مقالات

الاقتصاد … الاقتصاد يا سادة……..

إن تقدم أي بلد في العالم أو تأخره يعتمد على متانة أو ضعف اقتصاده.
فمن هنا نرى أن الاقتصاد الكويتي تأخر كثيرا وصارت مؤشراته سلبية بامتياز، وصارت السياسة اللاعب الوحيد بدل الاقتصاد، وشغلت السياسة مساحات واسعة من نشاطات البلد خلال سنوات طويلة، وزاد اتساعها حتى أصبحت سببا رئيسيا في الفشل الحالي للاقتصاد الوطني وتعثر التنمية الحقيقية المطلوبة، وتعمق الإحساس عند الناس بالإحباط وفقدان الأمل وتمنى شريحة واسعة من المواطنين العودة لما قبل بداية الديمقراطية، التي انحرفت عن أهدافها ومبادئها التشريعية والرقابية.
بدل أن تكون الديمقراطية عامل على تحقيق الرفاهية الاقتصادية للوطن وللمواطنين، حدث العكس، وسيطرت البيروقراطية بقيادة التنظيمات القبلية والحزبية والدينية السياسية ومراكز القوى بتكتيك حكومي مرتب، بحيث تحولت الديمقراطية إلى وسيلة وليست غاية تحت سيطرة البيروقراطية البغيضة والمكلفة.
وبالتالي فقد الاقتصاد كثيراً من مزاياه، وتراجعت المؤشرات الاقتصادية والتعليمية والصحية والخدمية، وزادت معاناة الناس، ودخل الاقتصاد في دائرة جهنمية يصعب الفكاك منها، وعم الفساد، وربما كان هذا أحد مخططات المتنفذين ليسهل التحكم الجشع باقتصاد البلد والغرف منه بدون رحمة، وعدم الإحساس والتفكير بمستقبل هذا البلد المسكين. كل هذه المعطيات تضع الحكومة في نظامنا الجديد الجدي أمام تحديات جمة في إيجاد حلول جذرية في التخلي عن سياسة المحاصصة ووضع رؤية اقتصادية شاملة للبلد تكون بمثابة المحرك الرئيسي لمستقبله ورفاهية مواطنيه.
لذا فإن الملف الاقتصادي يعد من أهم الملفات على طاولة الحكومة، ويحتاج إلى كثير من الخبراء والفنيين لوضع برامج عاجلة للتعامل مع تلك الملفات القابلة للخروج عن السيطرة في أي وقت، وأبرزها ملفات البطالة والبطالة المقنعة ومخرجات التعليم المستقبلية والتأخر في برنامج التخصيص المهم في التعليم والصحة والخدمات العامة للمواطنين، وإيجاد رديف بديل لدخل الدولة يخفف الاعتماد على النفط. إن التأخر في هذه البرامج الجدية سوف يضع البلد ومستقبل أبنائه في الطريق الصعب المجهول، لذلك ليس لدينا حل غير التوقف والتأمل بوضعنا الحالي والمحبط والتفكير الجاد بالاقتصاد الوطني المنتج في تنمية هذا البلد ووضعه على الطريق الصحيح قبل فوات الأوان. وليس أمام أصحاب القرار غير خلق الأدوات الضرورية لمعالجة الوضع والانطلاق للمستقبل، وخصوصا أننا نملك كل الأدوات المادية والبشرية، فماذا يمنعنا غير التخلي عن الأفكار الحالية والتوجه نحو الاقتصاد المنتج، فالاقتصاد القوي يخلق حالة سياسية قوية مستقرة تحمي مستقبل هذا البلد وأجياله القادمة.
إن ما نحن نسير فيه هو تراجع واضح في كل المؤشرات الاقتصادية بشهادة المؤسسات العالمية والمحلية، وليس أمامنا غير تغيير الفكر والنهج السائد إلى النهج والفكر الاقتصادي العلمي المدروس، والتخلي عن اللعب بالسياسة الخطرة المعتمدة على الاحتواء والمحاصصة والتي تؤدي إلى زيادة خراب البلد ومستقبله ومستقبل أجياله القادمة… إنها دعوة لتصحيح الوضع لما فيه خير هذا البلد الأصيل الطيب. والله المستعان…
حامد السيف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى