الخصخصة دواء العجز

إن عملية الخصخصة عملية حساسة ومهمة، فإذا صممت برامج الخصخصة بطريقة ضعيفة وبدون أطر عمل ملائمة وقانونية وفنية مفيدة، فقد تذهب كميات كبيرة من الغنائم غير المستحقة إلى مجموعة صغيرة متنفذة من المقربين لصناع القرار، وهو أمر يؤدي إلى تداعيات سلبية على غرار ما حدث في الماضي، وخلق أزمات في كثير من الدول النامية. أما إذا صممت الخصخصة على أسس علمية وبطرق قانونية وفنية سليمة فإنها ستحقق كثيرا من الفوائد الاقتصادية للبلد، من حيث أن الدولة ستحصل على عوائد مالية إضافية لتحقيق برامجها وخططها المستقبلية، وكذلك ستنتقل تلك الأصول والمشاريع غير النشطة وقليلة العوائد إلى القطاع الخاص الأكثر نشاطا والحريص على الحصول على عوائد مجزية لأمواله المستثمرة والفوائد المدفوعة عليها، وهو بالتالي سيستوعب كثيرا من العمالة الوطنية التي كانت عالة على الدولة في السابق. هذه هي سلبيات وإيجابيات الخصخصة في العالم، وبلا شك أن إيجابياتها أكثر من سلبياتها، متى تم وضع برامج محكمة ومدروسة من جميع النواحي القانونية والفنية والاقتصادية. لذلك فتجارب العالم في الخصخصة تعتمد على جدية الدولة في فهم الخصخصة من الناحية الاقتصادية والمزايا المرجوة منها.
لكن ماذا عندنا نحن في الكويت؟ في الكويت موضوع الخصخصة في آخر أولويات الحكومة، وليس هناك أي تفكير أو حتى بحث في وضع هذا البرنامج في أجندتها، وهو موضوع مهم لكثير من الدول لحل مشاكلها المالية والإدارية إلا في الكويت، وهذا لافت للنظر لكثير من المتخصصين في عمليات التنمية وتحسين الإدارة والإنتاج المطلوب للدولة.
إن الكويت دولة تدار جميع خدماتها وأصولها تقريبا من الدولة وبطريقة متخلفة، ولا تحقق الجدوى الاقتصادية منها، بل ترهق الدولة على الأمد الطويل في تحقيق التنمية المطلوبة، ويمكن أن تؤدي إلى استمرار العجز المالي في المستقبل لمقابلة التوسع في المصاريف العامة والدعوم والرواتب المتزايدة بطريقة لا تتناسب مع عوائدها المطلوبة الحقيقية. لذلك على الدولة أن تعيد تفكيرها بجدية في وضع برامج الخصخصة في أولوية خططها لأنها الطريق الوحيد والصحيح والعملي والمهم لمستقبل التنمية في الكويت، ونقل العبء الكبير عن كاهلها إلى كاهل القطاع الخاص بالطرق العلمية السليمة عالية الجودة، كما هو موجود في دول العالم الناجحة في ذلك. إن موضوع الخصخصة هو الطريق الوحيد الداعم لعملية التنمية في الدولة وبدونها لا تتحقق التنمية ويفشل النظام الاقتصادي المطلوب للبلد، إن الخصخصة هي الملاذ الوحيد والضروري لتحقيق مصلحة وخير هذا البلد الطيب. والله المستعان….
حامد السيف.