مقالات

التحديات التي يواجهها القطاع الزراعي في ولاية ترامب الجديدة.

مع اقتراب بداية ولاية الرئيس دونالد ترامب الثانية في 20 يناير 2025، يواجه القطاع الزراعي الأمريكي العديد من التحديات الجديدة التي ستحدد ملامح مستقبل الزراعة الأمريكية. على الرغم من بعض السياسات التي قد تستمر من ولايته الأولى، إلا أن هناك قضايا معقدة تحتاج إلى معالجة عاجلة.

التغيرات المناخية وأثرها على الإنتاج الزراعي

تشكل التغيرات المناخية المستمرة واحدة من أبرز التحديات للقطاع الزراعي الأمريكي. تشير الإحصائيات إلى أن الولايات المتحدة فقدت نحو 1.5 مليون فدان من الأراضي الزراعية بسبب التحضر والتغيرات المناخية في العقد الأخير. ومن المتوقع أن يزداد هذا الرقم بنسبة 10% بحلول عام 2030.
يهدد تغير المناخ الإنتاج الزراعي في عدة مناطق، مع تفاقم فترات الجفاف وازدياد التقلبات في درجات الحرارة. تتأثر محاصيل أساسية مثل الذرة وفول الصويا، التي تمثل حوالي 60% من إجمالي الإنتاج الزراعي، بشكل كبير. في عام 2024، سجلت وزارة الزراعة الأمريكية انخفاضًا بنسبة 15% في إنتاج فول الصويا في المناطق الأكثر تأثرًا بالجفاف، وهو انخفاض قد يتكرر في السنوات القادمة إذا لم تُتخذ تدابير كافية.

السياسات التجارية وتأثيرها على الصادرات

خلال ولايته الأولى، اعتمد ترامب نهجًا تجاريًا يتسم بالتوتر مع شركاء دوليين رئيسيين، مثل الصين وأوروبا. في عام 2022، بلغت الصادرات الزراعية الأمريكية 196 مليار دولار، كان النصيب الأكبر منها لمحاصيل مثل الذرة وفول الصويا، حيث بلغت الصادرات إلى الصين وحدها 18 مليار دولار. ومع ذلك، فإن استمرار التوترات التجارية قد يؤدي إلى تقلبات أكبر في هذه الأرقام، مما يعرض المزارعين لمخاطر مالية إضافية.

العمالة الزراعية: تحدٍ مستمر

يشكل نقص العمالة الزراعية تحديًا كبيرًا آخر. تشير الإحصائيات إلى أن حوالي 73% من مزارع الفواكه والخضروات تعتمد على العمالة اليدوية، إلا أن قوانين الهجرة الصارمة التي تم تبنيها في فترة ترامب الأولى ساهمت في تقليل عدد العمال المهاجرين المتاحين للعمل الزراعي. في عام 2024، عانت المزارع من نقص يقدر بنحو 25% في العمالة المطلوبة، مما أدى إلى خسائر بلغت 3.1 مليار دولار في الإنتاج.

توزيع الدعم الزراعي

يحظى المزارعون الكبار الذين يزرعون المحاصيل الأساسية بنصيب الأسد من الدعم الحكومي. في عام 2023، استحوذت “الخمسة الكبار” (الذرة، فول الصويا، القمح، الأرز، والقطن) على حوالي 78% من إجمالي الدعم الزراعي البالغ 43 مليار دولار. في المقابل، يحصل المزارعون الصغار الذين يزرعون محاصيل غير أساسية مثل الفواكه والخضروات على أقل من 5% من الدعم.

اعتماد متزايد على الواردات

تظهر الإحصائيات اعتماد الولايات المتحدة المتزايد على الواردات لتلبية احتياجاتها الغذائية. في عام 2023، استوردت الولايات المتحدة حوالي 60% من الفواكه و38% من الخضروات التي تستهلكها، بتكلفة بلغت 21.5 مليار دولار. وتعتبر المكسيك ودول أمريكا اللاتينية المصدر الرئيسي لهذه الواردات.

التحولات الهيكلية في الزراعة الأمريكية

تمتلك الولايات المتحدة حوالي مليار فدان من الأراضي الزراعية، ولكن المساحة المزروعة فعليًا انخفضت بنسبة 12% خلال العقد الماضي. يتركز الإنتاج الزراعي بشكل أساسي على “الخمسة الكبار”، التي تمثل حوالي 75% من المساحة المزروعة. في الوقت نفسه، شهد إنتاج المحاصيل غير الأساسية مثل الفواكه والخضروات انخفاضًا بنسبة 8% خلال السنوات الخمس الماضية.

قانون المزارع لعام 2025

من المتوقع أن يلعب قانون المزارع الجديد دورًا محوريًا في إعادة التوازن للقطاع الزراعي. تشير التقديرات إلى أن هذا القانون، الذي تبلغ ميزانيته 50 مليار دولار، سيوجه حوالي 15% من الدعم للمزارعين الصغار والمتوسطين. كما سيشمل القانون إجراءات لتحسين البنية التحتية الزراعية، بما في ذلك تطوير شبكات الري واستخدام تقنيات الزراعة العمودية.

التقنيات الحديثة لتعزيز الإنتاجية

تعتمد الزراعة الأمريكية بشكل متزايد على التقنيات الحديثة لتحسين الإنتاجية. تشير الإحصائيات إلى أن استخدام الزراعة العمودية والذكاء الاصطناعي يمكن أن يزيد إنتاج المحاصيل بنسبة 30% بحلول عام 2030. في عام 2023، تم استثمار حوالي 2.8 مليار دولار في تقنيات الزراعة المستدامة، مع توقعات بزيادة هذا الرقم إلى 4.5 مليار دولار في السنوات الخمس القادمة.

تعزيز الأمن الغذائي وتقليل الاعتماد على الواردات

يهدف قانون المزارع لعام 2025 إلى تقليل الاعتماد على الواردات من خلال تقديم حوافز مالية للمزارعين المحليين، مما يساعد على تقليص الفجوة الغذائية وتحسين الأمن الغذائي. إذا نُفذ هذا القانون بفعالية، فمن المتوقع أن ينخفض الاعتماد على الواردات بنسبة 15% بحلول عام 2030، مما يوفر حوالي 3.5 مليار دولار سنويًا.

توقعات الاقتصاديين

أظهر استبيان حديث أجرته “فارمر ماك” وشمل 60 اقتصاديًا متخصصًا في الزراعة أن 85% من الاقتصاديين يتوقعون إقرار قانون المزارع بحلول منتصف 2025. رغم ذلك، أشار التقرير إلى أن التحديات البيئية والتجارية قد تؤدي إلى تأخير تنفيذ بعض بنود القانون، مثل توزيع الدعم وتعزيز الإنتاج المحلي.

الخلاصة

يمثل القطاع الزراعي الأمريكي ركيزة أساسية للاقتصاد الوطني، ولكنه يواجه تحديات معقدة تشمل التغيرات المناخية، نقص العمالة، وتوزيع الدعم غير المتوازن. مع بدء ولاية الرئيس ترامب الثانية، ستحتاج إدارته إلى اتخاذ خطوات حاسمة لمعالجة هذه القضايا وضمان استدامة الزراعة الأمريكية.
يعد قانون المزارع لعام 2025 فرصة كبيرة لتحقيق هذا الهدف من خلال توجيه الدعم للمزارعين الصغار، تعزيز الابتكار، وتقليل الاعتماد على الواردات. ومع تنفيذ هذه السياسات بشكل فعال، يمكن للولايات المتحدة أن تعزز أمنها الغذائي وتضمن مستقبلًا أكثر استدامة للقطاع الزراعي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى