العقار

“التأميم والخصخصة”

بقلم: المهندس مشعل الملحم

جاء جمال عبد الناصر وأمم قناة السويس، وأمم الكثير من القطاعات الحيوية التجارية الأخرى، وحولها لقطاعات حكومية، وعاب عليه الكثيرون توجهه للتأميم، وحتى يومنا هذا مازلنا نسمع خطاب تأميم قناة السويس يتردد على مسامعنا. من الدارج أن تنتهج الدول الاشتراكية هذا النهج، ولكنه من النادر أن نسمع أن دول تجلس على عرش الرأسمالية تأتي بهذا الفعل. مؤخراً قامت بريطانيا بتأميم بعض الخدمات الحكومية، وأعادتها لإدارتها مثل خطوط القطارات، التي شهدت ضعفاً في مستواها نتيجة تغليب المصالح التجارية على المصالح العامة، خاصة حين رفضوا تشغيل الخطوط التي لا تشهد إقبالاً ولا تحقق منفعة تجارية، وهذا يتنافى مع مصلحة سكان المناطق النائية. كما أن بعض خطوط القطارات عمدت إلى بيع التذاكر بأكثر مما يستوعبه القطار، وذلك بهدف تقليل فرص الخسارة على الخطوط ذاتها، مما نتج عنه اكتظاظات كبيرة.
الحكومات المترهلة، المثقلة بأعباء كبيرة تجنح بشكل كبير للخصخصة، كي تسمح لبعض المشاريع الحيوية للانطلاق بسرعة أكبر لا تقوى على مضاهاتها الحكومة بإدارتها. إلا أن من عيوب الخصخصة تغليب القطاع الخاص مصالحه التجارية على المصالح العامة مما يضعف الجودة، وعلى الرغم من عيوب الخصخصة إلا أن التأميم بحد ذاته قد لا يكون العلاج المناسب، فالحكومات لا تعمل وفق أسس الربحية والمنافسة، وهذا من شأنه إضعاف احتمالات التطور، وجودة الخدمات.

لا شك أن هناك صراع أزلي بين مفهوم التأميم والخصخصة.. وعلى الحكومات الذكية أن تميز متى يجب عليها إدارة القطاعات الحيوية ومتى يجب عليها التنازل عنها للقطاع الخاص.. الكويت مقبلة على خصخصة بعض القطاعات الحيوية، ومنها مشروع أو فكرة المطور العقاري، الذي يشكل شراكة استراتيجية بين الدولة والقطاع الخاص، ولا أعتقد أن هذا المشروع في ظل المعلومات المتاحة عنه سيخرج عن مصالح الدولة العليا ومصالح المواطنين إلى مصالح الخالصة للتجار، بل إن دور المطور أقرب إلى حل سريع لأزمة السكن المتراكمة منذ عقود…
أتمنى أن نرى الشراكة بين القطاع الخاص والحكومة كحل وسط للصراع الأزلي بين الخصخصة والتأميم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى