تقارير الاستدامة أداة جذب للمستثمرين وامتيازات من الحكومات

كان أول من سلط الضوء على فكر الاستدامة الحديث هي اللجنة العالمية للبيئة والتنمية التابعة للأمم المتحدة والتي أنشئت بموجب قرار الجمعية العامة رقم 38/161 المؤرخ 19 ديسمبر 1983م، وجاء ذلك في تقريرها الصادر في عام 1987م تحت اسم تقرير بروندتلاند “مستقبلنا المشترك”. وشدد هذا التقرير على التنمية المستدامة ووضع الأساس لفكر الاستدامة الحديث.
وفي عام 1997م، تأسست المبادرة العالمية لإعداد التقارير (GRI)، والتي وضعت معايير كتابة التقارير الخاصة بالاستدامة. وفي عام 2011م، تأسس مجلس معايير محاسبة الاستدامة الذي وفر إفصاحات الاستدامة على مستوى قطاعات مختلفة حول المخاطر والفرص التي تؤثر على قيمة المؤسسة لعدد 77 قطاعًا.
وفي يونيو 2023م، أصدر المجلس الدولي لمعايير الاستدامة أول معيارين للإفصاح عن الاستدامة من معايير التقارير المالية الدولية. وفي 5 يناير 2023م، دخلت توجيهات إعداد التقارير المتعلقة بالاستدامة للشركات الصادرة عن المفوضية الأوروبية حيز التنفيذ، وتعمل على تحديث وتعزيز القواعد المتعلقة بالمعلومات الاجتماعية والبيئية التي يتعين على الشركات الإبلاغ عنها.
وفي 31 يوليو 2023م، صادقت المفوضية الأوروبية على المعايير الأوروبية لإعداد تقارير الاستدامة، والتي شملت مجموعة متكاملة من القضايا البيئية والاجتماعية والحوكمة، بما فيها تغير المناخ والتنوع البيولوجي وحقوق الإنسان.
وتسترشد الشركات في كتابة تقارير الاستدامة بمجموعة من المعايير أبرزها ما يلي:
- المبادرة العالمية لإعداد التقارير؛ والتي وضعت إطارًا عالميًا لإعداد تقارير الاستدامة.
- المجلس الدولي لمعايير الاستدامة، والذي طلطأأطلق المعيارين الدوليين للتقارير المالية بشأن الاستدامة رقم 1 و2 (IFRS S1 وIFRS S2).
- مشروع الإفصاح عن انبعاثات الكربون؛ وهو برنامج دولي للإفصاح عن المناخ للموردين والعلاقات التجارية.
- مجلس معايير محاسبة الاستدامة؛ والذي وضع إطار عمل كمي لمؤشرات الأداء الرئيسية للشركات.
- فرقة العمل المعنية بالإفصاحات المالية المتعلقة بالمناخ؛ والتي أنشأت إطار عمل لتقييم مخاطر المناخ والإفصاح.
- تصنيف “بي” الذي يُمنح من منظمة “بي لاب” العالمية.
- توجيهات الاتحاد الأوروبي لإعداد التقارير المتعلقة بالاستدامة للشركات.
- المعايير الأوروبية لإعداد تقارير الاستدامة.
تحث هيئات أسواق المال في دول العالم الشركات على توفير معلومات شفافة ودقيقة حول أداء تلك الشركات في مجال الاستدامة، حيث إن إعداد تقارير الاستدامة يساعد في بناء الثقة والسمعة المؤسسية والمساءلة، بينما تعمل أيضًا كمحفز للتغيير الإيجابي والابتكار، الأمر الذي يؤثر على السمعة الوطنية والإقليمية والعالمية للأسواق المالية وبالتالي يجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية.
ومن جانب آخر، تحرص بعض الحكومات في دول العالم على منح امتيازات استثنائية مثل الإعفاءات الضريبية إلى الشركات الملتزمة بتطبيق معايير الاستدامة في أنشطتها التجارية، وتراعي الإفصاح في هذه التقارير عن أدائها تجاه المسؤولية البيئية والاجتماعية والحوكمة، وهذا النهج يدعم الاستراتيجيات الوطنية لهذه الدول في تحقيق مفهوم الاستدامة.
وفي دولة الكويت، فقد أصدرت هيئة أسواق المال القرار رقم 136 لسنة 2022 بشأن مقتضيات التمويل المستدام، وذلك بتعديل بعض مواد اللائحة التنفيذية لهيئة أسواق المال بما يحقق مفهوم الاستدامة في الشركات.
وتطبيقًا لقرار هيئة أسواق المال، فقد أصدرت بورصة الكويت الدليل الإرشادي لإعداد تقارير الحوكمة والمسؤولية الاجتماعية والبيئية.
وقد أوجزت اللائحة التنفيذية لهيئة أسواق المال أهم مواصفات تقرير الاستدامة، والذي يجب أن يتضمن معلومات واضحة ودقيقة وأن يتناول أهم المواضيع ذات الأثر البيئي والاجتماعي والاقتصادي..
إن تقارير الاستدامة تعود بفوائد عديدة على الشركات المدرجة، ويمكن تلخيصها فيما يلي:
- تعزيز قدرة الشركات على جذب المستثمرين المحليين والأجانب.
- زيادة الربحية والقدرة التنافسية، حيث تشير الأدلة أن الأداء القوي للشركات من حيث الاستدامة يرتبط بتحسين تكلفة رأس المال والأداء المالي والحصول على رؤوس أموال جديدة للشركات.
- إدارة المخاطر وذلك من خلال تمكين مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية من تدقيق الفرص والمخاطر المرتبطة بالحوكمة والمسؤولية الاجتماعية والبيئية.
- تعزيز سمعة الشركة من خلال الارتقاء بصورتها لدى أصحاب المصلحة.
- التأكد من تزويد أصحاب المصالح الرئيسيين للشركة بالمعلومات التي تلزمهم لاتخاذ قرارات مستنيرة حول قدرة الشركة على خلق القيمة على المدى القصير والمتوسط والطويل.
جدير بالذكر أن بيكر تلي الكويت أحد أعضاء شبكة بيكر تلي العالمية، ولديها من القدرات والكوادر الفنية المتخصصة في إعداد تقارير الاستدامة وما تشمله من أبعاد بيئية واجتماعية وحوكمة، وذلك وفق المعايير الدولية والمنهجيات العالمية المعتمدة في إعداد تقارير الاستدامة، وبما يحقق متطلبات الالتزام الرقابي في دولة الكويت.