البنوك

بنك إسلامي: خطأ إجرائي يثبت خسارة 12.5 مليون دينار كويتي بحكم تمييز

 

أكدت محكمة التمييز، في حكمها البات، خسارة أحد البنوك المحلية الكبرى لمبلغ ضخم يناهز اثني عشر مليوناً وخمسمائة وستة وتسعين ألفاً وعشرين ديناراً ومائتي فلس كويتي (12,596,020.200 دينار ). لم تكن هذه الخسارة نتيجة لضعف في المطالبة المالية فحسب، بل كانت نتاجاً مباشراً لـ خطأ قانوني إجرائي جوهري صدر عن البنك نفسه، أضاع به على نفسه المبلغ بالكامل.

الخطأ الجوهري: التكييف القانوني الخاطئ من البنك

تتلخص وقائع القضية في أن البنك أقام دعواه الأصلية للمطالبة بقيمة سندات تجارية، وفي المقابل أقام الطرف المدين (أو الكفيل) دعوى ضمان فرعية ضد البنك، مدعياً أن حيازة البنك للسندات كانت معيبة أو بسوء نية، وهو ما يمنع البنك من المطالبة بقيمتها، وفقاً لمبدأ “تطهير الدفوع” في القانون التجاري.

عندما أصدرت محكمة الاستئناف حكمها، فإنها أغفلت الفصل صراحةً في طلب الضمان الذي قدمه الطرف المدين. وهنا وقع البنك في الخطأ القاتل الذي أدى إلى خسارته:

1- تكييف البنك الخاطئ: اعتقد البنك أن إغفال المحكمة للفصل في طلب الضمان يُعد “إغفالاً للطلبات” بالمعنى القانوني، وهو ما يوجب الطعن عليه بطريق خاص يختلف عن الطعن العادي.

2- حكم التمييز الدقيق: أكدت محكمة التمييز أن إغفال المحكمة للفصل في طلب الضمان لا يُعد “إغفالاً للطلبات”، بل هو في حقيقته “قضاء ضمني بالرفض” لهذا الطلب. وعليه، كان يتوجب على البنك أن يطعن على هذا الرفض الضمني بالطريق العادي للطعن (الاستئناف أو التمييز) في المواعيد المحددة.

النتيجة القانونية والمالية: البنك يضيع المبلغ على نفسه

بسبب هذا التكييف القانوني الخاطئ، لم يطعن البنك على الحكم الصادر ضده بالطريق الصحيح وفي الميعاد القانوني. وعندما قام الطرف المدين (أو الكفيل) بالطعن على الحكم أمام محكمة التمييز، أكدت المحكمة أن خطأ البنك في تكييف الحكم أدى إلى فوات ميعاد الطعن الصحيح على الرفض الضمني لطلب الضمان، وبالتالي أصبح الحكم الصادر ضد البنك نهائياً وباتاً.

لقد أدى هذا الخطأ الإجرائي الذي صدر عن البنك إلى أن المحكمة قضت برفض دعواه للمطالبة بالمبلغ، وإلغاء الحكم الصادر لصالحه، ليخسر البنك بذلك المبلغ المطالب به بالكامل.

إن هذا الحكم يمثل درساً بليغاً في فقه القانون الإجرائي، ويؤكد أن المؤسسات المالية، على الرغم من ضخامة مواردها، لا يمكنها التهاون في دقة التكييف القانوني لأي إجراء قضائي. فالجهل أو الإهمال في فهم الفروقات الدقيقة بين المصطلحات القانونية، مثل “القضاء الضمني” و ”إغفال الطلبات”، قد يؤدي إلى خسائر مالية فادحة لا يمكن تداركها، وهو ما حدث فعلاً في هذه القضية التي أضاعت على البنك أكثر من اثني عشر مليون دينار كويتي.

ما هي مسؤوليات مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية، وصولاً لكل معنيّ في تخصصه وفقاً للتراتبية النهائية، عن خسارة مثل هذا المبلغ؟

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى