مقالات

تاريخ وأسباب عمليات الدمج والاستحواذ في القطاع المصرفي الإسلامي الكويتي

تاريخ عمليات الدمج والاستحواذ في القطاع المصرفي الإسلامي يشكل جزءًا مهمًا من تطور الصناعة، حيث لعبت هذه الأنشطة دورًا حاسمًا في تعزيز التوسع والتوحيد. وفيما يلي نظرة عامة:

السياق التاريخي ونمو الصيرفة الإسلامية

الظهور والتوسع:

نشأت البنوك كما يعرفها العالم اليوم في سياق مغاير للسياق الإسلامي، واستندت إلى مرجعياتها الخاصة، ولذلك لم تحظ معاملاتها بالقبول التام في الأوساط المسلمة، وظلت الحاجة ماسة إلى مؤسسات مالية تقدم الحلول والخدمات المصرفية مع مراعات الاعتبارات والأحكام والمبادئ التي جاءت بها الشريعة الغراء.  فبينما كانت الآيات القرآنية واضحة وصريحة في وضع وتشريع الأسس التي ينبغي اتباعها في المعاملات المالية استنبط الفقهاء المسلمون أحكام المعاملات المالية السائدة في كل زمن. لن نذهب بعيدا بالتاريخ ونبدأ بالقرن العشرين حيث بدأت الصيرفة الإسلامية في الستينيات.  بدأت تجربة البنوك الإسلامية عام 1963 في مصر عندما قام الدكتور أحمد النجار بتأسيس بنك الادخار المحلي، الذي يعد أول بنك في العالم يعتمد على ضوابط الشريعة الإسلامية، ولكن هذه التجربة استمرت 3 سنوات فحسب، ولم تستمر طويلًا. وبعد ذلك شهدت الصناعة نموًا سريعًا في السبعينيات والثمانينيات، خصوصًا في الشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا، مدفوعةً بازدهار النفط وزيادة الطلب على المنتجات المالية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية.  فشهدت حقبة السبيعنات من القرن العشرين انطلاق المؤسسات المالية الإسلامية وكان بيت التمويل الكويتي (بيتك) من الرواد الأوائل، حيث أنشئ في عام 1977  برغبة سامية من المغفور له بإذن الله أمير دولة الكويت الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح.

عمليات الدمج والاستحواذ في الصيرفة الإسلامية في الكويت.

دوافع الدمج:

من الناحية المالية، تسعى البنوك الإسلامية، مثل نظيراتها التقليدية، إلي زيادة حجم الأصول والأعمال والقاعدة الرأسمالية مما يحقق وفورات متوقعة في معدل تكلفة الأموال، وزيادة القدرة التمويلية للمشاريع الكبرى والعابرة للقارات، إضافة الى ترشيد المصاريف وتدعيم الملاءة والقدرة على التوسع والنمو والدخول إلى دول جديدة، فضلا عن تحقيق تدفقات ربحية متعددة من نوافذ ووحدات المجموعة الجديدة التي تهدف إلي الانتشار في أسواق مهمة حول العالم وهو ما يعتبر توجُّه سليم بشكل عام لتعظيم الأرباح وتقليل النفقات وخلق قيمة مضافة للمساهمين. ولا تتحقق الأرباح المستهدفة إلا في حال كانت قدرة إدارة البنك وكفاءتها بعد الاستحواذ أفضل إدارة في البنكين قبل الاستحواذ.  بالإضافة إلى أن صغر حجم البنوك الإسلامية يعرضها للمزيد من الأضرار ويضطرها للبحث عن طرق مختلفة تمكنها من الصمود والبقاء، وذلك مقابل ضخامة حجم البنوك التقليدية والتي تغطي أصولها الأصول المجمعة لكافة البنوك الإسلامية في دول مجلس التعاون الخليجي.  وفي ضوء ذلك، فإن عمليات الدمج والاستحواذ في الصيرفة الإسلامية باتت مطلبا ضروريا لأنها لا تتنافس مع البنوك الإسلامية الأخرى في المنطقة فحسب، بل أيضا مع عمالقة البنوك التقليدية.

  التوسع في الأسواق:

 تمكن عمليات الدمج البنوك الإسلامية من دخول أسواق جديدة، خصوصًا في المناطق التي تشهد نموًا في عدد السكان المسلمين أو الطلب على المنتجات المتوافقة مع الشريعة.  علي سبيل المثل، أدي استحواذ بيت التمويل الكويتي (بيتك) على البنك الأهلي المتحد في البحرين إلى أنه أصبح متواجد في 12 دولة، ولديه شبكة أعمال دولية ضخمة تبلغ نحو 640 فرعًا، ويعتبر أول بنك إسلامي في ألمانيا، وأول بنك إسلامي مرخّص بموجب قانون المصارف في ماليزيا، وثاني أكبر مموّل إسلامي في تركيا، وأعماله منتشرة عبر آسيا، والشرق الأوسط، وأوروبا ويمتلك حضورا أقوى محليًا وإقليميًا وعالميًا مما ساهم في تحقيق «بيتك» صافي إيرادات تمويل بلغ 965.9 مليون دينار، بزيادة بلغت 20.7%، وبالنسبة إلى إجمالي إيرادات التشغيل فقد بلغ 945.4 مليونا، بزيادة 30.7%، أما الأرباح الصافية للمساهمين فكانت 584.5 مليونا، بزيادة ضخمة بلغت 63.4% لسنة 2023 ويعتبر مثال نادر على صفقة عابرة للحدود داخل دول مجلس التعاون الخليجي.

  الضغط التنظيمي:

تعمل البنوك الإسلامية تحت إطار تنظيمي مزدوج، تلتزم بالقوانين المالية التقليدية وكذلك الشريعة الإسلامية. وقد أثر هذا التداخل على وتيرة وطبيعة أنشطة الدمج والاستحواذ. في بعض الحالات، يشجع المنظمون أو يفرضون عمليات الدمج أو الاستحواذ لتعزيز استقرار القطاع المالي.  وعديد من دول مجلس التعاون الخليجي يضع اندماج أو استحواذ البنوك في صميم رؤاه الاقتصادية، فمثلما تضغط الحكومات لتكون لديها شركات رائدة منافسة، تتزايد الضغوط على البنوك الخليجية لحجز مكانة تنافسية في السوق، والاستحواذ على حصص سوقية أكبر.

المواءمة الاستراتيجية:

يمكن أن تسهل عمليات الدمج والاستحواذ المواءمة بين عروض المنتجات، وقواعد العملاء، والقدرات التكنولوجية، مما يمكن البنوك الإسلامية من المنافسة بفعالية أكبر على الصعيد العالمي.  فبالإضافة إلى تغيير اللوائح التنظيمية، فإن التغيير في سلوك المستهلك والديموغرافيات المختلفة، سيجعل المشهد الجديد للاندماج والاستحواذ باقيا في المنطقة بقوة، كما ستبقى آثاره بعيدة المدى على المستويين التشغيلي والاستراتيجي محليا وإقليميا وعالميا.  وعلي سبيل المثال، أعلن بيت التمويل الكويتي (بيتك)، في تاريخ 31 يوليو 2024، أنه قرر الخروج الاختياري من السوق الماليزي، وتصفية وحدته التابعة هناك، (بيتك ـ ماليزيا) وذالك بما يتماشى مع استراتيجية الأعمال الدولية لمجموعة بيتك وذلك للتركيز والتوسع في الأسواق الإقليمية الخليجية والشرق الأوسط. ويقوم بيتك حاليا بإجراء دراسات متأنية للفرص المتاحة للتوسع في الخليج وغيرها في إطار استراتيجية بيتك التي تتضمن الاستثمار في بنوك أخرى في المنطقة سواء في الخليج أو الدول الشرق أوسطية. ومثال أخر هو بنك الشارقة الإسلامي والبنك العربي المتحد (2017) حيث أٌلغيت عملية الدمج المقترحة بين بنك الشارقة الإسلامي والبنك العربي المتحد بسبب الاختلافات في الأهداف الاستراتيجية والمخاوف من تحديات التكامل.

عمليات دمج بارزة للبنوك الإسلامية في دولة الكويت:

بنك الكويت الوطني (NBK)و بوبيان2009 :  تاريخياً أسس بنك بوبيان عام 2004 وبدأ ممارسة أنشطته فعلياً العام التالي وسط ارتفاع حدة المنافسة وقتها، ثم جاءت الأزمة المالية العالمية في 2008 لتلقي بظلالها على مختلف القطاعات الاقتصادية في الكويت لاسيما القطاعين المصرفي والمالي. وبحلول عام 2009، استحوذ بنك الكويت الوطني على حصة مؤثرة في بنك بوبيان- استمر بعد ذلك في زيادة نسب ملكيته لتصل حالياً إلى 60% تقريبا.

  بيت التمويل الكويتي والبنك الأهلي المتحد (2020): استحوذ بيت التمويل الكويتي (KFH) على البنك الأهلي المتحد في البحرين في صفقة بلغت قيمتها أكثر من 8 مليارات دولار. وخلق هذا الدمج أحد أكبر البنوك الإسلامية في المنطقة وكان خطوة هامة في جهود التوحيد الإقليمية.

نجاحات في عمليات دمج البنوك الإسلامية:

زيادة الحصة السوقية:

مكنت عمليات الدمج الناجحة البنوك الإسلامية من زيادة حصتها السوقية، سواء على الصعيد المحلي أو الدولي. ويتيح إنشاء كيانات أكبر موارد أكبر لتطوير منتجات وخدمات جديدة.  فخلال كلمته في افتتاح اللقاء السنوي في شهر مارس الماضي، أكد رئيس مجلس الإدارة حمد المرزوق أن الهدف الاستراتيجي لـ «بيتك» خلال السنوات العشر المقبلة هو العمل بكل جهد ممكن لدخول قائمة أكبر 100 بنك في العالم، مشيرا إلى أن الاستحواذ ثم الدمج مع البنك الاهلي المتحد مثّل انطلاقة جديدة للعالمية، ومرحلة نمو متطورة ونقلة تاريخية مهمة في مسيرة «بيتك» جعلت منه أكبر بنك في الكويت، وثاني أكبر بنك إسلامي في العالم من حيث الأصول. مشيرا إلى أن عملية الاستحواذ والدمج جاءت متوافقة ومنسجمة مع خطة الكويت 2035، الرامية إلى جعل الكويت مركزا ماليا مرموقا في المنطقة والعالم. ومن أهم نتائج دمج البنكين هو أنها تعتبر خطوة أساسية ومهمة لتطوير صناعة البنوك الإسلامية بقيادة «بيتك»، بالإضافة إلى أن دولة الكويت أصبحت مقرًا لأكبر وأفضل بنك إسلامي في العالم، ونقطة تحوّل تاريخية في استراتيجية «بيتك»، ومنصة انطلاق تمهّد لنموه وتطوره عالميا، وأصبح «بيتك» اليوم قادرا بشكل أفضل على تحقيق معدلات نمو كبيرة في المستقبل بعد تبنّيه لسياسات توسعية، حيث إن وجود كيان مصرفي ضخم متوافق مع أحكام الشريعة يعد أمراً استراتيجيا مهما خصوصاً أن المصارف الإسلامية عمرها لا يتعدى 6 عقود فقط، في مقابل المصارف التقليدية التي يبلغ عمرها 6 قرون.

  تعزيز الاستقرار:

غالبًا ما أسفرت عمليات الدمج عن مؤسسات مالية أكثر قوة، قادرة على تحمل تقلبات الاقتصاد. فبنهاية عام 2009، كانت الخسائر الصافية لبنك بوبيان خلال سنة من تداعيات الأزمة المالية العالمية، وعدم قدرة إدارة البنك السابقة على تجنبها، تعادل 48.3 مليون دينار. أي ما يفوق نسبة الـ 40% من رأسمال البنك البالغ 116.5 مليون دينار آنذاك. وبلغت القيمة الدفترية للسهم 76 فلسا. بعد خمسة عشر سنة، وبفضل استحواذ بنك الكويت الوطني على بنك بوبيان وتغيير إدارته، أعلن بنك بوبيان نتائجه المالية لفترة النصف الأول من العام الحالي حيث جاء في المرتبة الثالثة بقيمة 121.44 مليون دينار وبنسبة نمو 11%، مقارنة بـ 109.17 ملايين دينار في الفترة المقارنة من 2023 كما يعتبر نمو أرباح بنك بوبيان المستمر من أهم أسباب استمرار نمو أرباح البنك الوطني.

التوسع عبر الحدود:

 ساعدت عمليات الدمج على التوسع عبر الحدود، مما مكن البنوك الإسلامية من الوصول إلى أسواق جديدة وتنويع محافظها. يُعد دمج بيت التمويل الكويتي والبنك الأهلي المتحد مثالًا على النجاح في التكامل عبر الحدود.  كذلك رحلة بوبيان وخطواته التوسعية الخارجية من خلال استحواذه على بنك لندن والشرق الأوسط الذي يمتلك فيه حالياً 71% من الأسهم ومن ثم إعلان بنك بوبيان انطلاق أعمال علامته التجارية الجديدة Nomo Bank بالكامل في الكويت والمملكة المتحدة كأول بنك رقمي إسلامي عالمي من لندن لديه القدرة على تقديم خدماته للجميع سواء من عملاء بوبيان أو غيرهم.

إخفاقات وتحديات:

مقاومة السوق أو المساهمين:

 في بعض الحالات، قاوم العملاء والمساهمون عمليات الدمج بسبب المخاوف من انخفاض جودة الخدمات أو القلق بشأن التوافق مع الشريعة بعد الدمج.  فبالبداية، لم يتحقق استحواذ بنك الكويت الوطني على بنك بوبيان بسبب مقاومة المساهمين، الذين كانوا قلقين بشأن الحفاظ على الهوية الإسلامية والامتثال للشريعة لبنك بوبيان.  ولكن، بعد نجاح العملية أصبحت قصة نجاح بنك بوبيان والتركيز على خدمة العملاء جدا رائعة. حيث جني البنك ثمار التركيز على الخدمة وحصل بشكلٍ مستمر على أعلى مستويات رضا العملاء في الكويت وحصل على جائزة أفضل بنك إسلامي في خدمة العملاء من سيرفس هيرو على مدار 12 عاماً.  واستطاع أن يجذب شريحة عملاء الكويتيين الليبراليين والتي كانت النسبة حسب دراسة أولية للبنك في ذلك الوقت بحوالي ما بين 10 – 15%،  حيث كانت هذه الشريحة تتجنب لحد ما البنوك الإسلامية، بينما هناك نسبة مماثلة تتعامل فقط مع البنوك الإسلامية، أما النسبة المتبقية وهي المتحفظة لحد ما فهم على استعداد للتعامل مع البنوك الإسلامية بكل تأكيد، ولكن ليس على حساب الخدمات والمنتجات والابتكار. فبعد سنوات معدودة نجح بنك بوبيان بتحقيق نمو ثنائي الرقم في كل سنة على مستوى العديد من المؤشرات المالية المهمة، فيعتبر بنك بوبيان ثاني أكبر عدد للعملاء الكويتيين، وتطور من أصغر بنك في الكويت ليصبح ثالث البنوك الكويتية، وأصبح قوة كبيرة تنافس في القطاع المصرفي الكويتي. وبعد 15 عاماً من مرحلة التغيير لبوبيان أصبح مجموعة تضم ثلاثة بنوك هي بوبيان ولندن والشرق الأوسط والبنك الرقمي Nomo bank  وشركتان للتأمين التكافلي والاستثمار وشركة للخدمات.

التكامل الثقافي والتشغيلي:

يُعد تكامل الثقافات المؤسسية (Organizational Culture) والممارسات الإدارية المختلفة والأنظمة التشغيلية أحد التحديات الرئيسية في عمليات دمج البنوك الإسلامية. يمكن أن يؤدي عدم التوافق في الثقافة المؤسسية إلى عدم الكفاءة، واستياء الموظفين، وفي النهاية، فشل تحقيق التآزر المطلوب والفشل في التكامل الفعال إلى عدم كفاءة تشغيلية وفقدان ثقة العملاء. ولذلك حرص بيت التّمويل الكويتي “بيتك” علي هذه النقطة حيث أعلن عن تواجد فريق من الموظّفين في تركيا للعمل ضمن فروع (بيتك – تركيا) خلال العطلة الصّيفيّة لخدمة العملاء والزوّار والرّد على جميع استفساراتهم خلال تواجدهم في تركيا. وتم اختيار الموظّفين وفق معايير معيّنة، ووضع خطّة عمل شاملة لخدمة العملاء بأفضل طريقة ممكنة. وتأتي هذه المبادرة للعام الثّالث على التوالي تعزيزاً لريادة “بيتك” في خدمة العملاء، ولخدمة الشريحة الكبيرة من العملاء الذين يقضون إجازة الصّيف في تركيا بمختلف المناطق، بالإضافة إلى العملاء أصحاب العقارات والاستثمارات الذين يزورون تركيا طوال العام ولديهم حسابات في “بيتك- تركيا”.  وبلغ عدد الموظّفين المتواجدين في تركيا لهذا العام 13 موظفاً موزّعين على 13 فرعاً في 7 مناطق مختلفة وهي (اسطنبول – بورصة – ازميت – صبنجة – كوشاداسي – طرابزون – بودروم). وسيستمر الفريق في خدمة العملاء حتى نهاية أغسطس من العام الجاري.

  العقبات التنظيمية وأطر الإلتزام والإمتثال:

يمكن أن يكون التنقل عبر الأطر التنظيمية لمختلف الدول معقدًا، خصوصًا عند دمج بنوك من دول مختلفة ذات متطلبات تنظيمية مختلفة. غالبًا ما تعمل البنوك الإسلامية في بيئات تنظيمية معقدة تختلف بشكل كبير عن تلك الخاصة بالبنوك التقليدية. قد تواجه عمليات الدمج التي تشمل كيانات عبر الحدود تحديات إضافية نظرًا لاختلاف الأطر التنظيمية، ومعايير الامتثال للشريعة، والأنظمة القانونية.

الدروس المستفادة:

أهمية الملاءمة الاستراتيجية: يتطلب نجاح عمليات الدمج والاستحواذ في الصيرفة الإسلامية دراسة دقيقة للملاءمة الاستراتيجية بين الكيانات المدمجة. يشمل ذلك مواءمة نماذج الأعمال، وعروض المنتجات، وقواعد العملاء.

الحاجة إلى خطط تكامل قوية: يعتمد نجاح الدمج على وجود خطط تكامل فعالة تعالج التحديات الثقافية، التشغيلية، والتنظيمية. بدون استراتيجية تكامل قوية، حتى عمليات الدمج الواعدة قد تفشل.

المواءمة التنظيمية: يعد ضمان امتثال الكيان المدمج لجميع المتطلبات التنظيمية والشريعة ذات الصلة أمرًا بالغ الأهمية. هذا مهم بشكل خاص في عمليات الدمج عبر الحدود، حيث قد تختلف البيئات التنظيمية بشكل كبير.

الخاتمة:

عكست عمليات الدمج والاستحواذ في الصيرفة الإسلامية مزيجًا من النجاحات والتحديات. فبينما مكّنت البنوك من النمو، والتوسع، وتحقيق الاستقرار الأكبر، إلا أنها تأتي أيضًا بمخاطر مرتبطة بالتكامل والامتثال التنظيمي. فهناك أيضًا تحديات وإخفاقات تسلط الضوء على تعقيدات دمج المؤسسات داخل هذا النظام المالي الفريد. في المستقبل، من المرجح أن يعتمد نجاح عمليات الدمج والاستحواذ في الصيرفة الإسلامية على التخطيط الدقيق، والملاءمة الاستراتيجية، والقدرة على التنقل في البيئة التنظيمية والثقافية الفريدة للصناعة.  تشير التوجاهات الحالية إلى أن البنوك الإسلامية ستواصل السعي وراء أنشطة الدمج والاستحواذ لتعزيز قدرتها التنافسية على الصعيد العالمي وتلبية الطلب المتزايد على الخدمات المالية المتوافقة مع الشريعة. ومن المتوقع أن يشهد القطاع المصرفي في دول مجلس التعاون الخليجي جولة جديدة من عمليات الاندماج والاستحواذ خصوصا توجه الأنظار إلى البحرين، التي تضم 20.5 بنك لكل مليون شخص وذلك إلى مكانتها التاريخية كمركز مالي في المنطقة، وهو الدور الذي استحوذت عليه دبي وأبوظبي الآن.  ووصلنا الي مرحلة من أن الإشاعة باتت أكثر من ذي قبل بسبب أن الضغط المستمر يشجع البنوك على عمليات الاستحواذ وأن السباق لإيجاد شركاء اندماج محتدم.  ومنذ وقت قريب، وفي الإفصاح لبيت التمويل الكويتي (بيتك) أعلن البنك أنه يقوم بإجراء دراسات متأنية للفرص المتاحة للتوسع في السعودية وأن تلك الدراسات وغيرها في إطار استراتيجية بيتك التي تتضمن الاستثمار في بنوك أخرى في المنطقة، ومن ضمنها السعودية. فتم الإفصاح بعد ما وردت أنباء عن محادثات أولية لبيت التمويل الكويتي (بيتك) أنه يستكشف فرص التوسع في أسواق الخليج من خلال دراسة الاستحواذ على حصة كبيرة في البنك السعودي للاستثمار. وفي حين لم يتم إحراز أي تقدم في المحادثات فإنه من غير المرجح أن تكون آخر محاولات الاندماج والاستحواذ الصادرة في المنطقة.  أعقاب ذلك تأتي الجولة الجديدة من عمليات الدمج والاستحواذ بعد إعلان بنك الخليج وبوبيان عن نية الدمج، حيث وافق مجلسا إدارة البنكين على المقترح، وأصدرا تعليماتهما للبدء في دراسة الجدوى وصولاً إلى كيان موحّد يتجاوز حجم أصوله الـ 50 مليار دولار.

بدر الخرافي وقتيبة الغانم

عدنان البدر

باحث ومستشار استراتيجي في سياسة الموارد بشرية وبيئة العمل ورئيس ومؤسس الجمعية الكندية الكويتية للصداقة والأعمال.

ckbafa@gmail.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى