تقييم أعضاء مجلس الإدارة: مفتاح تعزيز أداء الشركات ورفع مستوى المساءلة

تقييم أداء مجلس الإدارة وفقًا لتعليمات هيئة أسواق المال الكويتية (CMA) خطوة مهمة لضمان جودة الحوكمة والشفافية في إدارة الشركات.
خسائر المستثمرين نتيجة القرارات مجالس الإدارة الخاطئة لها تأثيرات بعيدة المدى ليس على الشركات فقط، بل على الاقتصاد والمجتمع الدولي.
يساعد التقييم في ضمان حرص أعضاء مجلس الإدارة على اتخاذ قرارات مستنيرة تدعم نمو واستدامة الشركة.
قياس أداء المجلس ومدى تحقيق أهداف الشركة، ومراقبة الأداء المالي وغير المالي، وقدرة المجلس على اتخاذ القرارات الخلاقة.
تقييم مدى فعالية وشفافية مجلس الإدارة في التواصل مع المستثمرين.
يعتبر تقييم أداء مجلس الإدارة أمرًا حاسمًا لنجاح الشركة وتحقيق أهدافها. فتقييم أداء مجلس الإدارة يهدف إلى قياس أداء أعضاء المجلس وتحديد الخطط والاستراتيجيات التي يمكن تحقيقها، من خلال استخدام الأدوات والمقاييس المناسبة، مما يُمكّن الشركات من الحصول على رؤية موضوعية حول مدي جدوى وأثر قرارات المجلس وقدرته على توجيه الشركة نحو تحقيق أهدافها الربحية المستدامة.
منذ وقت قريب، تم إعادة هيكلة نحو 25 شركة مدرجة في السوق الكويتي ومراجعة دقيقة لأداء بعض مجالس الإدارات والإدارة التنفيذية وذالك نتيجة الأوضاع التي تمر بها الأسواق في الفترة الماضية والحالية والمقبلة وبالإضافة إلى عدم التزامها بالتعليمات الصادرة عن هيئة أسواق المال وفقاً للقانون رقم 7 لعام 2010 ولائحته التنفيذية وتعديلاتهما، مما استدعى ضرورة إحداث هيكلة كبيرة على مستوى هذه المجالس الإدارية.
فبالرغم من نجاح تجربة هيئة أسواق المال في الكويت (CMA) في تطبيق الحوكمة على جميع الشركات المساهمة، والتي أعتبرها من أهم الطفرات الإدارية وتجربة ونموذج ممتاز علمياً وفعليا وقانونيا، وذالك بالحرص الشديد والمستمر على المراجعة الدؤوبة لللوائح وتصحيح وتنقيح بعض البنود وتحديث آليات التواصل بطلب الاستبيانات والرقمنة، إلا إن هناك شركات استثمارية مدرجة لا تزال تعاني قصوراً في عدم اتباع بعض هذه التعليمات. فنحن نقرء يوميا/أسبوعيا ارتكابها العديد من المخالفات التي تؤثر كثيراً على سريان أعمال الشركة وأدائها المالي والنتائج التي تحققها.
يقع تقييم أداء مجلس الإدارة ضمن قواعد الحوكمة، وهو وفقًا لتعليمات هيئة أسواق المال الكويتية (CMA) يعد خطوة مهمة لضمان جودة الحوكمة والشفافية في إدارة الشركات.
- أهمية تقييم أداء مجلس الإدارة:
تقييم أداء مجلس الإدارة يعد من العمليات الأساسية لضمان فعالية الحوكمة الرشيدة في أي مؤسسة. وفيما يلي بعض الأسباب التي تبرز أهمية تقييم أداء مجلس الإدارة:
- تحسين الأداء والكفاءة والتطوير المستقبلي: يساعد التقييم في تحديد نقاط القوة والضعف وبالتالي يمكن رصد الأداء وتحديد احتياجات التدريب Training Needs Analysis)) والتطوير المهني للتحسين مما يسهم في استمرارية التعلم وتحسين القدرات القيادية ورفع مستوى الأداء والكفاءة الفردية والجماعية مما يعزز من فعاليته وكفاءته في إدارة الشركة.
- تعزيز الشفافية والمساءلة: يوفر التقييم المستمر وسيلة لتأكيد وترسيخ وتعزيز ثقافة المحاسبة والشفافية والمساءلة في الإدارة وداخل المؤسسة، مما يزيد من ثقة المستثمرين والأطراف ذات المصلحة في قرارات وأعمال المجلس التي قد اتخذت ونفذت بدرجة أكبر من المسؤولية والتمحيص كما هو مطلوب.
- تحقيق الأهداف الاستراتيجية وتحسين فرص الاستدامة: يمكن أن يساعد التقييم في ضمان حرص أعضاء مجلس الإدارة على اتخاذ قرارات مستنيرة تدعم نمو واستدامة الشركة مع التركيز أيضا بشكل فعال على تحقيق الأهداف الاستراتيجية للشركة وقياسها ومواءمة الأنشطة مع الرؤية والرسالة من خلال تحديد فرص النمو المستدام والتحسينات اللازمة في استخدام الموارد وإدارة المخاطرالتي تضمن استمرارية التنمية والنجاح المستدام.
- تهيئة الأجواء الإيجابية بتعزيز الحوكمة الرشيدة: عملية تقييم الأداء تساهم في تعزيز مبادئ الحوكمة الرشيدة، مثل تعزيز مهارة الحوار البناء والمساواة، والشفافية، والالتزام والتعاون بين أعضاء المجلس، مما يساهم في خلق بيئة عمل إيجابية تدعم الابتكار وتطوير الأفكار مما يساهم في تقليل المخاطر الإدارية.
- كيفية تقييم المجلس والعناصر الأساسية التي يمكن أن يشملها التقييم الغير مالي:
يجب أن يشمل التقييم الدوري مجموعة من المعايير الغير مالية والممارسات التي تضمن التزام مجلس الإدارة بأفضل الممارسات في الإدارة والرقابة وهي:
- الامتثال للإطار الرقابي: هو عنصر مهم لضمان أن مجلس الإدارة يعمل ضمن اللوائح والتوجيهات الصادرة عن هيئة أسواق المال الكويتية (CMA) ويتبعها والتأكد من أن جميع الأعضاء على دراية بأحدث التعديلات للوائح والتعليمات.
- بناء هيكل متوازن لمجلس الإدارة: تقييم كفاءة هيكل متوازن (تنفيذي / غيرتنفيذي/ مستقل) لمجلس الإدارة، بما في ذلك التنوع والقوة في خبرة الأعضاء، وقدرتهم على تغطية جميع النقاط المطلوبة لمراقبة أعمال الشركة بفعالية وشفافية. يساهم غياب التنوع (ذكور/إناث) في الآراء والخبرات (في عدة مجالات) ضمن مجالس الإدارة في اتخاذ قرارات تقليدية وغير ابتكارية، الأمر الذي قد يحد من قدرة الشركة على التكيف مع التوجهات والتغيرات في الأسواق.
- إدارة المخاطر والرقابة الداخلية: التحقق من فعالية نظام إدارة المخاطر والرقابة الداخلية، وعمل اللجان المتخصصة المنبثقة من مجلس الإدارة مثل لجنة المراجعة ولجنة المخاطر (تجتمع أربع مرات على الأقل خلال السنة) ولجنة الحوكمة والمكافات والترشيح مما يعكس قدرة المجلس في إتخاذ القرارات الاستراتيجية بناء على تقارير وتحاليل هذه اللجان مع تدوين محاضر اجتماعاتها.
- التطوير المستمر والابتكار: التأكد من أن الأعضاء يشاركون في برامج تدريبية وتطويرية لتعزيز معارفهم ومهاراتهم المتعلقة بإدارة الشركة والقدرة على حث الإدارة التنفيذية على خلق وتحفيز بيئة الابتكار والتطوير في المؤسسة.
- الأداء والإنتاجية: قياس أداء المجلس من خلال مدى تحقيق الأهداف الاستراتيجية للشركة، ومراقبة الأداء المالي وغير المالي، وقدرة المجلس على اتخاذ القرارات المستنيرة.
- المشاركة والحضور: تقييم مدى مشاركة الأعضاء في الاجتماعات الدورية (لا تقل عن ست اجتماعات سنوياً) واللجان المتخصصة، والتأكد من توفر النصاب القانوني لاتخاذ القرارات فضلاً عن كيفية التعامل مع حالات عدم انتظام الأعضاء في الحضور. كما يجب أن يتوافر لدى الشركة سجل خاص تدون فيه محاضر اجتماعات مجلس الإدارة بأرقام متتابعة للسنة التي عقد فيها الاجتماع ومبيناً به مكان الاجتماع وتاريخه وساعة بدايته ونهايته.
- التخطيط الاستراتيجي: النظر في مساهمة مجلس الإدارة في صياغة وتنقيح الاستراتيجيات طويلة الأمد وضمان توافقها مع أهداف الشركة وطموحاتها.
- التواصل والشفافية: تقييم مدى فعالية وشفافية مجلس الإدارة في التواصل مع الأطراف ذات المصلحة (وحدة شؤون المستثمرين)، وضمان الإفصاح العلني والدقيق عن المعلومات المالية الهامة.
- كيفية تقييم المجلس والعناصر الأساسية التي يمكن أن يشملها التقييم المالي:
يجب أن يشمل التقييم المالي أيضا مجموعة من مقاييس الأداء المالية التحليلية الفعالة التي نستطيع من خلالها تحديد كفاءة وفعالية المجلس وقدرته على تحقيق أهداف الشركة وهي:
- مؤشرات السيولة: مؤشرات السيولة هي أدوات مالية تُستخدم لقياس قدرة المجلس على الوفاء بالتزاماتها المالية قصيرة الأجل وفي الوقت المحدد ومدي نسبة التحويل النقدي والسيولة العامة الحالية (Current Ratio)أو نسبة السيولة السريعة (Quick Ratio) و نسبة النقد (Cash Ratio)و دورة السيولة (Cash Conversion Cycle)، مما يعكس قوة المركز المالي للشركة وقدرتها على مواجهة الضغوط المالية.
- المؤشرات الربحية: تقيس قدرة المجلس علي تحقيق الأرباح وزيادة القيمة المالية مثل الهامش الربحي الإجمالي (Gross Profit Margin) و الهامش الربحي التشغيلي (Operating Profit Margin) والهامش الربحي الصافي (Net Profit Margin) وعائد الأصول (Return on Assets – ROA) وعائد حقوق المساهمين (Return on Equity – ROE) وعائد الاستثمار (Return on Investment – ROI).
- مؤشرات الدين: تقيس قدرة المجلس علي دفع الالتزامات المالية الدورية في الوقت المحدد ومدي نسبة التحويل النقدي والسيولة العامة. مؤشرات الدين هي أدوات تحليلية تستخدم لتقييم مستويات الدين للشركة. مثال علي ذلك قياس نسبة الدين إلى الإيرادات العامة (Debt-to-Revenue Ratio) كذالك قياس تكلفة خدمة الدين (Debt Servicing Costs): وكذالك مدة الاستحقاق (Maturity Profile): وأيضا العجز المالي (Fiscal Deficit).
- مؤشرات السوق: تقيس قدرة المجلس علي مدي إمكانية التأثير على القدرة التنافسية للمؤسسة في الأسواق مثل نسبة السعر إلى الأرباح (Price-to-Earnings Ratio – P/E Ratio) ونسبة السعر إلى القيمة الدفترية (Price-to-Book Ratio – P/B Ratio) ونسبة العائد على السهم (Earnings Per Share – EPS) ونسبة العائد على السعر (Dividend Yield) وحجم التداول (Trading Volume) وتقلبات السوق (Volatility)ونسبة الدين إلى حقوق المساهمين (Debt-to-Equity Ratio). استخدام هذه المؤشرات يمكن أن يساعد المستثمرين في اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن شراء أو بيع الأسهم، كما يُسهم في تحليل أداء الشركة في السوق بمقارنة أدائها مع الشركات الأخرى.
الخاتمة:
تقييم أداء مجلس الإدارة وفقًا لتوجيهات هيئة أسواق المال الكويتية (CMA) يعزز من النزاهة والمساءلة ويضمن بقاء الشركة على المسار الصحيح لتحقيق أهدافها وتعظيم قيمة المساهمين مما يدعم النمو المستدام والتنافسية في بيئة الأعمال الكويتية. كذلك يعتبر تقييم أداء مجلس الإدارة وتطبيق الأدوات والمقاييس المناسبة هو جزء أساسي من إدارة الشركات الناجحة، فقد يساعد هذا التقييم على توجيه أعضاء مجلس الإدارة (عن طريق الإدارة التنفيذية) في اتخاذ القرارات الحكيمة الرشيدة وتحسين الأداء بشكل مستمر ومستدام. لذا، يجب أن تكون هذه العملية مستمرة وبشفافية، مما يساهم في تحقيق النجاح والنمو المستدام للشركة.
إذا كانت لديك أي أسئلة أو تحتاج إلى مزيد من التفاصيل حول جوانب معينة، فلا تتردد في التواصل.
عدنان البدر.
باحث ومستشار استراتيجي في سياسة الموارد بشرية وبيئة العمل ورئيس ومؤسس الجمعية الكندية الكويتية للصداقة والأعمال.