مقالات

أثر حوكمة الشركات والمنظمات على تحقيق الاستدامة

الحوكمة من أهم الوسائل التي حولت أنظمة الإدارة وطورتها وجعلتها أساسا للممارسات الرشيدة

تقارير التنمية المستدامة تكشف القضايا البيئية والاجتماعية والاقتصادية التي تعتبر الركائز الأساسية للتنمية المستدامة في الشركة

الإفصاح عن جميع الجوانب المتعلقة بعمليات الشركة يساعد أصحاب المصالح على فهم كل ما يتعلق بجوانب منظمات الأعمال

تقارير الاستدامة تبين مدى توفر الإفصاح والشفافية في الشركات وبالتالي مدى تطبيق مبادئ الحوكمة

إدارة المخاطر وحماية الشركة وسمعتها تعتبر من أهم فوائد تقارير الاستدامة

تشكل الشركات ومنظمات الأعمال في عالمنا اليوم نظاما مفتوحا على الأطراف المكونة لمحيطها، حيث تؤثر وتتأثر بها بطريقة وثيقة ودائمة، فالمجتمع والبيئة والاقتصاد ككل أصبح يشكل اهتمامها الأول والأخير، حيث أصبحت ملزمة بالحفاظ على أصحاب المصالح بتطبيق مبادئ الحوكمة ليتسنى لها إدارة أفضل للأزمات والمخاطر وضمان البقاء والاستمرار وتأكيد نزاهة وكفاءة الإدارة فيها، وكذا الوفاء بالالتزامات والتعهدات وبلوغ الشركات لأهدافها في ظل المنافسة الحادة، كما أن الحوكمة تشكل وسيلة تساعد على حماية مسار الشركات وتأكيد صدقها ومصداقيتها، سواء في الحاضر أو المستقبل وبالتالي ضمان استدامتها.

ومع التطور المستمر للحياة البشرية والاقتصادية والاجتماعية، توسعت الشركات ومنظمات الأعمال وتشعبت وظائفها خصوصا بعد ظهور نظرية الوكالة التي بلورت مفهوم الحوكمة، حيث تعتبر الحوكمة من أهم الوسائل التي حولت أنظمة الإدارة وطورتها وجعلتها أساسا للممارسات الرشيدة، وجزء مهما لأي استراتيجية تهدف للنجاح، فالحوكمة تضمن تحقيق أكبر قدر من العدالة والشفافية وأكبر قدر من المصالح في نفس الوقت للإدارة، والأطراف ذات العلاقة وحتى أصحاب الأقلية من حملة الأسهم. ومع تطور الاقتصاديات تغير اهتمام الشركات ومنظمات الأعمال، فلم يشمل الجانب المالي فقط الذي يظهر في القوائم والتقارير المالية لإعطاء صورة حقيقية عن الوضعية المالية، بل إن مفهوم التنمية المستدامة شمل الشركات والمنظمات والهيئات أيضا لجعلها تهتم بالجانب الاجتماعي والبيئي في تقاريرها، محاولة بذلك ضمان استدامتها، لكن إضافة هذا الجانب ليس بالأمر الهين وإنما يستوجب تطبيق قواعد صارمة ورشيدة كقواعد الحوكمة.

لقد أصبحت الشركات اليوم في ضغوط متزايدة حول قيامها بالإفصاح عن معلومات حول مدى تأثيرها على المجتمع والبيئة ككل وليس عن أدائها المالي فقط، فهذه التقارير التي يطلق عليها “بتقارير الاستدامة” تحتوي على تقييم استدامة عمليات الشركات ومنتجاتها من حيث تنمية المجتمع والبيئة ككل، ويمكن القول أن تقارير التنمية المستدامة هي عبارة عن كشف  الشركة أو المنظمة للقضايا البيئية والاجتماعية والاقتصادية التي تعتبر الركائز الأساسية للتنمية المستدامة، ويتكون تقرير الاستدامة من الإفصاح عن الأداء المتواصل للشركة، ومنظمات الأعمال التي تعد وتنشر تقارير مقدرتها عن الاستدامة، من شأنها أن ترفع مستوى الإفصاح والشفافية بشأن الأداء المالي والبيئي والاجتماعي، الأمر الذي يعمل على تفعيل الحوكمة باعتبار أن الشفافية من آليات ومبادئ الحوكمة، فالإفصاح عن جميع الجوانب المتعلقة بعمليات الشركة يساعد أصحاب المصالح على فهم كل ما يتعلق بجوانب منظمات الأعمال. فبالنسبة للمستثمرين ّيمكنهم ذلك من توظيف أموالهم بشكل يضمن لهم عدم وقوعهم في أزمات مؤثرة نتيجة عدم الإفصاح وبالتالي زيادة نسبة المخاطرة، وكذلك يحتاج العاملين بالشركة والمرشحين للعمل فيها لهذه التقارير لاتخاذ قرارتهم بشأن الانضمام للشركة، كما يعتمد عملاء الشركة ومورديها والدائنون على تلك التقارير عند اتخاذ قراراتهم بشأن التعامل أو بيع منتجات وخدمات الشركة أو تقديم أية تسهيلات ائتمانية للشركة.

ومن هنا يتضح لنا أن جميع أصحاب المصالح في الشركات بحاجة إلى تقارير متوازنة، دقيقة، وشفافة، تعكس مدى تقدم الشركات ومنظمات الأعمال تجاه هدف الاستدامة، الأمر الذي يستدعي إعداد تقارير الاستدامة باعتبارها إفصاح موجه لأصحاب المصالح في الشركة والمنظمات، كما تعتبر تقارير الاستدامة ضمان لجميع الحقوق في الشركة.

ومن أهم الفوائد التي يمكن اكتسابها من إعداد تقارير الاستدامة:

  • الوقوف على التطورات الإيجابية التي حدثت في الإدارة الداخلية
  • إدارة المخاطر وحماية الشركة وسمعتها.
  • تسهيل عمليات أصحاب المصلحة في متابعة أعمال الشركة.
  • استقطاب الموظفين وخاصة الأكفاء والاحتفاظ بهم وضمان ولاءهم للشركة.
  • جذب المستثمرين وأصحاب رؤوس الأموال.
  • تحسين أداء الشركة داخليا.
  • تعزيز التواصل مع أصحاب المصالح والمساهمين وتعزيز الحوار معهم.
  • التعامل مع المخاطر بشأن أكثر مهنية من خلال توقع المخاطر وتحسين سمعة الشركة، وهي أغلى ما تملكه أي شركة، وبالتالي تحقيق ميزة تنافسية وهذا من خلال العناصر السابقة مجتمعة.

 ومن خلال ما سبق ذكره يتضح لنا أن القيام بنشر تقارير الاستدامة يبين مدى توفر الإفصاح والشفافية في منظمة الأعمال وبالتالي مدى تطبيق مبادئ الحوكمة، وفي نفس الوقت فإن الحوكمة تعتبر أمرا منطقيا لأنها وظيفة رقابية لأصحاب المصلحة على إدارة منظمات الأعمال.

الكاتب: عماد عبد الله الحسين

أخصائي الحوكمة والتطوير المؤسسي،

مدير وشريك – شركة الحوكمة والالتزام للاستشارات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى