منوعات

التاجر الذكي… والقيادي الفداوي

فاضي أجوف يبحث عن "كرسي" على حساب الغير 

قصة اقتصادية توعوية يكتبها: عادل العادل:

عندما تكون شخص ” فاضي ” أجوف بلا إمكانيات مهنية أو مهارات فنية فحتما سوف تستغل موقعك الوظيفي والمواقف التي تتاح لك، كأن تضعك الأقدار ويضعك الحظ على مقعد طائرة بجانب تاجر VIP، فمن الطبيعي أن تسوق نفسك عند التاجر لعل وعسى يجد لك فرصة أو كرسي تجلس عليه بعد إنتهاء مهمتك الوظيفية الرسمية.

فصول القصة بدأت بمصادفة بحتة لموظف قيادي بدرجة رفيعة جدا، مطلع على بيانات ومعلومات تجارية واقتصادية لرقعة واسعة من الشركات في إحدى “جمهوريات الموز”، وجد رقم مقعده على الطائرة بجوار التاجر الذكي من عيار “12سلندر” والذي كان عائداً من لندن على الكرسي الوثير في درجة رجال الأعمال من حر ماله. عكس “بو علي” الذي سافر على حساب وظيفته التي تمنحه 1.042 دولار بدل سفر لليوم الواحد.

التقى ” بو علي” صدفة هذا التاجر بترتيب الأقدار ولأن الفارق شاسع بينهما في الإمكانيات والأخلاق والمكانة، لم يصدق الموظف نفسه، فحل لساعات ضيفا ثقيلا على كرسي الطائرة بجوار التاجر الذكي.

الموظف ” بوعلي ” كان سعيد الحظ واستغل مجاورته لمقعد التاجر الذكي خلال رحلة ” لندن ” العائدة لديرته في إحدى جمهوريات الموز، وصار يثرثر ويثرثر ” ويسرب ” أخبار حساسة تخص جهات تحت نطاق وظيفته، ويفشي أسرارا يعاقب عليها القانون معتقداً أنه في مأمن متناسيا جهلاً أو عمداً قول الباري عز وجل ” يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله “.

اعتقد الموظف أن التاجر سيفرح، كون المعلومات تهم قريب له من الدرجة الأولى وتهدد في نفس الوقت خصم لقريبه.

لكن التاجر حدث نفسه وقال هذ النوع من الفداوية، لا يصلح لنا ولا يناسبنا فمن لا يصون الأمانة المؤتمن عليها يمكن أن يخون مرات ومرات.

التاجر ذكي جدا ويستطيع أن يميز الغث من السمين والردي من الخنين، سقط الموظف من نظره برغم المعلومات التي قدمها له، وإن كان ليس في حاجة مباشرة لها ولا تهمه ولا تعنيه ولا تمثل له أي قيمة.

الردي بو علي أراد ضرب عصفورين بحجر إما أن يكون له دور عند التاجر الذكي الذي قابله مصادفة، أو عند قريبه الذي تهمه المعلومات.

لكن مجددا فئة التجار يفضلون القوي الأمين، من يصون الأمانة ويعرف “المراجل “.

لكن “الخائب الخائن للأمانة “بو علي” لم يعي أن من باع اليوم يبيع غدا، ومن خان مرة يخون ألف مرة ” وكما قال الشاعر راكان السبيعي “ترى المراجل ما تجي بالسهالات …وقال … أعرف ترى طبع الردي فيه شارات … جمع الدراهم والملايين همه.

“بو علي” كشف نفسه كمسؤول قيادي فئة رقيب غير أمين، وكتب نهايته بيديه أمام تاجر ذكي، أهان نفسه وأهان عائلته المحظوظة بالوظائف القيادية في شتى المجالات.

لو علم كل خائن ماذا قال الباري عز وجل عن خائني الأمانة لاستقام أمام وقع آيات الحق في قوله تعالى “إن الله لا يحب الخائنين” سورة الأنفال “إن الله لا يحب من كان خوانا ً أثيما” سورة النساء، فأنت منبوذ في الأرض ومنبوذ في السماء.

وصلت الطائرة بسلام وابتسم التاجر وودع الموظف أبو علي الذي سجل انطباع عند التاجر بأنه شخص غير كفؤ، وليس أهلا للثقة، ولا يؤتمن على أي مهمة أو عمل، فليس لديه حد أدنى من الأمانة أو المروءة، ولا يمتلك أبجديات النزاهة والأخلاق، التي يتشدق بتطبيقها ويفرضها على الآخرين كجزء من مواثيق وأبواب القوانين التي يطبقها.

وأخيرا اعلم أنك ستفقد هذا المنصب يوما ما، عاجلاً أم أجلاً، فلو دامت لغيرك لما اتصلت إليك، وستبقى تلاحقك صفاتك الذميمة وسقطتك الوضيعة. فالأمانة ثقيلة وعظيمة لا يحملها إلا خلوق أمين، لما لا وقد قال الحق تعالى ” (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ) عشت جهولا وستبقى جهولا فاقد للصلاحية.

وقال أحد الحكماء اعتن بسمعتك جيدا لأنها ستعيش أكثر، فأخلاقك الحميدة وأفعالك الطيبة هي من ستدافع عنك في غيابك.

ليتك تتعلم الدرس ” بوعلي ” فالمنصب الذي أنت فيه كان حلما وخيالا، بل إنك لازلت تحدث نفسك مستغربا كيف أتي إليك، حتى مع قرب غروب شمسك وشمس هذا الكرسي ولا زلت تهذي في أحلام اليقظة والمنام عن المكانة التي أتتك، لكنك لم تصون هذه النعمة وحتما لن تصونك مستقبلا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى