسابات مستثمرين.

سيلعنك التاريخ أينما ذكر اسمك أو أحد من سلالتك الذين أورثتهم العار بأفعالك وجرائمك، ليس بحق فرد أو مائة، بل آلاف الأفراد العزل، فحجم السفينة كان ضخم وكبير.

 نجوت من الغرق في سفينة كنت أنت بانيها، لكن من ينجيك يوم الصراط وأنت محمل بملايين الذنوب؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى