الهارون: القطاع المصرفي الكويتي الأعلى على مستوى المنطقة في تغطية القروض غير المنتظمة
تقرير الاستقرار المالي لعام 2023

- واثقون من حفاظ الاقتصاد الكويتي على حصانته والائتمان المحلي سيواصل نموه
- البنوك قادرة على مواجهة حالات التعثر دون تأثر ربحيتها
- الخسائر التشغيلية في البنوك محدودة جدا ولا تشكل سوى 0,2%
- الأرباح العائدة للمساهمين ارتفعت 26% عند 1,5 مليار دينار
- البنك المركزي يؤهل القطاع المالي للصمود في وجه كافة المخاطر والتحديات
- هدفنا بناء قطاعات مالية تخدم الاقتصاد الكويتي وقادرة على استيعاب الصدمات
- 110,4 مليار دينار قيمة أصول القطاع المصرفي بنمو 3،1%
- محفظة القروض في البنوك بلغت 69,2 مليار دينار بنهاية 2023
- 64,2% قروض ممنوحة للمستفيدين بالدينار الكويتي
- القروض المقدمة للشركات الخليجية بلغت 14,4% وتركزت في السعودية والإمارات
- نمو ودائع القطاع المصرفي بنسبة 4,4% إلى 73,5 مليار دينار
- ارتفاع الودائع الأجنبية بشكل ملحوظ وبلغت 32,5%
- ودائع القطاع الخاص في البنوك 56,5% من الإجمالي
- القروض غير المنتظمة استقرت عند أدنى مستوى بنسبة 1,4%
- معدلات تغطية القروض غير المنتظمة في البنوك بلغت 312%
أصدر بنك الكويت المركزي تقرير الاستقرار المالي لعام 2023، وبهذه المناسبة قال محافظ البنك المركزي، باسل الهارون في كلمة له “واصلت الاقتصادات العالمية مواجهة الكثير من التحديات على مدار عام 2023 قد يكون أبرزها حربها على التضخم، ورغم رغبات صناع السياسات في رؤية تراجع ملموس لمعدلات التضخم العالية دون أي كلفة على الناتج الحقيقي ومعدلات البطالة، فقد ترافقت جهودهم تلك مع موجة من الاضطرابات في القطاع المصرفي الأمريكي والأوروبي.
وفي ظل هذه الظروف، كان على بنك الكويت المركزي أن يجابه تحديات عديدة في سبيل الحد من آثار الاضطرابات العالمية والإقليمية على الاقتصاد الوطني، ويمكن القول إن جهود البنك المركزي وسياساته الحصيفة الرامية لترسيخ الاستقرار النقدي والاستقرار المالي قد آتت ثمارها، ولا سيما تلك الرامية إلى تحصين الجهاز المصرفي الكويتي إزاء الاضطرابات المصرفية العالمية وسواها من المخاطر. وهذا ما سوف يعرضه التقرير الثاني عشر لعام 2023 من سلسلة تقارير الاستقرار المالي، حيث يعرض دور بنك الكويت المركزي في المحافظة على الاستقرار المالي وأهم تطورات النظام المالي في دولة الكويت، ويبين كيف قادت جهود بنك الكويت المركزي القطاع المصرفي الكويتي لتخطي الظروف الضاغطة من موقع قوة ومدى قدرة القطاع على مواجهة التحديات القادمة، وذلك ضمن حرص بنك الكويت المركزي على ترسيخ مبدأ الشفافية والإفصاح العام.
ويشتمل هذا التقرير على تحليل التطورات الاقتصادية العالمية والمحلية، وعرض للمؤشرات الاقتصادية الرئيسية مع نظرة عامة على أداء الأسواق الرئيسية، ولمحة عامة حول النظام المالي الكويتي مع تسليط الضوء على خصائص النظام والتطورات الرئيسية للبنوك المحلية على مدار العام. كما سوف يتناول المخاطر التي يواجهها القطاع المصرفي، وعلى وجه التحديد، مخاطر الائتمان ومخاطر السيولة ومخاطر السوق والمخاطر التشغيلية من جوانب وزوايا متعددة. كما سيتطرق إلى متانة أوضاع البنوك المحلية عبر تقديم تقييم شامل لربحية القطاع المصرفي وملاءته المالية، مع عرض للبنية التحتية للنظام المالي من حيث نظم الدفع والتسوية.
وقال الهارون أن بنك الكويت المركزي يسعى دائمًا لضمان جاهزية القطاع المالي في دولة الكويت وقدرته على الصمود في وجه مجموعة واسعة من المخاطر والتحديات التي يواجهها، بحيث يكون هذا القطاع قادرًا على امتصاص الصدمات وخدمة الاقتصاد الكويتي بكافة قطاعاته.
وجاء في تفاصيل التقرير الذي أصدره البنك المركزي أمس، أن عام 2023 شهد استمرار سياسات التشديد النقدي من قبل العديد من البنوك المركزية العالمية لمجابهة الارتفاع غير المسبوق في معدلات التضخم، الذي رافقه موجة من الإخفاقات شهدها القطاع المصرفي في الربع الأول من السنة وأدت إلى انهيار عدد من البنوك في عدد من الدول، بداية من الولايات المتحدة، ثم ما لبثت أن انتقلت إلى أجزاء أخرى من العالم وصولا إلى انهيار بنك “كريدي سويس”، وهو أحد البنوك ذات الأهمية النظامية العالمية. وبالتوازي مع الاضطرابات المصرفية العالمية، تفاقمت التوترات الجيوسياسية في الإقليم بسبب التطورات في قطاع غزة، لترتفع بذلك حدتها المتواصلة والتي بدأت في أوروبا منذ فبراير 2022 على خلفية الحرب الروسية الأوكرانية. وعلى الرغم من هذه التطورات إلا أن أسواق الأسهم قد تخطت حالة التشاؤم التي سادت سابقا، وذلك بفضل بداية انحسار التضخم العالمي من الذروة التي بلغها في عام 2022، مما رفع حماس المستثمرين مع تنامي الآمال بعودة مبكرة عن سياسة التشديد النقدي.
أما على المستوى المحلي فقد تمتع الاقتصاد بدرجة من الحصانة إزاء الاضطرابات المصرفية العالمية بفضل سياسات بنك الكويت المركزي الحصيفة ولا سيما في مجال السياسة النقدية، حيث تبنى البنك نهجا متدرجا ومتوازنا في تحريك سعر الخصم. كما قادت رقابة بنك الكويت المركزي اللصيقة على القطاع المصرفي إلى مواصلة القطاع لأداء مهامه ودوره على النحو المعهود، دون تأثر بالاضطرابات المصرفية العالمية، وذلك بفضل قوة ومتانة وحدات الجهاز المصرفي على النحو الذي تعكسه مؤشرات السلامة المالية، من حيث كفاية رأس المال وجودة الأصول ووفرة السيولة والربحية. مع ذلك واجه الاقتصاد الكويتي صدمة مزدوجة بسبب انخفاض أسعار النفط من جانب وانخفاض الإنتاج من الجانب الآخر، مما تسبب مجددا في عجز بالموازنة العامة للدولة، معيدا الضغوط على سيولة صندوق الاحتياطي العام لتمويل ذلك العجز. ونتيجة لذلك تشير التقديرات إلى أن الاقتصاد سوف يشهد معدل نمو سالب، مع تباطؤ في نمو الائتمان بفعل ذلك.
في ظل ما سبق، توضح الفقرات التالية النقاط الرئيسية من تقرير الاستقرار المالي لهذا العام.
التطورات الاقتصادية العالمية والمحلية
- التطورات العالمية
شهد النمو الاقتصادي العالمي خلال عام 2023 تباطؤا محدودا وذلك تماشيا مع العام السابق، حيث أشارت تقديرات صندوق النقد الدولي إلى أن النمو العالمي بلغ%3.2 مقابل 3.5 % في العام السابق، وذلك نتيجة للبيئة النقدية التشددية وزيادة التجزؤ (Fragmentation) في الاقتصاد العالمي والمخاطر الجيوسياسية، فضلا عن الآثار الطويلة المدى لجائحة فايروس كورونا. ومن ناحية أخرى، فقد أظهر معظم أسواق الأسهم العالمية أداء قويا خلال العام متمثلا بارتفاع المؤشرات الرئيسية نتيجة تحسن ثقة المستثمرين في ظل التوقعات ببلوغ التضخم وأسعار الفائدة ذروتهما. أما فيما يخص أسواق النفط، فقد شهدت استقرارا خلال عام 2023 مقارنة بالتقلبات التي أظهرتها في العام السابق.
- التطورات المحلية
شهد الناتج المحلي الإجمالي لدولة الكويت في عام 2023 تراجعا بنحو 3,6% نتيجة تراجع أسعار النفط، وشهد الاقتصاد المحلي اعتدالا في معدلات التضخم، حيث تراجع مؤشر أسعار المستهلك ليبلغ 3.4 % في مقابل 4,0% في العام السابق، متأثرا في جزء منه بارتفاع أسعار الفائدة المحلية التي تم رفعها مرتين خلال السنة ليبلغ سعر الخصم 4.25 % في نهاية العام مقابل %3.5 في العام السابق. وبالنسبة لسعر صرف الدينار الكويتي، فقد حافظ على استقراره النسبي المعهود خلال العام بفضل السياسة النقدية المتبعة، حيث استفادت العملة الوطنية من نظام سعر الصرف القائم على ربط سعر صرف الدينار بسلة موزونة من عملات أهم الشركاء التجاريين والماليين لدولة الكويت. هذا، وقد عاد العجز المالي في الحساب الختامي للسنة المالية 2024/2023 ليبلغ 3.2% من الناتج المحلي الإجمالي المتوقع مقارنة بفائض بلغت نسبته 12% في العام السابق وذلك في ظل انخفاض إنتاج النفط وأسعاره. وفيما يخص سوق الأوراق المالية، فقد تراجع أدا ء الأسهم الكويتية خلال عام 2023 في ظل تراجع أسعار النفط وزيادة التوترات الجيوسياسية، مما ترتب عليه تراجع مؤشر السوق العام لجميع الأسهم بنسبة 6.5%.
في موازاة ذلك، انخفض إجمالي القيمة السوقية لبورصة الكويت بمقدار 13.8%، أي ما يعادل 6.5 مليار دينار خلال عام 2023 لتصل إلى 40.3 مليار دينار، وذلك نتيجة لإلغاء إدراج أحد البنوك في سوق الأوراق المالية المحلية خلال 2023 بعد أن اكتملت عملية الاستحواذ عليه والتي بدأت في عام 2022. ومن حيث نشاط السوق، فقد شهد حجم التداول تراجعا ملحوظا خلال العام انعكس على كافة القطاعات بنسب مختلفة، بالإضافة إلى تراجع قيمة الأسهم المتداولة لتبلغ 10.4 مليار دينار مقابل 14.7 مليار دينار في العام السابق. أما من ناحية قطاع العقار، فقد شهد تباطؤا في الأداء خلال العام، حيث تراجعت قيمة الصفقات العقارية وعددها الإجمالي في ظل ارتفاع أسعار الفائدة محليا بشكل تدريجي منذ بداية عام 2022، حيث تراجعت قيمة الصفقات بنحو 28% عن العام السابق لتبلغ 2.74 مليار دينار، والذي يعد أقل من متوسط السنوات الخمس الماضية. بالإضافة إلى ذلك، تراجع النمو في أسعار العقارات السكنية، حيث بلغ متوسط معدل نمو الأسعار للمحافظات الست مجتمعة نحو 3.5 % (16% في 2022 ) وذلك نتيجة لتباطؤ أداء سوق العقار المذكور أعلاه. ومع ذلك استمر قطاع العقار السكني بالتراجع في حصته من الإجمالي في العام الحالي لتبلغ 47 % مقابل 50 % في العام السابق، إلا أنه لا يزال يستحوذ على الحصة الأكبر من إجمالي القيمة المتداولة، ويعود ذلك إلى تراجع عدد الصفقات للعقارات السكنية خلال العام لتصل إلى مستويات طبيعية بعد الارتفاع الكبير في العامين السابقين.
نظرة عامة على النظام المالي المحلي
- الأصول
شهدت أصول القطاع المصرفي نموا متواضعا وبنحو %3.1 خلال العام لتبلغ 110.4 مليار دينار. ونتيجة لذلك، وبالإضافة إلى تباطؤ الاقتصاد العالمي وانخفاض أسعار النفط العالمية، فقد شهدت نسبة الأصول إلى الناتج المحلي الإجمالي الإسمي ارتفاعا لتبلغ 226 % كما في نهاية العام، كما شهدت نسبة القروض إلى الناتج المحلي الإجمالي الإسمي ونسبة الودائع إلى الناتج المحلي الإجمالي الاسمي ارتفاعا لتبلغا 141 % و150%على التوالي. هذا واستمرت البنوك الإسلامية في صدارتها في معدل نمو الأصول مقارنة بالبنوك التقليدية بواقع 4.0 % و2.3 % على الترتيب، وعليه، فقد قاربت حصة البنوك الإسلامية حصة البنوك التقليدية كنسبة من إجمالي أصول القطاع. من جانبها استمرت شركات الاستثمار الخاضعة لرقابة بنك الكويت المركزي في التراجع في عددها لتبلغ 25 شركة مقابل 27 شركة في 2022، مما أدى إلى انخفاض أصول هذا القطاع. أما من جهة شركات الصرافة، فقد شهدت تطورات ملحوظة متمثلة في ارتفاع أصولها بنسبة %5.2 والذي قابله ارتفاع في الذمم الدائنة بالإضافة إلى الارتفاع في حقوق المساهمين.
- محفظة القروض
على الرغم من بيئة أسعار الفائدة المرتفعة خلال عام 2023 ، إلا أن محفظة القروض شهدت نموا بنسبة %2.6 لتبلغ 69.2 مليار دينار والذي يعود إلى النمو في التمويل الممنوح للشركات الكبرى. وفيما يخص التوزيع القطاعي، فقد شهدت معظم القطاعات نموا خلال العام، وبشكل أساسي ارتفع كل من قطاع الخدمات والإنشاءات والتجارة بإجمالي 870 مليون دينار. هذا ولا يزال التوزيع القطاعي لمحفظة القروض متماشيا مع السنوات الماضية، حيث لا تزال المحفظة متركزة في القطاع الأسري والعقار والخدمات. وبالنظر إلى توزيع المحفظة وفقا للعملة، فلا تزال القروض الممنوحة بالعملة المحلية تستحوذ على النسبة الأكبر من محفظة القروض بنسبة 64.2% من الإجمالي، مقابل تراجع في القروض الممنوحة محليا بالعملة الأجنبية. أما بالنسبة للتوزيع الجغرافي للمحفظة، فقد ظل مستقرا، حيث لا تزال القروض الموجهة لعملاء محليين تشكل النسبة الأكبر من المحفظة بنحو 66.7 %، إلا أن حصة القروض المقدمة إلى دول مجلس التعاون الخليجي ارتفعت خلال العام لتبلغ 14.4%، وتتشكل أساسا من قروض ممنوحة لعملاء في دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية.
- الودائع
تماشيا مع السنوات السابقة، استمرت ودائع القطاع المصرفي بالارتفاع خلال عام 2023، حيث سجلت نموا بنسبة 4.4% لتبلغ 73.5 مليار دينار كما في نهاية العام. ومن جهتها، شهدت الودائع الأجنبية ارتفاعا لتشكل %32.5 من إجمالي ودائع القطاع المصرفي في ظل توسع عمليات البنوك الخارجية. ومن ناحية أخرى، لا تزال البنوك تعتمد على ودائع القطاع الخاص كمصدر رئيسي للأموال بشكل أكبر من اعتمادها على الودائع الحكومية، حيث تشكل ودائع القطاع الخاص النسبة الأكبر من محفظة الودائع بنحو 56.5% من الإجمالي.
مخاطر البنوك
- مخاطر الائتمان
شهدت الانكشافات الائتمانية للبنوك ارتفاعا خلال عام2023 ولكن بوتيرة أبطأ من العام السابق وبنسبة 3.4 % %17.3) في 2022(، والذي كان مدفوعا بالارتفاع في محفظة القروض والاستثمارات ذات الدخل الثابت، مقابل تراجع الإيداعات المتبادلة ما بين البنوك. وفيما يخص محفظة القروض، فقد شهدت أغلب القطاعات ارتفاعا بخلاف قطاع البنوك الذي تراجع بشكل ملحوظ خلال الفترة. وبفضل إطار بناء المخصصات الحصيف لبنك الكويت المركزي، فقد حافظ معدل القروض غير المنتظمة على مستواه عند أدنى مستوى له وبنسبة 1.4 % تماشيا مع العامين السابقين. هذا وقد استمر معدل تغطية القروض غير المنتظمة بالارتفاع ليبلغ 312% كما في نهاية العام، وهو الأعلى في المنطقة، مما يمكن القطاع المصرفي من مواجهة حالات التعثر الجديدة دون التأثير على ربحيته. وفيما يتعلق بانكشافات الائتمان الأخرى والمتمثلة في الاستثمارات ذات الدخل الثابت والإيداعات ما بين البنوك فلا تزال ذات جودة ائتمانية عالية.
- مخاطر السيولة
شهد عام 2023 استمرار السياسة النقدية التشددية المتمثلة ببيئة أسعار الفائدة المرتفعة، مما ساهم في استقطاب المزيد من الودائع ولكن بوتيرة أبطأ من العام السابق، لتصل ودائع القطاع المصرفي إلى أعلى مستوى لها عند 73.5 مليار دينار مدفوعة أساسا بالزيادة في ودائع الشركات الخاصة التي ارتفعت لتشكل 23% من إجمالي قاعدة الودائع متبوعة بودائع الأفراد التي تشكل %56.5 كما في نهاية العام. ومن ناحية أخرى، وخلافا لعام 2022، تركز الارتفاع في الودائع بالعملة المحلية وبمعدل نمو 14% مقارنة بالعام السابق. هذا، وساهمت زيادة الودائع في التوسع في عمليات التمويل بمعدل متقارب خلال العام مما أدى إلى استقرار نسبة الحد الأقصى المتاح للتمويل لتبلغ 79.9% تماشيا مع العام السابق، أما معيار صافي التمويل المستقر، فعلى الرغم من تأثره بارتفاع الودائع في القطاع، إلا أنه شهد تراجعا سنويا ليبلغ 113.3% نتيجة التوسع في عمليات التمويل. وبشكل عام، لا يزال القطاع المصرفي يتمتع بسيولة وفيرة تنعكس في قدرة البنوك على تلبية متطلبات السيولة الرقابية، حيث حافظت البنوك على نسب تفوق الحدود الدنيا للمتطلبات الرقابية، مما يجعلها تتمتع بمصدات وفيرة.
- مخاطر السوق
مثّلت الأصول المرجحة بمخاطر السوق ما يعادل 1% فقط من إجمالي الأصول المرجحة بالمخاطر وبقيمة 0.8 مليار دينار كما في نهاية عام 2023، ومن جهتها، شهدت المحافظ الاستثمارية لدى معظم البنوك ارتفاعا سنويا بنحو 13.6% مدفوعا بارتفاع استثمارات الدخل الثابت والتي نمت بنحو 15.1%، متبوعة بالارتفاع في الاستثمارات العقارية واستثمارات الأسهم بنحو 3.8 % و8.8% على التوالي. وعليه، ارتفعت حصة الاستثمارات من إجمالي أصول القطاع المصرفي لتبلغ 19.3% كما في نهاية العام. وخلافا للعام السابق، شهد عام 2023 ارتفاعا طفيفا في حساسية البنوك تجاه تقلبات الأسواق إلا أنها لا تزال ضمن النطاق المقبول، حيث شكلت كل من الاستثمارات المدرجة بالقيمة العادلة من خلال الإيرادات الشاملة الأخرى وتلك المدرجة بالقيمة العادلة من خلال الأرباح والخسائر نحو 65% من إجمالي محفظة الاستثمارات مقابل نحو 63% في 2022. ومع ذلك، فإن البنوك الكويتية تعتبر أقل عرضة للتأثر بالتقلبات أو التغيرات التي قد تطرأ على السوق والتي من شأنها أن تؤثر سلبا على أدائها نتيجة انكشاف تلك البنوك المحدود على السوق.
- المخاطر التشغيلية
لاتزال الخسائر التشغيلية محدودة نسبيا حيث شكلت نحو 0.2% من صافي أرباح البنوك خلال عام 2023 أي ما يعادل 3.0 مليون دينار. وفيما يخص مؤشر الدوران الوظيفي، فقد تراجع ليبلغ 13.2% في نهاية العام مقابل نحو 15.9% في 2022 مما يدل على استقرار المؤشر محليا. ولإلقاء نظرة استشرافية على أوضاع القطاع المصرفي أُجريت عمليات محاكاة للخسائر التشغيلية، أكدت نتائجها المتانة التشغيلية للقطاع المصرفي. أما بشأن المخاطر السيبرانية، فقد أكدت البنوك قدرتها على مواجهة التحديات التشغيلية في هذا المجال، حيث استمرت بالالتزام بتطبيق وتطوير ضوابط الإطار الاستراتيجي للأمن السيبراني الصادرة عن بنك الكويت المركزي في عام 2020، حيث فاقت البنوك الحد الأدنى المطلوب للامتثال في النطاقات كافة.
الربحية والملاءة المالية
- الربحية
استمرت أرباح القطاع المصرفي بالارتفاع خلال عام 2023 متأثرة ببيئة أسعار الفائدة المرتفعة وتحسن جودة الأصول، حيث ارتفعت الأرباح العائدة للمساهمين بنحو %26 لتبلغ 1.5 مليار دينار كما في نهاية العام. ونتيجة لاستمرار تحسن جودة الأصول خلال العام، تراجعت المخصصات بشكل محدود بما يعادل 15% مقارنة بالعام السابق الذي تراجعت فيه المخصصات بنحو 54%، كما تأثرت ربحية القطاع المصرفي بالارتفاع المشهود في صافي هامش الفوائد ليبلغ 2.7%. ومن ناحية أ خرى، ارتفعت الأرباح من غير الفوائد لتبلغ حصتها ما يعادل %32 من إجمالي أرباح القطاع المصرفي، والتي كانت مدفوعة بالارتفاع في الأرباح الاستثمارية بنسبة 126 % خلال العام. هذا، وقد انعكس التحسن في الأرباح خلال العام على مؤشرات الربحية والكفاءة المالية، حيث شهد كل من معدل العائد على متوسط الأصول ومعدل العائد على متوسط حقوق الملكية ارتفاعا ليبلغا 1.5 % و11.1% على التوالي كما في نهاية العام مقابل نحو %1.5 و 10.8% على ذات الترتيب في نهاية عام 2022 .
- الملاءة المالية
حافظ القطاع المصرفي المحلي على ملاءته المالية المرتفعة، حيث ارتفع معدل كفاية رأس المال للقطاع في عام 2023 ليصل عند أعلى معدل له بنحو 19.9 % مقارنة بنحو 19.2% في العام السابق، ويعود ذلك بشكل أساسي إلى الزيادة في أرباح البنوك نتيجة بيئة أسعار الفائدة المرتفعة فضلا عن قيام بعض البنوك بزيادة رؤوس أموالها. كما حافظت البنوك على الجودة العالية في مكونات رأس المال حيث ارتفعت حصة حقوق المساهمين من قاعدة رأس المال الرقابي بنحو نقطة مئوية، كما ارتفع معدل حقوق المساهمين إلى الأصول المرجحة بأوزان المخاطر ليبلغ 15.4%. ولتحديد مدى قدرة القطاع المصرفي على تحمل الصدمات غير المتوقعة طبقت اختبارات الضغط وفق سيناريوهات متعددة، وقد واصل القطاع إظهار نتائج إيجابية تعكس قدرته على الصمود أمام الأزمات عبر تخطّيه السيناريوهات الثلاثة، بالإضافة إلى الاختبارات التكميلية، المطبقة من قبل بنك الكويت المركزي وتجاوز معدل كفاية رأس المال له الحد الأدنى لمتطلبات بازل (3).
- نظام الدفع والتسوية
استمرت عمليات الدفع الإلكترونية في الارتفاع خلال العام وذلك في ظل توسع البنية التحتية وزيادة وسائل الدفع الإلكترونية المتاحة، حيث لا تزال تلك العمليات تفوق المعاملات الورقية للعام الرابع على التوالي، وقد تبين ذلك من خلال اتساع الفجوة ما بين تلك المعاملات نتيجة لتراجع قيمة المعاملات الورقية وثبات عددها مقارنة بمتوسط السنوات الخمس الماضية، مقابل نمو في عدد وقيمة معاملات الدفع الإلكتروني بنحو 25% و8.6% بالترتيب، وعلى الرغم من أن النمو في عدد المعاملات الإلكترونية أقل من العام السابق (30 % في 2022) إلا أنه لايزال نموا صحيا مقارنة بالمستويات التاريخية. ومن ناحية أخرى، وعلى خلاف العام الماضي، شهد عدد أفرع البنوك ارتفاعا خلال عام 2023، حيث ارتفع عدد أفرع البنوك الإسلامية والبنوك التقليدية بثلاث أفرع لكليهما. ومن جهتها، ارتفعت المعاملات غير النقدية من حيث العدد والقيمة خلال العام مقابل تراجع المعاملات النقدية التقليدية، وذلك نتيجة لارتفاع قيمة المعاملات عبر الإنترنت حيث شكلت 50% من إجمالي المعاملات غير النقدية في عام 2023. وفيما يخص أجهزة نقاط البيع، فقد ارتفعت بنحو 11.3% مقابل نمو بنسبة 4.1% في عدد أجهزة الصرف الآلي، مما يشير إلى استمرار تفضيل العملاء للمعاملات الإلكترونية على المعاملات التقليدية.
- النظرة المستقبلية
تشير التقديرات إلى أن الفترة الأخيرة من عام 2024 سوف تشهد بداية العودة عن سياسات التشديد النقدي، حيث إن معدلات التضخم قد تراجعت عن مستويات الذروة، ونتيجة لذلك فإن النمو العالمي سيعود إلى الاستقرار بما يتسق مع اتجاهات النمو على المدى الطويل.
كذلك من المتوقع أن تبقى التوترات الجيوسياسية من أبرز المخاطر التي ستلقي بظلالها على آفاق النمو العالمي، كما سوف تساهم حملة الانتخابات الرئاسية الأمريكية بالإضافة إلى الانتخابات في عدد من الدول الكبرى الأخرى بتعميق حالة انعدام اليقين لدى الأسواق العالمية. وفي ظل هذه المتغيرات، فإن أسواق المال العالمية عرضة لعدة تحديات محتملة، ومن المتوقع تنامى حالات التعثر في السداد نتيجة لارتفاع كلفة الائتمان على مدى العامين السابقين.
وفي سياقٍ موازٍ، سيواصل الاقتصاد الوطني حصانته في ضوء نهج التحريك المتدرج والمتوازن الذي اعتمده بنك الكويت المركزي لسعر الخصم على جانب السياسة النقدية، بالتوازي مع إنفاق حكومي قوي على جانب السياسة المالية. هذا ومن المتوقع أن تؤدي التطورات الأخيرة على المستوى السياسي الداخلي في البلاد إلى تسريع وتيرة الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية المستحقة.
من جانب آخر، من المنتظر أن يواصل الائتمان المحلي نموه بمعدلات صحية، في حين قد تشهد أسواق المال حركة تصحيح، في ظل ارتفاع معدلات العوائد على الأصول الخالية من المخاطر، بالتزامن مع ذلك قد تتنامى على المستوى المحلي معدلات التعثر في السداد في ظل ارتفاع أسعار الفائدة، حيث يستغرق أثر هذه الارتفاعات فترة زمنية ليظهر على أرض الواقع. وفي المجمل فإن النظام المصرفي المحلي يتمتع بمصدات عالية ومعدلات تفوق المتطلبات الرقابية في جميع مؤشرات السلامة المالية، مما يؤكد متانة أوضاع وحدات الجهاز المصرفي الكويتي، ويوفر بالتالي القدرة على استيعاب التغيرات سواء على المستوى العالمي أو المحلي.