منوعات

من جرب المجرب حلت به الندامة

شركات الموز والفاكهة وتعيين الحلفاء

  •  سلسلة قصص وروايات خيالية غير واقعية

       لأهداف توعوية … يكتبها عادل العادل:

في كتابه يحكي أوليفر هنري، كيف أن شركات الفاكهة الأميركية كانت تمارس نفوذاً غير عادي على سياسات إحدى جمهوريات الموز، والتي بدأت نشأتها في نهاية القرن التاسع عشر، حينما سئم الأميركيون من محاولة زراعة الفاكهة في بلدهم البارد، فانتقلت شركات الفاكهة الأميركية العملاقة إلى إحدى المناطق وشيدوا الطرق والموانئ والسكك الحديدية مقابل الأرض لزراعة الفاكهة التي تحتاج أجواء حارة، وخصوصاً الموز.


ثم قامت هذه الشركات بتنصيب حليف لهم، ففي جمهوريات الموز فقط يرفضون تعيين شخص ما موظفاً في هيئة رقابية، وفي اليوم التالي تجده وقد أصبح عضواً في مجلس إدارتها.

في تلك الجمهوريات أيضا يمكن أن يصبح ذات الشخص في يوم ما وزيراً، ولا غرابة في ذلك، ومن ثم يبدأ في الدوران على باقي الوزارات الواحدة تلو الأخرى.

رغم أن إنجازه صفر لكن أسهمه مرتفعة وعليه طلب كبير، فمهارات التسلق وإجادة فنون الوصولية هي رأس ماله الذي لا ينضب.

عندما تجيد الجمع بين المتناقضات في العلاقات، بأن تمسك العصا من المنتصف بين أصحاب الحروب والنزاعات والخلافات فقد تأتيك المكافأة من أي باب.

أنت تعمل هنا قيادي و”مطراش” هناك، مكرم هنا، ومهان هناك، تبصم هنا وتقبض من هناك، تحصل على الدعم من هنا وتخدم هناك، حتى إذا ما أوشكت السفينة على الغرق قفزت منها في اللحظة المناسبة بالضبط، فأي قربان قدمت؟ وكيف عرفت الموعد المضبوط للقفز من السفينة حتى يموت “ملفك” المشبوه ويندثر وتقفز على سفينة جديدة تقودها بيديك للغرق من جديد.

وها هو التاريخ يعيد نفسه، و”الموظف” المرفوض يحضر نفسه للانقضاض بلا تردد على فريسة جديدة تلوح له في الأفق، فسفينته التي يقودها حاليا تواجه الغرق كونها سفينة طفيلية بلا هوية ولا فائدة مرجوة منها.

 فهل يعود من جديد ليمارس هوايته ويدير بيديه دولاب الخصخصة بعد أن نجح بامتياز وبرع في مهمته الأولى، وسلم أهم مرفق لشركة الفاكهة التي أتت به ودعمته.

هل يأتي ويكرر تجربة سلفه وابن مهنته وزميل الكار الذي دار ودار؟ هل يكون حصان المرحلة وينقذ شركات الموز بخصخصة المزيد من المرافق أو منحهم المزيد من الأراضي لتتسع معارض الموز والفاكهة أكثر وأكثر؟

لا شك أنه جاهز ويمني النفس طبعاً بعد أن بات على حافة الهاوية ينتظر رصاصة الرحمة، لكن من الواضح أنه سيعود للواجهة بقوة مرة أخرى ليمارس هوايته.

فمن يعمل في الظلام ويتلون كالحرباء بوجوه متعددة، مع كل فريق بوجه وهوية حتماً خطره أكبر من نفعه، كونه يعلي مصلحته الشخصية على ما عداها، وكل همه عقد الصفقات كما كان يعدها ويحسبها، حتى ولو على حساب الغير، ومهما كان ثمن ذلك.

 تدوير نفس الوجوه وتكرار نفس الأشخاص والأخطاء رغم كل الملاحظات تعرقل التقدم وتعيق التطور وتكرس الإحباط وتغذي التنطع والتحلطم والشللية.

بالقطع هناك الأفضل والأكفأ والأوجه والأنظف والأحرص على سمعته وسمعة جمهوريته التي ذاع صيتها في ضرب الأمثال.

يقال أن التجربة خير برهان، ولا يلدغ المؤمن من جحر مرتين، والمؤمن كيس فطن، فهل يتم الاكتفاء بتجربة أضرت ولم تنفع؟ هل يتم منح الفرصة لأصحاب الكفاءة خصوصاً وأن من جرب المجرب حلت به الندامة.

حلف المنتفعين ينفخ في “جربته” ويمني النفس في عودته لأنه مطيع، يجهزون المزامير والأهازيج وحفلات الزار والطار للطرق عليه احتفاءً بعودة الحليف الذي ما أن غادر الميدان نشفت الآبار السائلة والقنوات الهادرة مصالح ومنافع.

لكن من أين تعلم فلربما يكون المنصب هذه المرة منصب النهاية كما كان بالنسبة للكثير ممن سبقوه.

فأهلاً بك هناك، كلما منحت وأعطيت أكثر ونفذت التعليمات بعناية وكنت أداة مطيعة كل أدواتهم ستهلل لك وترقص من حولك فرحاً.

 لكن أيها الحليف المدعوم من شركات الفاكهة، هل ستمنحهم المزيد من مغارة الأرض الجاهزة التي ستوضع على طبق من ذهب بتصرفك وتحت يدك، أم ستكتفي بما أهديتهم إياه برخص “الرمال”. ومكنتهم من مفصل غير متكرر.

ما أخطر شركات الموز والفاكهة وملاكها طبعاً… على أمثال الوصولي عندما يكون بدرجة مطراش.    

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى