الوصولي الانتهازي …يسقط بالبراشوت الأمريكي

قصة اقتصادية توعوية
يكتبها: عادل العادل :
عندما تكون شخص انتهازي أو وصولي تتأرجح على كل الحبال وبين كل المتناقضات، ستحصد مكاسب آنية لكنك ستفقدها حتما سريعا وستعود كما كنت صفر اليدين.
يقيناً، الألقاب لا تصنع القامات، بل القامات هي التي تزين الألقاب … لكن قلة هي التي تفطن وتعي هذه الحقيقة.
قصة الدلال الأجوف الذي كان كل رأسماله أن قادته الأقدار إلى صداقة شاب قريب من عمره الطفولي. كان هذا الصديق الشاب شديد الذكاء، فطن، يهوى العلاقات الاجتماعية، مقرب من قامات تجارية وسياسية في وطنه، حاز على ثقتهم فمنحته هذه الثقة ما يشبه شهادة الأيزو التي لا يمكن شراؤها بل اكتسابها بالممارسة العملية وبالكفاءة الواقعية، ففتحت له أبواب كثيرة من العلاقات، ومهدت له كي يكون لاعب محترف في ساحات مختلفة، سياسية واقتصادية، وأجمع عليه رموز الساحتين، وبات حضوره مطلوبا دائما في بعض التجمعات الخاصة لرموز التجارة والسياسة، والعجيب أنه يحظى بإعجاب الكبار أًصحاب الخبرات العتيقة، وهذا ليس سهلا بل هو شيء نادر التكرار.
على الشاطئ الأيمن كان الانتهازي الوصولي يترقب ويقرأ كل هذه العناوين و”يتكتك” ويفكر كيف يستغل هذه الصداقة والمميزات والعلاقات لصالحه، ويحقق منها مكاسب شخصية في مناصب رفيعة، طالما صديقه الذكي صاحب هذه الإمكانات ليس في حاجة لها.
بدأ في تقديم اسهمه “كمطراش” مطيع يثبت يوميا على أرض الواقع ولاءه للشاب الذكي، ولا يمانع في أن يقوم بأي مهمة طالما خلف الأسوار ووراء الكواليس، فكان لابد له من المرور يوميا لتسجيل بصمته، وإمداد “الشاب الذكي” ببعض المعلومات التي يسمع عنها ويجمعها بحكم عمله في إحدى المجاميع التجارية المرموقة، فكان بمثابة “ثغرة ” أو جاسوس غير مأمون … لكنه استمر واستفاد من موقعه ومن علاقته بصديقة الذكي.
فجأة بلا مقدمات سقط “ببراشوت” أمريكي الصنع على منصب أذهل الجميع، ليس بسبب قيمة ورزانة وحجم المنصب الكبير جدا جدا عليه، لكن بسبب أنه كان ممنوعا من المرور أمام هذا الكيان الذي هبط عليه “بالبراشوت” فأي ذهول هذا وأي أقدار وأي قوة خارقة انقضت على هذا المنصب في غفلة من الجميع.
بات الجميع يندب حظه ويبحث يمينا ويسارا كيف يصلون إلى الشخص الذكي صاحب السر في تقليد “الأجوف ” لهذا التاج الذي سيظل يزين تاريخه إلى الأبد لمجرد دخوله من هذا الباب وخروجه من الأخر.
وفعليا بمجرد أن وضع قدمه بين الكبار وبين أصحاب الكفاءة والنزاهة والموثوقية تفتحت أمامه أبوابا لم يكن يحلم بها يوما في أحلام اليقظة أو المنام، بعد أن استغل منصبه وحصل على الهدية الثانية لطمث معالم بصماته في الأولى.
حقق ما أراد وحقق أهدافه ورسخ صورة لدى الشباب على أن الانتهازية والوصولية هي الطريق السهل، ناسيا أن هذه المسارات هي أساليب كل شخص أجوف فاقد الثقة في إمكاناته ومؤهلاته، وهي طريق الباحثين عن غطاء أو صفة تحسن من صورتهم في مجتمعهم، متناسيا قول الباري عز وجل في محكم التنزيل ” فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً ۖ وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ”
فمهما علا هذا الباطل، فإن ما يبقى وينجح دائماً في النهاية هو العمل والقول الحق الذي ينفع الناس، أما ما لا قيمة له فيذهب جفاء وها هو ينتظر رصاصة الرحمة متعلقا في خيط من عنكبوت لا يجد من يشفع له أو يمنحه باراشوت جديد بعدما تغيرت قواعد اللعبة.
- …إلى اللقاء مع قصة جديد للعظة من عالم ما وراء البحار