مقالات

النظام الجديد والتحديات القادمة…………..

إن الحقيقة الماثلة أمامنا اليوم، والتي ينبغي على الجميع إدراكها من أجل إصلاحها وتغييرها، أن دولة الرفاه الحالية غير قابلة للاستمرار، وأن حقائق الأوضاع الاقتصادية محلياً وعالمياً تشير إلى ضرورة تحول البلد من دولة استهلاكية إلى دولة إنتاجية للثروة للمساهمة في الاقتصاد الوطني، وإلى تحقيق رؤية البلد وتحويلها إلى مركز مالي وتجاري جاذب للاستثمار. واليوم، فإن البلد فعلا يحتاج إلى تغيير طريقة إدارته جذريا، وخاصة أن عامل الزمن ليس في صالحنا. إن كثيراً من الأطراف الاقتصادية المحلية والعالمية، ترى أنه إذا استمر الحال على ما نحن عليه من صرف وتضخم في حجم الميزانية العامة للدولة والاعتماد على جهاز الدولة الحالي للتغيير ولحل المشكلة المتضخمة لوحدها وتحمل كل أمور التغيير والتنظيم، فهذا يشكل عبئاً مالياً وإدارياً على الدولة. لذلك نحتاج إلى اختيار قيادات جادة وعلى مستوى الحدث المطلوب، وأن نشرك القطاع الخاص الجاد لتحمل تبعات المستقبل للتخفيف على الدولة في الجهد والمال، والسير في الطريق الصحيح للاقتصاد الوطني، كما هو موجود في كثير من الدول الناجحة.

لقد حان وقت إشراك القطاع الخاص بتنفيذ وتملك المشاريع الخدمية الحالية والجديدة لحسابه وإدارته الكاملة أو بالاشتراك مع الدولة.

 إن فلسفة الدولة بتملك وإدارة اقتصاد البلد تتعارض مع المادة 20 بالدستور ونصها أن الاقتصاد الوطني أساسه العدالة الاجتماعية وقواعده التعاون بين النشاط العام والنشاط الخاص وهدفه تحقيق التنمية الاقتصادية وزيادة الإنتاج ورفع مستوى المعيشة وتحقيق الرخاء للمواطنين. هذه المادة موجودة بالدستور منذ التأسيس، ونحن نتطلع لتفعيلها وفق آلية تنعكس بالإيجاب على الوضع الاقتصادي العام. إن دور القطاع الخاص المحلي والأجنبي الحقيقي هو أن يكون المنفذ لخطة التنمية، فالدولة إلى هذه اللحظة ليس عندها برامج واضحة لإشراك القطاعين الخاص المحلي والأجنبي في كثير من المشروعات الإنتاجية والرديفة للنفط، لذلك يجب وضع خارطة طريق جديدة لتفعيل هذه البرامج، ويجب على الحكومة الحالية قبل البدء بالتنفيذ القيام بوضع برنامج لتخصيص ما هو موجود من قطاعات خدمية مثل الكهرباء والتعليم والصحة وبعض القطاعات غير السيادية، فذلك هو الحل الوحيد للإصلاح الاقتصادي، وما يحتاجه البلد لإنقاذ الاقتصاد الوطني من التوقعات المحتملة قبل النقلة النوعية المطلوبة. إن المطلوب هو إشراك القطاع الخاص الجاد لتحمل تبعات المستقبل للتخفيف على الدولة من الجهد والمال والسير في الطريق الصحيح للاقتصاد الوطني كما هو موجود في كثير من الدول الناجحة في العالم، لذلك فعدم إشراك القطاع الخاص بتنفيذ وتملك تلك المشاريع لحسابه وإدارته الخاصة أو بالشراكة مع الدولة لا يحقق المطلوب للمستقبل. أما المواطن العامل في تلك الجهات المخصصة فتضمن له الدولة كل ما يحتاجه من التأمين الشامل عليه من تعليم وصحة وكل الخدمات العالية الجودة من القطاع الخاص المتنافس ومن دون أي عبء على المواطن، بل على نظام تأميني متكامل يكون أوفر على الدولة من الوضع الحالي.

هذه هي الفلسفة المطلوبة من النظام الجديد. وليس هناك طريق آخر لحل مشكلة البلد المستمرة، وهذا يتطلب خلق هيئة عليا للتخصيص تشرف على مفاصل ما هو مطلوب تخصيصه، وتحميل القطاع الخاص عبء التطوير وعبء تعيين مخرجات التعليم المتزايدة، والعودة إلى قوى السوق في التسعير وتحقيق التكامل الاقتصادي للبلد. إن التخصيص العلمي المدروس والمطبق عالميا وليس على الطريقة الكويتية غير الصحيحة والمفيدة، هو الطريق الوحيد الذي يحقق كثيراً من المطالب الاقتصادية والمالية والاجتماعية والسياسية الحقيقية. إنه امل كبير من القيادة السياسية الجادة في الإصلاح أن تحقق ذلك وهي التي ترفع تلك الراية منذ تسلمها السلطة في تحقيق المطلوب والمهم للبلد بجعل الكويت مركزاً مالياً وتجارياً في المنطقة. إنه أمل كل الكويتيين في أن يروا البلد منفتحاً على العالم ويقود اقتصاديات المنطقة، ويعود عليه بالخير ويحقق آمال ومستقبل هذا البلد الطيب. والله المستعان…

حامد السيف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى