الأزمة المالية العظمى!

خلاصة الأزمة
جشع مالي فاقم الخسائر وعمق الانهيار
تهور مصرفي في تقديم قروض ضخمة بضمانات غير متكافئة.
أصول مسمومة تم بيعها مغلفة بالثقة وفي باطنها فخ.
خلط بين القرار السياسي والاقتصادي.
ثقة مفرطة من المؤسسات المالية.
تواطؤ بين مؤسسات مالية وأخرى رقابية عالمية.
لماذا حدثت الأزمة المالية العالمية 2008؟ وكيف أخفقت كبرى المؤسسات المالية العالمية في رصدها، وكيف وصل مداها لدول الخليج؟ ولماذا لم تستطع الحكومة الأمريكية أن تمنعها أو أن تخفف أُثرها؟
هذه الأزمة التي يصنفها بعض الاقتصاديين كأكبر أزمة مالية في التاريخ الحديث للبشرية، بل إنها تفوق نظيرتها التي حدثت في عام 1929، سواء بحجم الضرر الذي تسببت به على بقية اقتصادات العالم، أو بسرعة وصول أثرها إلى بقية الدول، ومن الملفت أن الأزمة المالية العالمية 2008، تتقاسم مع التي حدثت في 1929 عامل مشترك فمصدر الاثنتين هو الولايات المتحدة الأمريكية، والرابط بينهما كبير فالولايات المتحدة الأمريكية هي قبلة الرأسمالية في العالم، وحاضنة أكبر البنوك العالمية، وأكثرها ابتكاراً وإبداعاً في عالم المشتقات المالية، وقد ترتب على هذه الأزمة إنهيار الأسواق العالمية، وشلل اقتصادي طال العالم لمدة أربع سنوات، ناهيك عن التبعات الاقتصادية التي استمرت لمدة أطول.
بحكم عملي في إحدى شركات الاستثمار الكويتية بين عامي 2005 و2008 عاصرت الفترة التي مهدت للأزمة وحضرت فيها اجتماعات مع الشركات الأمريكية التي كانت تسوق أثناءها الأصول المسمومة حول العالم، سوى أننا لم نكن نعي ما تحمله تلك الاستثمارات من مخاطر بسبب تعقيدات المنتجات التي كانوا يبيعونها، بالإضافة إلى أنها من بنوك أمريكية كبيرة ومحملة بضمانات ائتمانية صادرة من أكبر شركات التقييم العالمية، وبعد مرور 16 سنة على تلك الأزمة أرى أنه من الواجب أن نذكر تسلسل الأحداث التي دفعت إلى الانفجار العظيم للاقتصاد العالمي:
1- منتصف عام 2003 البنك المركزي الأمريكي يخفض الفائدة إلى مستويات دنيا، بغرض تنشيط الاقتصاد وتحرير السيولة في السوق.
2- تشجعت البنوك التجارية على أثر هذا التخفيض القياسي لتقديم قروض سكنية بامتيازات تشجيعية، غير أن بعض البنوك قرر أن يكون أكثر جرأة وتهوراً، فأقدموا على تقديم قروض بقيمة أعلى من قيمة العقار في سابقة خطيرة، مما يجعل الرهن أقل من قيمة القرض، الأمر الذي لا يوفر غطاء مادي لسداد القرض في حالة تعثر المقترض عن السداد، كما أنها أمعنت في المخاطرة بتقديمها قروض لأشخاص عاطلين عن العمل ولا يملكون مصادر دخل أخرى أو أصول تعمل كضمان لسداد القرض في حالة تعثره، وأطلق على هؤلاء المقترضين أسم NINJA اختصاراً لجملة No Income No Job No Asset.
3- مع تراكم القروض وشح سيولة البنوك لتقديم المزيد من القروض، قررت البنوك بيع محفظة ديون الأفراد إلى شركات الاستثمار الأمريكية.. وسمي هذا المنتج CDO’s وتعني التزامات مالية مدعمة برهون. Collateralized Debt Obligation
4- قامت شركات التقييم العالمية مثل موديز وفيتش بإعطاء تقييمات ائتمانية عالية لهذا المنتج مما أهل شركات الاستثمار لتداولها وبيعها عالمياً إلى الحكومات وشركات المال.
5- مع ارتفاع مستويات التضخم في الولايات المتحدة الأمريكية بدأ البنك المركزي الأمريكي في رفع الفائدة في الفترة بين أبريل 2004 إلى 2006 حتى وصلت إلى 5.6% بعدما كانت في حدود 1.3%…
6- تسبب رفع الفائدة العالي جداً في تعثر المقترضين عن السداد وبالتالي استحواذ البنوك على البيوت بغرض بيعها.
7- تراكمت المنازل التي تخلى أصحابها عنها لمصلحة البنوك بشكل كبير جداً وقامت البنوك بعرضها في السوق بأسعار أقل من سعر شرائها.
8- مع ارتفاع أسعار الفائدة وتنامي العقارات المعروضة وقلة الطلب انهار سوق العقار.
9- تعثرت البنوك التجارية في سداد الالتزامات الائتمانية لشركات الاستثمار.
10- تعثرت شركات الاستثمار عن الوفاء بالتزاماتها للشركات العالمية.
11- إعلان إفلاس بنك ليمان برذرز سبتمبر 2008 وبدء الأزمة المالية العالمية.
الخاتمة:
أظن أن الجشع المالي، وتواطؤ المؤسسات الرقابية مع المؤسسات المالية، وتطفل القرارات السياسية على القرارات الاقتصادية والثقة المفرطة من المؤسسات المالية العالمية في المؤسسات الأمريكية هو الذي أدى بكرة الثلج أن تنمو وتتحول إلى أزمة اقتصادية خسر الأفراد البسطاء على أثرها أموالاً كثيرة، ووصل مداها إلى الكويت بإعلان شركات استثمارية كثيرة إفلاسها أو أغلاقها، بالإضافة إلى انهيار محافظ، وتعثر صناديق، أدت بالتبعية إلى الإضرار بالمستثمرين الصغار.