الاقتصاد والبنوك يستفيدون من خفض الفائدة في آن واحد … كيف ذلك؟
تفاوت الفائدة بين العملاء وطبيعة القرض يخففان من سلبية خفض سعر الخصم على أرباح البنوك
مخصصات مليارية في ميزانيات البنوك تضمن تغطية فجوات النمو والربح لـ 10 سنوات مقبلة
“المركزي” مطمئن لأوضاع البنوك ومؤشرات الربحية وإلى حجم المشاريع والسياسة المالية النشطة
البورصة استقبلت خفض الفائدة بفتور نتيجة وفرة السيولة
كتب حازم مصطفى:
في الوقت الذي خفض فيه البنك المركزي سعر الفائدة بواقع 25 نقطة أساس، تماشياً مع خفض الفيدرالي لسعر الفائدة على الدولار، وواكبه في ذلك دول الخليج، أكدت مصادر مصرفية أن سعر الفائدة يصل عملياً حتى 6.5% في القطاع المصرفي وفقاً للهامش المحدد من المركزي بواقع 3.5%، و3% هامش محدد للبنوك للتحرك في إطاره، ويأتي هذا المستوى في سياق وضع العميل والمخاطر المحيطة به وجدارته الائتمانية وحجم تعاملاته مع البنك، فبعض العملاء يحصلون على هامش تنافسي وأسعار فائدة منخفضة مقابل وجود أعمال وأنشطة أخرى يستفيد منها البنك لتخرج محصلة العميل بمتوسط مريح ومربح للطرفين.
وعودة إلى خفض الفائدة التي قررها البنك المركزي ووجدت طريقها للنفاذ اعتباراً من أمس الخميس، أكدت مصادر مصرفية أن الخفض لا ينظر له على أنه إجراء أو قرار سلبي يؤثر فقط على هامش ربح البنوك، بل على العكس، فهو يخفض أيضاً من هامش التكلفة التي تتحملها البنوك على الودائع.
وأوضحت المصادر أن هامش الفائدة المتقابلة ما بين الخفض الذي تنفذه البنوك على الإقراض والودائع قد تصل إلى تقليص هامش التراجع في أرباح البنوك.
لكن في المقابل أكدت المصادر أن تراجع سعر الفائدة يصب في مصلحة البنوك من زاوية أخرى أيضاً، وهي زيادة نشاط القروض بوتيرة أعلى من الحالية، مشيرة إلى أن حجم المشاريع التي يتم الحديث عنها سواء الإسكانية أو البنية التحتية الضخمة، مثل ميناء مبارك والسكك الحديد ونشاط السوق المالي، والقطاع العقاري التي تشهد أسعاره تصحيحاً، وبالتالي ستحفز الكثيرين على الاقتراض للشراء، علماً أن إحياء سوق العقار في مسار موازي للسوق المالي سينعش سوق القروض بمعدلات كبيرة.
أيضاً قرار خفض الفائدة سيحفز الدولة للمضي قدماً في زيادة هامش الاقتراض ضمن قانون التمويل، وهو خيار متاح وسيجد طريقة للنفاذ في ظل تعاقب المشاريع الاستراتيجية الكبرى، ويتناسب مع طبيعة وآلية مراحل التنفيذ.
لماذا تختلف الهوامش؟
وفقاً لمصادر مصرفية هناك تفاوت واختلاف لهامش لفائدة، بمعنى أن سعر الخصم ليس “ختم” موحد لكل العملاء وكل القروض، حيث هناك مرجعيات لذلك الأمر أبرزها:
* مخاطر العميل، حيث أن العميل ذو التاريخ الائتماني الممتاز والمصنف ضمن قوائم كبار العملاء يحصل على هوامش أقل.
* نوع المنتج يلعب دور أيضاً، حيث أن القروض العقارية تختلف عن القروض الاستهلاكية.
* التفاوت بين مدة القرض طويل الأجل أو قصير، مضاف إليها هامش المخاطرة.
* ثمة فرص يتاح للمصرف فيها أن يفرض شروطه وهامش الفائدة التي يقررها وليس العميل.
ما سبق يعكس أن المصارف لديها العديد من هوامش المرونة التي تجعلها في منطقة أمان ربحي، وهو ما يضعه البنك المركزي في الحسبان.
وفي هذا الصدد قالت مصادر مصرفية في ردها على سؤال بشأن آلية الخفض، بأن البنك المركزي يراعي الكثير من المؤشرات المحيطة بواقع البنوك والاقتصاد، والدليل على ذلك هو مخالفة البنك المركزي لقرار الفيدرالي أكثر من مرة.
المصارف حالياً في وضع مريح من جهة المخصصات التي كانت تشكل عبء كبير في بعض المراحل، وباتت هناك آلية ملموسة لتحرير المخصصات التي انتفى الغرض منها، وفقاً لمؤشرات السلامة المالية، حيث كانت المخصصات التي قامت البنوك ببناؤها على مدار 14 عاماً التالية للأزمة المالية تتخطى حاجز 10 مليارات دينار، وهي مصدات لحماية القطاع من الصدمات الاقتصادية، وهي غير قائمة حالياً في ظل طفرات النمو المتوقعة وتراجع التعثرات وتنظيف محفظة الديون غير المنتظمة إلى أدنى مستوياتها.
وشددت المصادر على أن رؤية البنك المركزي تستند على التوازن، مشيرة إلى أن قراره يختلف عن معطيات ومسببات قرار الفيدرالي، حيث أن الاقتصاد الأمريكي معقد في تركيبته ويختلف عن السوق المحلي الذي تحكمه عوامل ومعطيات أخرى وخصوصية مختلفة، بدليل أن تأثيرها على السوق أمس لم يكن لحظي أو ملموس، حيث استقبلت البورصة قرار الخفض بمرونة، فالسيولة متوافرة وفي أعلى مستوياتها، والسوق عموماً ليس متعطش للسيولة، وبالتالي هناك اختلاف في الدوافع، لكنها ستحفز بعض القطاعات وستزيد نشاط الإقراض المؤسسي.




