مقالات

عندما يتحول القائد إلى أكبر خطر على شركته!

نادراً ما يكون سقوط الرئيس التنفيذي بسبب قلة الكفاءة أو سوء الحظ.

النرجسية أخطر صفة في قاعة الإدارة العليا.

قد يُفتن مجلس الإدارة بكاريزما الرئيس التنفيذي أو سجله الحافل، متجاهلاً إشارات وعلامات الخطر حتى فوات الأوان.

الرؤساء التنفيذيون النرجسيون مهووسون بصورتهم، ويميلون إلى اتخاذ قرارات متهورة للحفاظ على مكانتهم.

بدون الذكاء العاطفي، يصعب على القادة بناء الثقة، وإدارة الصراعات، مما يؤدي إلى ارتفاع معدل دوران الموظفين.

الجانب المظلم للرئيس التنفيذي لا يتعلق فقط بالشخصية؛ بل يتعلق أيضاً بالأخلاق.

الفشل في تحدي أو استبدال رئيس تنفيذي إشكالي يمكن أن يكون له عواقب كارثية على الشركة وأصحاب المصلحة.

يجب أن يكون مجلس الإدارة مستعداً لتحدي الرئيس التنفيذي، لضمان توازن السلطة وتعزيز الحوكمة.

 

 

لماذا يفشل الرؤساء التنفيذيون: الجانب المظلم منك

المقدمة

نادراً ما يكون سقوط الرئيس التنفيذي بسبب قلة الكفاءة أو سوء الحظ، فغالباً ما يكون نتيجة لصفات شخصية متجذرة وأنماط سلوكية – ما يسمى بـ “الجانب المظلم”– التي إذا تُركت دون رقابة يمكن أن تطيح حتى بأكثر القادة وعداً، وتدمر مؤسسات بأكملها. سنوضح في هذا المقال الأبعاد النفسية والمؤسسية والأخلاقية وراء فشل الرؤساء التنفيذيين، ونستعرض الدراسات والحالات الواقعية وأحدث الأبحاث، لنكشف كيف أن نفس الصفات التي تدفع الأفراد إلى القمة يمكن أيضاً أن تؤدي إلى سقوطهم.

 

شرح فشل الرؤساء التنفيذيين

أسطورة أو خرافة القائد الذي لا يُقهر.

غالباً ما يُحتفى بالرؤساء التنفيذيين بسبب تمتعهم برؤية واضحة وحماس، وطموح عالي وكاريزما قوية. لكن هذه الصفات نفسها يمكن أن تتحول إلى غرور وتهوّر وإحساس خطير بعدم القبول للهزيمة.  لا يتمثّل ‘الجانب المظلم’ للقيادة في الجريمة أو النوايا السيئة فحسب، بل في العادات الهدّامة التي تترسخ خفيةً، فتضعف الحكمة والتبصّر والنضج والعلاقات تدريجياً.

العادات السبع القاتلة

حدد سيدني فينكلشتاين (Sydney Finkelstein)، في أبحاثه حول فشل التنفيذيين، سبعة أنماط من السلوكيات الخاطئة التي تُعد إشارات إنذار مبكر:

1- الميل إلى السيطرة والهيمنة: نظرة الرئيس التنفيذي للذات ولمؤسسته ككيان أعلى من المنظومة والبيئة المحيطة به/ها، مما يؤدي إلى ثقة زائدة وعمياء تُترجم إلى قرارات ومخاطرات غير محسوبة.

2- الغرور: الاعتقاد بأن المرء دائماً على حق، ورفض المعارضة، واختلاف وجهات النظر والآراء.

3- حب الدراما: التلهف للظهور وجعل كل شيء يدور حول الذات.

4- التقلب: تغيرات المزاج التي تزعزع استقرار الفريق واتخاذ القرارت.

5- الحذر المفرط: الشلل في مواجهة المخاطر، مما يؤدي إلى ضياع الفرص.

6- عدم الثقة المزمن: التركيز على السلبيات، وغرس ثقافة الشك في المؤسسة.

7- العزلة: قطع النفس عن المعلومات المهمة والحيوية والمستشارين الصادقين.

هذه العادات ليست منفصلة؛ غالباً ما تعزز بعضها البعض، مما يخلق حلقة سامة تعمي الرؤساء التنفيذيين عن الواقع وتبعد من حولهم.

 

الجانب المظلم: السمات الشخصية المدمرة

النرجسية والغرور

النرجسية ربما تكون أخطر صفة في قاعة الإدارة العليا. الرؤساء التنفيذيون النرجسيون مهووسون بصورتهم، ويبحثون عن الإعجاب، ويميلون إلى اتخاذ قرارات متهورة للحفاظ على مكانتهم. أما الغرور المفرط فيؤدي إلى المبالغة في تقدير القدرات وتجاهل مؤشارات التحذير، وغالباً ما ينتهي الأمر برهانات وقررات كارثية على الشركة.

دراسة حالة: المدير التنفيذي السابق لشركة ليمان براذرز (Lehman Brothers)، ريتشارد فولد:

أدى ثقة ريتشارد فولد المفرطة ورفضه الاستماع للتحذيرات حول أزمة الرهن العقاري إلى انهيار ليمان براذرز، مما تسبب في أزمة مالية عالمية.

ضعف الذكاء العاطفي

يتم تعيين العديد من الرؤساء التنفيذيين بناءً على ذكائهم وحماسهم، لكنهم يُقالون بسبب ضعف الذكاء العاطفي (EQ). بدون الذكاء العاطفي، يكافح القادة لبناء الثقة، وإدارة الصراعات، وإلهام الولاء، مما يؤدي إلى فقدان التفاعل وارتفاع معدل دوران الموظفين.

دراسة حالة: ماريسا ماير (Marissa Mayer) في ياهو
على الرغم من براعتها التقنية، ساهمت عدم قدرتها على التواصل مع الموظفين وتكييف أسلوب قيادتها في تراجع ياهو.

العمى الأخلاقي والانحرافات السلوكية

الجانب المظلم لا يتعلق فقط بالشخصية؛ بل يتعلق أيضاً بالأخلاق. الرؤساء التنفيذيون الذين يتحايلون، أو يزورون البيانات المالية، أو يتجاهلون اللوائح يمكن أن يدمروا مؤسسات بأكملها.

دراسة حالة: كينيث لاي وجيفري سكيلينج في إنرون
استخدامهم لكيانات خارج الميزانية لإخفاء الديون وتضخيم الأرباح أدى إلى واحدة من أكبر فضائح الشركات في التاريخ، ودمر مليارات من قيمة المساهمين وأضعف الثقة العامة في الأعمال.

 

 

 

الدينامكيات التنظيميةOrganizational Dynamics) ): كيف ينتشر الجانب المظلم

ثقافة الصمت

غالباً ما يحيط الرؤساء التنفيذيون أصحاب السمات المظلمة أنفسهم بأشخاص يوافقونهم الرأي، مما يخنق المعارضة وقبول اختلاف وجهات النظر والآراء الأخرى. تسمح ثقافة الصمت هذه بتفاقم المشاكل حتى تصبح لا يمكن السيطرة عليها.

العمى في قاعة الاجتماعات

من المفترض أن يوفر مجلس الإدارة الرقابة، لكنه قد يُفتن بكاريزما الرئيس التنفيذي أو سجله الحافل، متجاهلاً إشارات وعلامات الخطر حتى فوات الأوان. إن الفشل في تحدي أو استبدال رئيس تنفيذي إشكالي يمكن أن يكون له عواقب كارثية على الشركة وأصحاب المصلحة.

دروس من حالات فشل بارزة

عندما يصبح النجاح نقمة (The Paradox of Success)

من المفارقات أن نفس الصفات التي تساعد الرؤساء التنفيذيين على الصعود – الثقة، الرؤية، والمخاطرة – يمكن أن تصبح عيوباً إذا لم يتم ضبطها. النجاح يولد الرضا عن الذات والشعور بعدم القابلية للخطأ، مما يجعل القادة أقل تقبلاً لوجهات النظر والآراء الأخرى وأكثر عرضة للأخطاء الكارثية.

كيف يمكن منع فشل الرؤساء التنفيذيين؟

بناء الوعي الذاتي

يجب على المؤسسات إعطاء الأولوية للوعي الذاتي والتواضع لدى قادتها، باستخدام أدوات مثل التقييم 360 درجة والتقييمات النفسية (Psychometric) لاكتشاف السمات المظلمة مبكراً.

تعزيز الحوكمة (Corporate Governance)

يجب أن يكون مجلس الإدارة يقظاً ومستقلاً ومستعداً لتحدي الرئيس التنفيذي، لضمان توازن السلطة والالتزام بالمعايير الأخلاقية.

تعزيز ثقافة الإفصاح

تشجيع التواصل المفتوح وحماية المبلغين (Whistleblower) عن المخالفات يمكن أن يساعد في كشف المشاكل قبل تفاقمها.

إعطاء الأولوية للذكاء العاطفي

يجب أن يركز تطوير القيادة على الذكاء العاطفي بقدر ما يركز على المهارات التقنية، لضمان قدرة الرؤساء التنفيذيين على بناء الثقة، وإدارة الصراعات، والتكيف مع التغيير.

أخيرا:

“نادرًا ما ينشأ فشل الرئيس التنفيذي عن خطأ منفرد، بل هو نتيجة تراكمية لسمات “الجانب المظلم” الغير المضبوطة — كالنرجسية والغطرسة والانفصال والعمي الأخلاقي — التي تتفاقم بسبب الصمت المؤسسي وتراخي آليات الحوكمة. بفهم هذه الأسباب الجذرية والعميقة ومواجهتها، لن تتمكن الشركات من تجنب الكوارث ومن تعزيز ثقافة قائمة على المرونة والنزاهة والتفوق المستدام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى