اتحاد شركات الاستثمار يختتم أسبوعاً تدريبياً متكاملاً لتعزيز كفاءة القطاع المالي
لمواكبة التطورات العالمية ورفع جاهزية المهنيين

اختتم اتحاد شركات الاستثمار (UIC)، عبر مركز دراسات الاستثمار (ISC)، أسبوعاً تدريبياً ثرياً، حيث نُظّمت ثلاثة برامج متقدمة امتدت من 16 إلى 20 نوفمبر، وشكّلت منصة معرفية متدرجة صُمّمت بعناية لتزويد الكوادر المالية والاستثمارية في الكويت بمهارات تحليلية وتشغيلية واستراتيجية تتماشى مع التحولات العالمية المتسارعة وتطور الأطر التنظيمية المحلية. وقد نجحت هذه البرامج في تقديم رحلة معرفية متكاملة بدأت بفهم عميق للقوائم المالية، مروراً بالغوص في عالم الصناديق المتداولة في البورصة (ETFs)، وصولاً إلى تفكيك أسرار صناعة السيولة ودور صانع السوق الحديث.
انطلقت السلسلة ببرنامج التحليل المتقدم للقوائم المالية، الذي شكّل قاعدة معرفية راسخة مكّنت المشاركين من إعادة قراءة الممارسات المالية بمنهج استراتيجي متكامل. تركز البرنامج على تفسير الروابط الدقيقة بين قائمة الدخل والميزانية العمومية وقائمة التدفقات النقدية، وكيفية انعكاس تلك الروابط على قدرة الشركات على تحقيق النمو والحفاظ على مستوى صحي من السيولة. كما تناول البرنامج منهجيات تحليل الإيرادات من زاوية اقتصادية وتشغيلية وسلوكية، مع توضيح تأثير التوسع الأفقي والرقمي، والقرارات التشغيلية، والظروف السوقية في تطور الربحية. وتعّمق المشاركون في تقييم مكونات التكلفة ومقارنة مستوياتها بالمعايير العالمية، إضافة إلى فهم تأثير التغيرات في أسعار المواد الخام، وكفاءة رأس المال العامل، وإدارة الذمم، وهيكلة الديون قصيرة وطويلة الأجل. وامتد البرنامج إلى تحليل السيناريوهات والحساسية، وهي أدوات أصبحت ضرورية في عالم يشهد تقلبات متسارعة، بما مكّن المشاركين من تقييم مرونة الشركات واستباق المخاطر وبناء سياسات مالية أكثر صلابة.
وبعد انتهاء البرنامج الأول، انتقل المشاركون إلى برنامج الصناديق المتداولة في البورصة (ETFs)، الذي امتد على مدار يومين وشكّل جسراً معرفياً نحو فهم أحد أكثر قطاعات الاستثمار نمواً في العالم. استعرض البرنامج التطور التاريخي لصناعة الـ ETFs، والتحولات التنظيمية التي مهدت لانطلاقتها العالمية، مع التركيز على دور الجهات المؤسسية المتمثلة في المشاركين المعتمدين وصناع السوق. وتعرّف المشاركون إلى تفاصيل عمليات الإنشاء والاسترداد، وآليات المراجحة التي تحافظ على استقرار الأسعار مقارنة بالقيمة العادلة للأصول الأساسية. وتم تقديم مقارنة تحليلية بين ETFs والصناديق المشتركة والأسهم الفردية لشرح الفوارق في الهياكل، ومستويات الشفافية، والكفاءة الضريبية، وتكاليف التداول. كما اكتسب المتدربون معرفة معمّقة حول فئات الصناديق المتخصصة مثل الصناديق العكسية والمرفوعة وصناديق السلع والعملات والدخل الثابت، إضافة إلى استكشاف الاتجاهات الحديثة في الاستثمار الموضوعي والعاملية. وتم تدريب المشاركين على تطبيق مقاييس تقييم الأداء الاحترافية التي يعتمدها مديرو الأصول عالمياً، والتي مكّنتهم من فهم العوامل التي تميز صندوق ETF عالي الجودة عن غيره، سواء من حيث سلوك التتبع، أو السيولة، أو القوة الهيكلية.
أما اليوم الأخير من الأسبوع فقد خُصّص بالكامل لبرنامج فهم صناع السوق ودورهم في بناء السيولة وإدارة المخاطر، وهو برنامج كشف بعمق عن الدور الحيوي لصانع السوق في تعزيز كفاءة التداول واستقرار الأسعار. تناول البرنامج البيئة التشغيلية والتنظيمية لصناع السوق في بورصة الكويت، مع تحليل التحديات المحلية المرتبطة بانخفاض سيولة بعض الأوراق المالية والحاجة إلى رفع كفاءة الأنظمة التكنولوجية. وانتقل البرنامج إلى مقارنة الواقع المحلي بأفضل الممارسات العالمية عبر استعراض نماذج من شركات رائدة مثل Citadel Securities وJane Street وVirtu وFlow Traders، موضحاً كيف توظف تلك المؤسسات الخوارزميات المتقدمة وأنظمة تسعير عالية السرعة وإدارة لحظية للمخاطر للحفاظ على حضورها في السوق حتى في فترات التقلب الحاد. كما تمت مناقشة المخاطر الجوهرية لصانع السوق، مثل مخاطر الاختيار العكسي ومخاطر المخزون والتقلبات المتطرفة، مع التوقف عند حادثة Knight Capital الشهيرة عام 2012، التي أدت إلى خسائر ضخمة بسبب خلل تقني في أنظمة التداول، بهدف إبراز أهمية الضوابط الداخلية والأنظمة الوقائية ومراقبة المخاطر الفورية. وقد أتاح البرنامج للمشاركين تطبيق مفاهيم مثل نمذجة الفروق السعرية، وحدود المخزون، وتحليل دفتر الأوامر، وتقييم قيمة المخاطر (VaR) على سيناريوهات فعلية تعكس طبيعة السوق الكويتي.
وقد أكّد اتحاد شركات الاستثمار في ختام السلسلة أن هذه البرامج الثلاثة، بتكاملها وتدرجها، تمثل نقلة نوعية في تطوير المهارات الفنية للقطاع المالي، وتترجم حرص الاتحاد على تمكين رأس المال البشري القادر على التعامل مع بيئة مالية عالمية أكثر تعقيداً، وأكثر ارتباطاً بالتكنولوجيا، وأكثر اعتماداً على البيانات والتحليل المتقدم. كما شدد الاتحاد على مواصلة دوره في تقديم برامج تدريبية رائدة تساهم في تطوير بيئة الاستثمار وتعزيز تنافسية السوق المالي في الكويت، بما يتماشى مع أولويات الدولة الاقتصادية ورؤيتها طويلة المدى.




