شركات المقاولات الإنشائية بين حلم الأرباح وكابوس الخسائر

بقلم/ محمد سعد خليل
يواجه العديد من أصحاب شركات المقاولات الإنشائية والمقاولون المرخصون والمزاولون للأعمال الإنشائية مشاكل جمة عند تنفيذ عقد المقاولة الإنشائية Civil Works Contract، فبمجرد أن يتم حصول شركة المقاولات على قرار إحالة العطاء أو المناقصة، أي قرار الترسية عليها Awarding letter، يتوجب على الشركة أو المقاول توقيع عقد المقاولة الإنشائية ومن ثم الالتزام بالشروط الواردة فيه، مثل تقديم كفالة حسن التنفيذ، وهي كفالة مالية تساوي مبلغ ١٠٪ من إجمالي قيمة العقد، وذلك من أجل ضمان حسن تنفيذ المشروع، و بالتالي الالتزام بالمدة الزمنية المتفق عليها لإنجاز المشروع، وفي حالة التأخر من طرف الشركة تقوم الشركة بدفع غرامة مالية لأصحاب المشروع بسبب التأخير. كما تواجه شركات المقاولات الإنشائية مشاكل متعددة مع لجان الاستلام، كالمزاجية بإضافة شروط جديدة عند تسليم المشروع لتلك اللجان، وأيضا يُطلب من شركة المقاولات تقديم كفالة الصيانة بعد تسليم المشروع بنسبة تبلغ ٥٪ من إجمالي قيمة العقد، وذلك بعد الإفراج عن كفالة حسن التنفيذ لضمان خلو المشروع من أي عيوب، أو إصلاح العيوب الناتجة عن التنفيذ إن وجدت.
ويعاني أصحاب شركات المقاولات كذلك من مشكلة تأخر دفع المستحقات المالية (المطالبات المالية) من قبل ملاك المشروع، ونقص السيولة النقدية، وصعوبة الحصول على التمويل من البنوك، وضعف إدارة الجدولة والمخاطر للمشاريع، والبيروقراطية الحكومية، والمنافسة الشديدة في السوق، وشح العمالة المتخصصة والماهرة والمدربة، وآثار التضخم الاقتصادي كالارتفاع المستمر في أسعار المواد المستخدمة في المشروع …الخ.
يعتمد أصحاب شركات المقاولات والمقاولين بشكل كبير في تقدير إيراد عقد المقاولة الإنشائية والربح على نتائج عمل حاسب الكميات Quantity Surveyor، حيث هو المسؤول عن تقدير وحساب كميات المواد المستخدمة في المشروع ومواصفاتها، أي أن طبيعة عمله فني هندسي بحت ليس مالي أو محاسبي كما يظن البعض، لذلك نجد أن تقدير إيراد العقد أو الربح من طرف حاسب الكميات يختلف عن الإيراد أو الربح المحاسبي وذلك بسبب أن الربح المحاسبي يعتمد على مبادئ ومعايير محاسبية لا يستخدمها أو يجهلها حاسب الكميات في تقدير إيراد أو ربح العقد، فمثلا من ناحية محاسبية يتم احتساب مصروف استهلاك الآلات والمعدات المستخدمة في المشروع حسب الطرق المحاسبية، مثل طريقة القسط الثابت أو القسط المتناقص أو مجموع أرقام السنين …الخ، بينما حاسب الكميات لا يقوم باحتسابها.
ماليا ومحاسبيا، فإن المعايير المحاسبية لا تعترف إلا بطريقة نسبة الإنجاز Percentage of Completion كأسلوب وحيد للاعتراف بإيرادات عقد المقاولة الإنشائية، حيث بموجبها يتم الاعتراف بالإيراد بشكل تناسبي مع حجم الإنجاز الذي تنفذه شركة المقاولات على أرض الواقع، وذلك لأن هذه الطريقة تتلاءم مع أساس الاستحقاق المحاسبي ومبدأ المقابلة Matching Principle، أي مقابلة الإيرادات مع المصروفات للفترة المحاسبية، ومن هنا لابد من إمكانية قياس نتائج عقد المقاولة بموثوقية، سواء من حيث الإيرادات أو التكاليف المتكبدة لإتمام العقد، وفي حالة زيادة التكاليف الكلية عن الإيراد الكلي للعقد يتم الاعتراف بالخسارة فورا في بيان الدخل.
حالة عملية:
تعاقدت شركة بو سعدو للمقاولات الإنشائية في العام ٢٠٢٤ مع أحد العملاء على مقاولة إنشائية بقيمة ٩ مليون دينار لإنشاء فندق سياحي في مدينة جرش الأردنية الأثرية، وكانت المعلومات في دفاتر الشركة بتاريخ ٣١ / ١٢ / ٢٠٢٤ على النحو الآتي:
التكاليف الفعلية بتاريخه = ٢ مليون دينار.
الربح المخصص لسنة ٢٠٢٤ = ٢٥٠ ألف دينار.
المطلوب: تقدير نسبة إنجاز العقد.
الجواب: إجمالي إيراد العقد عن سنة ٢٠٢٤ = التكاليف الفعلية + الربح
٢ مليون + ٢٥٠ ألف = ٢مليون و٢٥٠ ألف.
نسبة الإنجاز عن سنة ٢٠٢٤ = إجمالي إيراد العقد / قيمة العقد
= ٢٢٥٠٠٠٠ / ٩٠٠٠٠٠٠ = ٢٥ ٪.
إذا، نسبة الإنجاز = ٢٥ ٪.