
من أعجب القصص التي تروى في عالم المال والاقتصاد أن الرئيس، والمالك في ذات الوقت، هو من يبحث عن المنحرفين والمتلاعبين، حتى أصبحت الشركة عبارة عن جزيرة للضالين المضلين المنفذين للأوامر فقط، خصوصاً التي لا تتسم بأي الأخلاق ولا تتوافق مع أي معايير حوكمة أو أبجديات مهنية في ممارسة الأعمال.
كم هو مؤلم لبعض المساهمين عندما يعلمون أن الرئيس التنفيذي، الذي انتقاه رئيس مجلس الإدارة وفرضه على المساهمين، كانت إمكاناته العلمية وخبراته لا تكفي لأن يحصل على الترخيص الذي يمكنه من هذا المنصب، وبدلا من تغييره والاستعانة بكفء غيره، إذا به يشجعه ويحفزه على أن يستقدم شهادات خبرة مضروبة من أحد الأسواق الخارجية، بعد أن صارت الشهادات تباع وتشتري كأي سلعة.
وتوافقاً مع الطبيعة ونواميس الحياة، ما بني على باطل فهو باطل، وكل من يسمح بالتزوير والتدليس ويوافق عليه فحتماً هم جميعاً بلا أخلاق، ونسبتها “زيرو”، ولكن الطامة الكبرى كيف لرئيس مجلس إدارة أن يقبل أو يوافق أو يفكر ويشجع ويسمح بمثل هذه الممارسة؟
كيف لرئيس مجلس إدارة أن يرشح من لا يملك أي معايير تؤهله لمنصب رئيس تنفيذي لهذا الموقع الحساس؟ كيف له أن يحفز من لا يصلح على تزوير شهادات للوصول إلى منصب ليس كفؤً له؟ أين المسؤولية الأدبية والأخلاقية أمام المساهمين حتى ولو كانوا أقلية؟
هل أصبحت الأولوية لأصحاب المؤهلات الملغومة، بسبب انحرافهم الأخلاقي وقبولهم بتنفيذ ألاعيب الرئيس وتعليماته غير القانونية، والتي لا تتوافق مع أي معايير للحوكمة، ولا تتفق مع أدنى معيار من المهنية والأمانة والمسؤولية؟
المثير والغريب أن الرئيس يفضل هذه النوعية من المسؤولين، فلم تكن تجربة الرئيس التنفيذي حادثة عابرة، بل تكرر الأمر مرة أخرى بوضع “ناطور” للمرة الثانية، ويبدو أنه يسعى لطلب تثبيته، لكن هذه المرة سوف ينكشف بسبب المؤهلات التي لا تتوافق مع المنصب الرفيع الذي يتم الإصرار على توليته إياه، كونه أرض خصبة لتنفيذ نزوات الرئيس الدنيئة، إضافة إلى تنفيذ ألاعيب النصاب الذي يفتي فيما يفقه وما لا يفقه، المهم “ناطور” رسمي لاستكمال الهيكل والشكل العام.
من يقبل من أعضاء مجلس الإدارة أن يستمر مغيب ولا يمارس صلاحياته، ويقبل أن يكون في خانة البصامة مقابل مكافأة لا تغني ولا تسمن من جوع، بالرغم من أن جميع المخالفات يتم اكتشافها لاحقاً مهما طال الزمن، والعقوبات والجزاءات أصبحت علنية، فمن يرضى بذلك منهم فلا يلومن إلا نفسه!!
لهذه الأسباب، الثقة ليست سلعة تباع وتشترى، وليست كلمة عابرة، ولكنها بمثقال الذهب، فليس كل رجل أعمال أو تاجر نزيه أو ثقة بالمطلق، بعد أن صارت هذه الألقاب فوضى عارمة، وصار كل من لا صفة له يسمى نفسه رجل أعمال، حتى أصبح رجال الأعمال الحقيقيون يخجلون من هذا اللقب!!




