توسع الصراع وانخفاض إنتاج النفط يضعف النشاط الاقتصاديفي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
صندوق النقد الدولي يصدر تقرير آفاق الاقتصاد الاقليمي

• الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي الخليجي عند 3.7 % لعام 2024 و4 % لعام 2025
• الناتج المحلي للشرق الأوسط عند 2.1 % 2024 و4% للعام 2025
• “كامكو “: التضخم خليجياً متوقع أن يظل منخفض مع الاتجاهات العالمية
• الإمارات في الصدارة لنمو الناتج المحلي غير النفطي لعام 2024 بنسبة 5.3% تليها البحرين %3.8 والسعودية 3.7 %
في تقريره الأخير بعنوان “مستجدات آفاق الاقتصاد الإقليمي بمنطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا” خفض صندوق النقد الدولي مرة أخرى توقعاته الاقتصادية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ودول مجلس التعاون الخليجي على خلفية التحديات القائمة والمتنامية مثل التشرذم الجغرافي – الاقتصادي وأزمة المناخ. بالإضافة إلى ذلك، فإن الصراعات المستمرة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وتحديداً الحرب على غزة ولبنان، قد أضافت أيضاً إلى التحديات المتزايدة التي تشهدها المنطقة نظراً لما تسببت به من معاناة إنسانية هائلة وأضراراً اقتصادية وحالة من عدم اليقين. كما ظهرت أنماط تجارية جديدة بسبب التحديات المتزايدة التي تواجهها المنطقة.

وتم تعديل نمو الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وخفضه بمقدار 60 نقطة أساس للعام 2024 مقارنة بتوقعات صندوق النقد الدولي السابقة الصادرة في أبريل 2024 ومن المتوقع أن يبلغ في المتوسط نسبة 2.1 في المائة في العام 2024 ونسبة 4.0 في المائة في العام 2025. وبالمثل، تم خفض توقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي للدول الخليجية للعام 2024 بمقدار 60 نقطة أساس مقارنة بالتوقعات السابقة لصندوق النقد الدولي، ومن المتوقع أن تبلغ في المتوسط نسبة 1.8 في المائة ونسبة 4.2 في المائة في عامي 2024 و2025، على التوالي. ويعكس الخفض المستمر لأسعار تأثير تخفيضات حصص إنتاج النفط الحالية والمتوقعة من الأوبك وحلفائها على اقتصادات الدول الخليجية إلى جانب استمرار الصراعات التي لا نهاية لها في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وعلى الرغم من تصاعد التحديات الاقتصادية، واصلت الدول الخليجية تنفيذ مشاريع الإصلاح الاقتصادي مما أدى إلى زيادة النشاط الاقتصادي للقطاع غير النفطي في المنطقة. ويتوقع صندوق النقد الدولي نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي للدول الخليجية من نسبة 3.6 في المائة في العام 2023 إلى نسبة 3.7 في المائة ونسبة 4.0 في المائة في عامي 2024 و2025، على التوالي.
وتم خفض توقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي لكافة الدول الخليجية للعام 2024 مقارنة بتوقعات أبريل 2024 باستثناء الإمارات التي شهدت رفع توقعاتها بمقدار 50 نقطة أساس مقارنة بتوقعاتها السابقة التي أشارت إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 3.5 في المائة، لتحتل بذلك مركز الصدارة كأعلى نمو متوقع في المنطقة عند نسبة 4.0 في المائة في العام 2024. وتليها البحرين بثاني أكبر توقعات لنمو الناتج المحلي الإجمالي للعام 2024 بنسبة 3.0 في المائة على الرغم من خفضها بمقدار 60 نقطة أساس مقارنة بتوقعات أبريل 2024. وبالمثل، انخفض نمو الناتج المحلي الإجمالي للسعودية إلى نسبة 1.5 في المائة للعام 2024 ليشهد مراجعة هبوطية بمقدار 110 نقاط أساس من توقعاتها السابقة في أبريل 2024، في حين كان التعديل النزولي 20 نقطة أساس مقارنة بتوقعات يوليو 2024 نظراً للتأثير السلبي للتخفيضات الطوعية لإنتاج النفط على اقتصاد المملكة في المستقبل القريب. وفي هذا السياق، شكل النفط والسلع المرتبطة به ما نسبته 90 في المائة من اجمالي صادرات البضائع والسلع في كل من السعودية وقطر والكويت. وأشار صندوق النقد الدولي إلى التأثير الناتج عن تصاعد حالة عدم اليقين المتعلقة بالصراعات الحالية التي تعاصرها المنطقة، خاصة الحرب على غزة ولبنان، والتأثير غير المباشر المحتمل الذي يمكن أن تحدثه تلك الصراعات على الدول المجاورة في المنطقة والذي تسبب بالفعل في ظهور أنماط تجارية جديدة على اقتصادات للدول الخليجية.
تراجع نمو الناتج المحلي الإجمالي النفطي في للدول الخليجية، وارتفاع نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي هامشياً
من المتوقع أن ينكمش نمو الناتج المحلي الإجمالي النفطي الحقيقي في الدول الخليجية بنسبة 3.2 في المائة في العام 2024 بعد انكماشه بنسبة 5.8 في المائة في العام 2023. وتم خفض توقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي النفطي للدول الخليجية للعام 2024 بمقدار 210 نقاط أساس، نتيجة لتوقع استمرار التخفيضات الطوعية لإنتاج النفط دون تغيير حتى نهاية العام 2025. وخفضت الأوبك وحلفاؤها توقعاتها للطلب العالمي على النفط لعامي 2024 و2025 لمدة ثلاثة أشهر متتالية.

إلا ان التوقعات تشير إلى انتعاش نمو الناتج المحلي الإجمالي النفطي الحقيقي للدول الخليجية في العام 2025، ومن المتوقع أن يبلغ في المتوسط 4.7 في المائة خلال العام 2025، مع بدء سريان زيادات إنتاج النفط في المنطقة. ويعد هذا أقل بمقدار 130 نقطة أساس مقارنة بتوقعات صندوق النقد الدولي في أبريل 2024. ومن المتوقع أن تشهد أربع من أصل ست دول أعضاء في مجلس التعاون الخليجي انكماش نمو الناتج المحلي الإجمالي النفطي خلال العام 2024، وهي السعودية (-5.0 في المائة) والكويت (-6.6 في المائة) وعمان (-3.4 في المائة) والبحرين (-1.0 في المائة). وبالمقارنة، من المتوقع أن تأتي قطر في الصدارة من حيث نمو الناتج المحلي الإجمالي النفطي الحقيقي بنسبة 1.4 في المائة في العام 2024 تليها الإمارات بنسبة 0.3 في المائة. كما يتوقع أن يتعافى نمو الناتج المحلي الإجمالي النفطي للدول الخليجية في العام 2025 بقيادة الامارات التي من المتوقع أن تشهد زيادة الناتج المحلي الإجمالي النفطي الحقيقي بنسبة 6.7 في المائة في العام 2025 تليها السعودية (+5.0 في المائة) والكويت (+4.0 في المائة).
وفيما يتعلق بالناتج المحلي الإجمالي غير النفطي، من المتوقع أن تسجل الدول الخليجية معدل نمو أعلى نسبياً بنسبة 3.7 في المائة في العام 2024 نتيجة لرفع التوقعات بمقدار 10 نقاط أساس، يليه تسجيل نمو متوقع بنسبة 4.0 في المائة في العام 2025. وعلى الرغم من الانخفاض الشديد لعائدات صادرات النفط والطاقة، إلا أن الدول الخليجية تواصل جهود التنويع الاقتصادي وتنفيذ مشاريع الإصلاح التي تدعم النمو المتوقع للاقتصاد غير النفطي في المنطقة. ويتوقع صندوق النقد الدولي أن تأتي الإمارات في الصدارة من حيث نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي في العام 2024 بنسبة 5.3 في المائة تليها البحرين (+3.8 في المائة) والسعودية (+3.7 في المائة).
التضخم يواصل تراجعه في الدول الخليجية
من المتوقع أن يستمر التضخم الكلي العالمي في الانخفاض تدريجياً من نسبة 6.7 في المائة في العام 2023 إلى نسبة 5.8 في المائة في العام 2024 ونسبة 4.3 في المائة في العام 2025. إلا انه يتوقع أن يكون معدل انخفاض التضخم الكلي مختلفاً بالنسبة للمناطق المختلفة في العالم حيث من المتوقع أن تشهد الاقتصادات المتقدمة انخفاض التضخم بوتيرة أسرع مقارنة بالأسواق الناشئة والاقتصادات النامية. وجاء انخفاض التضخم العالمي مدعوماً بانخفاض أسعار النفط إلى جانب تراجع أسعار السلع الغذائية العالمية بوتيرة أسرع مما كان متوقعاً في السابق. أما بالنسبة للدول المصدرة للنفط في المنطقة، وخاصة الدول الخليجية، ما تزال معدلات التضخم ضعيفة خلال العام 2024 حيث تشهد جميع الدول الخليجية تقريباً معدلات تضخم تقل عن أو تقترب من 2 في المائة. وبالمقارنة، من المتوقع أن يظل التضخم في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمعدلات ثنائية الرقم بصفة عامة حتى عام 2025.
وقد أدت الصراعات المستمرة في الوقت الحالي كالحرب على غزة ولبنان، إلى تفاقم حالة عدم اليقين وتعطيل طرق التجارة ونزوح الناس من مساكنهم. كما تراجع حجم الشحن عبر قناة السويس بأكثر من نسبة 70 في المائة مقارنة بمستويات ما قبل الصراع حيث تم إعادة توجيه معظم التجارة حول جنوب إفريقيا عن طريق رأس الرجاء الصالح. بالإضافة إلى ذلك، وبسبب الحرب المستمرة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تعطل النشاط السياحي بشدة في بعض الدول، مما حد بشدة من وصولها إلى العملات الأجنبية، الأمر الذي نتج عنه انخفاض قيمة عملتها المحلية وفرض ضغوط تصاعدية على الواردات. بالإضافة إلى ذلك، فإن الخسائر في الأرواح البشرية وتكاليف تدمير البنية التحتية الرئيسية نتيجة الحرب على غزة ولبنان كانت أيضاً سببا آخر لارتفاع معدل التضخم في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بصفة عامة.
وبالنسبة للدول الخليجية، من المتوقع أن ينخفض التضخم الكلي وأن يظل منخفض كالاتجاهات العالمية. ومن المتوقع أن ينخفض التضخم الكلي في الدول الخليجية من نسبة 2.2 في المائة في العام 2023 إلى نسبة 1.8 في المائة في العام 2024 ونسبة 1.9 في المائة في عام 2025. وبالمقارنة، من المتوقع أن يشهد التضخم الكلي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا انخفاضاً هامشياً من نسبة 15.0 في المائة في العام 2023 إلى نسبة 14.8 في المائة في العام 2024، قبل أن ينخفض مجدداً إلى نسبو 11.6 في المائة في العام 2025. من جهة أخرى، من المتوقع أن يرتفع التضخم الأساسي في الدول الخليجية هامشياً من نسبة 0.6 في المائة في العام 2023 إلى نسبة 0.8 في المائة في العام 2024، على أن يشهد المزيد من الارتفاع ليصل إلى نسبة 1.8 في المائة في العام 2025.

العائدات النفطية قد تظل منخفضة في عامي 2024 و2025
استمر تأثر النشاط الاقتصادي للدول الخليجية وغيرها من الدول المصدرة للنفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بتراجع العائدات النفطية في عامي 2023 و2024 على خلفية تخفيضات الإنتاج الطوعية إلى جانب ضعف الطلب على النفط. ونتيجة لذلك، ارتفعت نقطة التعادل النفطي في موازنات كافة الدول الخليجية باستثناء عمان والإمارات للعام 2024. وعند مقارنته بمتوسط سعر العقود الفورية لمزيج خام برنت للعام 2024، من المتوقع أن يكون سعر التعادل النفطي أقل من متوسط سعر النفط لهذا العام (81.1 دولار أمريكي للبرميل) لثلاث من أصل ست دول خليجية. ومن المتوقع أن يكون سعر التعادل النفطي للعام 2024 هو الأعلى بالنسبة للبحرين عند 135.7 دولار أمريكي للبرميل بينما تستمر قطر في تسجيل أدنى سعر بما يعادل 46.9 دولار أمريكي للبرميل. ومن المتوقع أن ينخفض إنتاج النفط في دول مجلس التعاون الخليجي للعام الثاني على التوالي في العام 2024 نتيجة لاستمرار التخفيضات الطوعية لإنتاج النفط من قبل الدول الأعضاء في دول الخليج، إلا أنه من المتوقع أن يتعافى في العام 2025. ووفقاً لتقديرات صندوق النقد الدولي، من المتوقع أن ينخفض إنتاج دول الخليج الإجمالي من النفط الخام من 17 مليون برميل يومياً في العام 2023 إلى 16.1 مليون برميل يومياً في العام 2024، ثم إلى 17.1 مليون برميل يومياً في العام 2025. ومن المتوقع أن يؤدي انخفاض العائدات النفطية بسبب انخفاض أسعار النفط واستمرار تقليص إنتاج النفط إلى الضغط على النشاط الاقتصادي للدول المصدرة للنفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
خفض توقعات الفائض المالي مقارنة بالتوقعات السابقة…
وعلى صعيد المالية العامة، يواصل صندوق النقد الدولي توقع تسجيل الدول الخليجية لفوائض مالية في عامي 2024 و2025. إلا أن الفائض المتوقع كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي قد تم تعديله بالخفض. إذ يتوقع صندوق النقد الدولي الآن أن ينخفض الفائض المالي للدول الخليجية من نسبة 3.2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2023 الى نسبة 1.8 في المائة في العام 2024 و1.4 في المائة في العام 2025.
وبالمثل، تم أيضاً خفض توقعات عجز المالية العامة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مقارنة بتقديرات أبريل 2024 البالغة 1.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2024 إلى نسبة -1.7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. كما يتوقع صندوق النقد الدولي أن ينخفض العجز المالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى نسبة -2.0 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2025. بالإضافة إلى ذلك، تم تعديل فائض الحساب الجاري للدول الخليجية في العام 2024 إلى 132.7 مليار دولار أمريكي مقارنة بالتقديرات السابقة البالغة 194.7 مليار دولار أمريكي. ومن المتوقع أن ينخفض الفائض أكثر قليلاً في العام 2025 ليصل إلى 98.3 مليار دولار أمريكي. ويعكس انخفاض ميزان الحساب الجاري للدول الخليجية بصفة رئيسية تأثير انخفاض أسعار النفط والتخفيضات الطوعية في إنتاج النفط التي طبقتها الدول الخليجية المصدرة للنفط. ومن المتوقع أن يشهد ميزان الحساب الجاري للسعودية انكماشاً حاداً من 36.5 مليار دولار أمريكي في العام 2023 إلى 4.3 مليار دولار أمريكي فقط في العام 2024، مما يعكس استمرار التخفيضات الطوعية المتوقعة لإنتاج النفط في المملكة وضعف الطلب على النفط خلال العام 2024. أما على صعيد توقعات رصيد الحساب الجاري في الدول الخليجية، من المتوقع أن تشهد جميع أرصدة الحسابات الجارية الستة في الدول الخليجية انخفاضاً في العام 2024 مقارنة بالعام 2023 إلى. وبلغ الرصيد الحساب الجاري للكويت 51.4 مليار دولار أمريكي في العام 2023 والذي من المتوقع أن ينخفض إلى 45.7 مليار دولار أمريكي في العام 2024، كما يتوقع أن يشهد المزيد من الانخفاض ليصل إلى 38.3 مليار دولار أمريكي في العام 2025.