لماذا عملة الكويت الأغلى؟

هناك دول عملتها المحلية قوية واقتصادها ضعيف، وهناك العكس، دول عملتها ضعيفة واقتصادها قوي، والسؤال: هل يكشف سعر صرف العملة القوة الحقيقية لاقتصاد الدول؟
ليس ذلك بالضرورة، فهناك اقتصاديات مثل اليابان، التي يحتل الناتج القومي الإجمالي لها المرتبة الثالثة عالميا، نجد أن قيمة الين الياباني متدنية جدا، وكذلك الصين، لأسباب أنهما دول منتجة ومصدرة للعالم.
وهناك دول اقتصادياتها ضعيفة وعملتها قوية مثل الكويت والأردن، لأسباب أنها دول مستوردة وغير منتجة.
لذلك أصبح هناك نظامان أساسيان لتقييم العملة.. الأول: هو نظام الصرف الثابت الذي يعتمد خلاله تثبيت سعر العملة، إما إلى عملة واحدة، أو إلى سلة عملات.
اما النظام الثاني فهو نظام الصرف المرن والذي يعتمد على تحرير سعر العملة وتركها للسوق وقوى العرض والطلب. هذا ما هو موجود من أنظمة متبعة في دول العالم.. ولكن ما هو النظام الموجود في الكويت؟
أصدرت الكويت عملتها الرسمية في عام 1960، ولم يمر الكثير من الوقت حتى تربع الدينار الكويتي على عرش العملات العالمية كصاحب أعلى سعر صرف في العالم، وذلك جاء لأن الدينار الكويتي مربوط بسلة من العملات، ويتم تحديد سعر صرفه مقابل الدولار الأميركي على أساس سلة من العملات العالمية الرئيسة التي تعكس العلاقات التجارية والمالية مع دولة الكويت. ويتم تحديد معدل صرف العملة استنادا إلى مجموعة من العملات التي يتم اختيارها من قبل البنك المركزي.
وبعيدا عن أن الكويت تحتفظ باحتياطيات نفطية ضخمة، إذ يبلغ احتياطها الثابت بنحو 102 مليار برميل، أي نحو 7.4% من احتياطيات النفط الخام في العالم، إلا أن البلاد تولي اهتماما خاصا بدعم عملتها لبقائها ثابتة، فلا يحصل تذبذب في قيمتها، وهو ما يجعلها محتفظة بقيمتها المرتفعة لأن الكويت مستوردة وليست مصدرة للعالم. عكس ما هو موجود في الصين واليابان اللتين تسعيان إلى خفض قيمة عملتيهما، وذلك بسبب أن الدولتين تعتمدان بشكل أساسي على التصدير، وكلما انخفضت قيمة العملة كان الطلب على الصادرات أعلى، لذلك دائما ما تصبح قيمة العملة المنخفضة هي الخيار الأفضل للدول التي لديها إنتاج قوي وتبحث عن التصدير.
إن الكويت ليس أمامها خيار إلا بتقوية عملتها أمام عملات العالم من أجل تفادي كثير من المخاطر الاقتصادية، لأنها دولة مستوردة وغير منتجة للسلع والخدمات، وهذا يحملها كلفة عالية، وسوف تتزايد في المستقبل إذا ما استمرت في نهجها الاستهلاكي غير المنتج. فأي تغير سلبي في أسعار النفط وازدياد العجز في الميزانية بسبب الهدر غير المبرر في المصروفات، يزيد المخاطر الاقتصادية. لذلك يجب على الدولة أن تعي تلك المخاطر وأن تغير النهج من وعي استهلاكي إلى نهج إنتاجي متنوع، يكون عونا ورافدا للنفط في دعم الميزانية السنوية للدولة.
إن اتباع الأسس الاقتصادية السليمة صار ملزما وليس خيارا لتفادي المخاطر المستقبلية المتوقعة والقادمة، من أجل هذا البلد المسكين الطيب.. والله المستعان…
حامد السيف.