مقالات

اقتصاد الصواريخ والمدافع يرفع نمو الصناعات العسكرية 60%!

بقلم – ليما راشد الملا

 

منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا، دخل الاقتصاد الروسي مرحلة جديدة غير مسبوقة في تاريخه الحديث. فالدولة التي طالما اعتمدت على صادرات الطاقة والزراعة والمعادن، وجدت نفسها تتحول تدريجياً إلى اقتصاد حرب تقوده الصناعات العسكرية.

التحول لم يكن خيار سياسي فحسب، بل ضرورة فرضها الواقع الميداني والعقوبات الغربية. وبلغة الأرقام، أنفقت موسكو ما يقارب 263 مليار دولار على الدفاع بين عامي 2022 و2024، منها 152 مليار دولار في عام 2024 وحده، ويؤكد هذا الإنفاق حجم الموارد التي ضُخت في تحديث وتسريع الإنتاج العسكري.

ووفق بيانات رسمية، ارتفع إنتاج الصناعات المرتبطة بالحرب بنسبة 60% خلال العامين الماضيين. فقد أصبحت روسيا تنتج نحو 2500 صاروخ كروز شهرياً، و4000 عربة مدرعة سنوياً، إضافة إلى 1.5 مليون طائرة مسيّرة كل عام. كما تخطط مصانعها للوصول إلى وتيرة إنتاج دبابة جديدة كل ثلاث ساعات، في تفوق واضح على القدرات الصناعية لمعظم دول حلف الناتو.

لكن هذا السباق المتسارع في التسلح يحمل كلفة اقتصادية باهظة. فميزانية الدولة تواجه ضغوطاً متزايدة، والإنفاق الاجتماعي يتراجع أمام الأولوية المطلقة للقطاع العسكري. ومع ذلك، يرى محللون أن هذا التوجه قد يفتح أمام موسكو فرصاً جديدة على المدى المتوسط، إذ يمكن تحويل فائض القدرات الإنتاجية بعد الحرب إلى مصدر رئيسي للإيرادات عبر تصدير الأسلحة.

وتشير التقديرات إلى أن شركة “روسو أوبورون إكسبورت”، أكبر شركة حكومية روسية لتصدير الأسلحة، تلقت طلبات شراء بقيمة 60 مليار دولار خلال عام 2025، في حين يتوقع مركز تحليل تجارة الأسلحة العالمية أن تبلغ صادرات روسيا من المعدات العسكرية ما بين 17 و19 مليار دولار سنوياً خلال السنوات الأربع الأولى التي تلي نهاية الحرب في أوكرانيا.

في المحصلة، يبدو أن الحرب لم تُضعف الاقتصاد الروسي بقدر ما أعادت تشكيله. فبينما أنهكها الإنفاق العسكري الضخم، فقد عزز أيضاً من قدراتها الصناعية والتقنية. ومع انتهاء الصراع، قد تجد موسكو نفسها في موقع متقدم ضمن قائمة كبار مصدّري السلاح عالمياً، لتتحول الصواريخ والمدافع من عبء مالي إلى أداة لإعادة التموضع الاقتصادي والسياسي على الساحة الدولية.

ورغم الزخم الصناعي الكبير، يحذر خبراء من أن الاقتصاد القائم على التصنيع العسكري يواجه مخاطر جدية على المدى الطويل. فإبقاء عجلة الإنتاج في أعلى طاقتها يتطلب استمرار الطلب، سواء من الداخل أو من الخارج، وهو أمر يصعب ضمانه بعد انتهاء الحرب. كما أن تحويل الموارد والعمالة من القطاعات المدنية إلى العسكرية يهدد بتقويض الابتكار والإنتاج في مجالات التكنولوجيا والاستهلاك المحلي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى