البطالة المقنعة

بقلم : حامد السيف.
المدير العام الأسبق لسوق الكويت للأوراق المالية
الرئيس والعضو المنتدب الأسبق لشركة الأوسط للاستثمار
البطالة المقنعة هي مصطلح يعبر عن مجموعة من الأفراد الذين يحصلون على أجور أو رواتب دون أن يقابل هذه الأجور إنتاجية أو عمل حقيقي، وهي النسبة التي إن تم سحبها من مجال العمل لا يترتب على خروجها أي نقص في إجمالي إنتاجية العمل في الجهات التي يعملون لديها.
تحدث البطالة المقنعة في كثير من الدول النامية نتيجة تكدس العاملين في الجهاز الحكومي بما يفوق احتياجات تلك الجهات، وذلك نتيجة التزام الدول بتعيينهم من دون أن يكون هناك احتياج حقيقي لهم فيكونون عبئا على الدولة ومواردها العامة من دون إنتاجية حقيقية.
والبطالة المقنعة عادة ما تقتل الكفاءات والمواهب وتقلل الإبداع لأن أكثر الناس يعملون لكي يؤمنوا مصدر رزقهم، فإذا كان تعيينهم من دون هدف مفيد للبلد من خلال التكدس الوظيفي وبالتالي خلق واقع يسمى البطالة المقنعة فلن يتم الاستفادة من كفاءاتهم ومواهبهم بسبب تعيينهم في أماكن ليس لها علاقة بتخصصاتهم التي أفنوا عمرهم في تعلمها ولن يتمكنوا من تحقيق طموحاتهم المشروعة.
إن تلك الظاهرة المتمثلة في البطالة المقنعة في البلد قد تفشت بشكل خطر ومكلف وليس هناك في الأفق أي مظاهر تشير إلى وضع خطط للخروج منها، بل هي مستمرة.
والدولة مطلوب منها العمل قبل فوات الأوان في وضع الأسس والخطط المطلوبة لتفادي مخاطرها القادمة عن طريق عمل جلسات مع القطاع الخاص لوضع خطط واضحة المعالم لاستيعاب مخرجات التعليم، ودمج هذه الخطط المبنية على العدالة في التعامل مع خطط القطاع الخاص المبنية على الربحية والاستقلالية، وهذا التعاون بين الدولة والقطاع الخاص يبنى على أسس علمية وفنية ويدار من جهة رقابية صارمة لإنجاح سياسة الإحلال من الحكومة إلى القطاع الخاص بكل جدية وشفافية، ويتم دعم القطاع الخاص وتشجيعه لتبني الخصخصة لكثير من القطاعات الخدمية الحكومية المكلفة على المال العام.
إن أهم الأسس للقضاء على البطالة المقنعة هو تخلي الدولة عن كثير من القطاعات المكلفة وغير الرشيدة في إدارتها، ومنها على سبيل المثال قطاع التعليم والصحة والكهرباء، فيتم تخصيصها على مراحل مدروسة تماشيا مع خطط الدولة لمستقبل العمالة الكويتية. وفي النهاية إن البطالة المقنعة في الكويت تحمل مخاطر فشل الجهات الحكومية في حلها مما يفاقم المشاكل المالية في ميزانية الدولة، وتدني الإنتاجية المطلوبة والتي تسبب كثيراً من الإحباط للجادين في العمل الجاد الحقيقي، لذلك يجب على الدولة التسريع في وضع الخطط الجادة للخروج من هذا المأزق الخطر قبل أن نقع في المحظور القادم من أجل هذا الوطن الطيب.. والله المستعان…