مقالات

” حوكمة المسرح… ومجالس بلا مشهد ” عضو مجلس إدارة… بدرجة ممثل أول

 

بقلم : عمرو علاء

مسؤول مطابقة والتزام

 

الحوكمة بين الأداء والتمثيل

في المؤسسات المالية الحوكمة ليست ديكوراً تنظيمياً ولا ملفاً يوضع في الأدراج، بل هي أسلوب حياة يُبنى على النزاهة والمساءلة والشفافية.

لكن المؤسف أن بعض الأشخاص حولوها إلى مسرح أنيق بلا مضمون، تجتمع المجالس واللجان وتكتب التقارير وتلتقط الصور فقط من أجل “الشو” وتلبية المتطلبات الرقابية، ثم تعود الأمور كما كانت.

ويرفض هؤلاء أن يدركوا أن الحوكمة الحقيقية ليست ما يُقال في الاجتماعات، بل ما يُنفذ بعدها، وهنا يبدأ الفارق بين من يمثل الدور ومن يصنع الأثر.

المجالس التي تعمل… وتصنع القيمة

في الجهة المضيئة من المشهد، تقف مجالس إدارة تدرك أن عضوية المجلس أمانة ومسؤولية لا لقب، مجالس تقرأ التقارير بوعي، تطرح الأسئلة الصعبة، وتوازن بين الربحية والاستدامة،لا مكان فيها للمجاملات ولا للقرارات المعدة مسبقاً، فكل عضو يدرك أن صوته أمانة، وأن صمته قد يكلف المساهمين خسائر جسيمة.

هذه المجالس تحوّل مبادئ الحوكمة إلى واقع ملموس، تتخذ القرار بشجاعة، وتواجه الأخطاء بصدق، وتعتبر الثقة أغلى رأس مال، فتجد مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية وكافة موظفي الشركة يعملون معاً كترس واحد بهدف واحد وهو نجاح المؤسسة وتحقيق أقصى منفعة للمساهمين الذين وثقوا بهم وانتخبوهم لإدارة أموالهم.

المجالس النائمة… تمثيل بلا تأثير

وعلى الطرف الآخر وفي أقصى زاوية من المشهد المظلم، هناك من لا يزال يعيش في مسرح الحوكمة مجالس تُدار من خلف الستار وقرارات تُكتب مسبقاً، وأعضاء لا دور لهم سوى التصفيق.

في هذه المجالس تتحول الحوكمة إلى مشهد محفوظ ومكرر، قد يبدو مبهراً من الخارج، لكنه بلا روح ولا نية حقيقية للتغيير، والنتيجة معروفة مساهمون خاسرون، سمعة متآكلة، وثقة تتسرب من السوق بصمت.

المؤلم أن بعض هذه المجالس ترى في الكرسي وجاهة لا مسؤولية، وفي الصمت راحة لا تقصيرًا وهكذا تضيع الحوكمة بين أوراق الاجتماعات وصور التقارير السنوية.

المساهم… الحكم الأخير

يجب على كل مساهم أن يدرك أن الفرق بين مجلس يعمل ومجلس يمثل كبير للغاية فالأول جاء ليحقق الأرباح والنجاحات،

والثاني جاء ليحقق الخسائر ويضيّع حقوق المساهمين لصالح من وضعه على خشبة المسرح.

فعلى المساهم أن يفهم أن أداء عضو مجلس الإدارة لا يُقاس بالكلام، بل بالنتائج.

المساهم الواعي الذي يراقب ويحاسب، يقرأ التقارير، يسأل، ويصوت بضمير، ليس متفرجًا في هذا المسرح، بل هو المخرج الذي يقرر من يستحق البقاء على الخشبة ومن يستحق الحساب والعقاب، وعليه أن يكافئ المجلس الذي يحمي أمواله ويحاسب الذي يعبث بها.

طاولة المجلس قد تخدع… لكن النتائج لا تكذب

 

رسالة إلى أحدهم !!!!

لعلك لا تدرك أن الكرسي الذي تجلس عليه اليوم ليس ملكا لك، بل أمانة ستُسأل عنها أمام المساهمين في الدنيا وأمام الله في الآخرة.

القرارات التي تُتخذ بالمجاملة، ستُحاسب عنها بالعدالة، وما تراه منصباً اليوم… قد يتحول غدًا إلى شاهد على تقصيرك.

 

الكرسي لا يُخلّد أحدًا… لكنه يفضح كل من جلس عليه.
ومن يمثل الدور، يُصفّق له الجمهور لكن يُحاسبه التاريخ.

عزيزي المساهم

·   انتخب من يمثّلك في شركتك بأمانة.

·   شارك في الجمعيات العامة ولا تتغيب عن قرار يخص أموالك.

·   اقرأ تقارير شركتك، وتابع أدائها المالي، وافهم أين تذهب استثماراتك.

·   حاسب الأعضاء المقصّرين والمتخاذلين بلا مجاملة ولا تردد.

أموالك لا يحرسها الصمت… بل المتابعة والمحاسبة.
الرقابة تُسقِط المقصّر… لكن المساهم الصامت يشترك في الخطأ

 

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى