
خارطة توزيع حزمة نقدية بديلا “لعافية” خيار فاعل
المتقاعدين أدرى بشؤونهم واحتياجاتهم (….) !
إلزام الجميع بكارت خدمات صحية يخل بالعدالة
لما لا يتم استبدال “عافية ” بكارت نقدي يمتد أثره الاقتصادي لقطاعات عدة
متى نفكر في تأسيس الشركات العملاقة للقطاعات الاقتصادية الحديثة
لماذا نضع مليارات في ودائع قصيرة بفوائد وعوائد مخنوقة
تفاوت الاحتياجات للمتقاعدين تفرض الحلول النقدية بدلا من سياسة الكوبونات الموحدة
بقلم: المتقاعد طلال
المالية العامة للمتقاعدين تحتاج إصلاح شامل وعميق يواكب مستويات التضخم والزيادات الكبيرة في كلفة المعيشة المتفاقمة بلا سقف، والتحديات المتنامية تجاه التزامات ضرورية.
قد يكون العنصر الأهم في معادلة إصلاح مالية وأوضاع المتقاعدين لضمان استدامة المعيشة ضمن المستوى المقبول، هو التفكير خارج الصندوق، والإبداع في طرح المنتجات المالية الهندسية التي تحقق أثر كبير بأقل كلفة وعبئ على مالية الدولة أو أرصدة التأمينات عموماً.
التفكير غير التقليدي حتماً نتائجه غير تقليدية ويمكن تأمل الكثير من التجارب التي كانت نتاج أفكار غير تقليدية وخارج الصندوق وربما تجربة سنغافورة التي هي عبارة عن مجموعة من الجزر المتناثرة التي لا تملك أي موارد طبيعية خير مثال ودليل على أن الإبداع في الحلول نتائجه إيجابية … وليس خافيا على أحد حال سنغافورة عندما تولى القيادة المؤسس لي كزان يو والذي وضع مبادئه الخمسة وانطلق نحو تنفيذها من القاعدة الأولى” النار تصقل الذهب ” فلا مجال لأنصاف الحلول، وكانت رحلة التغيير من استحداث أفكار غير مألوفة وخارج الصندوق فكانت هذه الدولة العظيمة اقتصاديا.
هكذا يتطلع المتقاعدون وهكذا يحتاجون إلى “أفكار” خلاقة خارج الصندوق تعتمد على الهندسة المالية الذكية.
أمام تجربة “عافية ” التي رصد لها مئات الملايين في سلسلة من عمليات التجديد لمناقصة بمئات الملايين تغطي بعض الاحتياجات الصحية للمتقاعدين بسقف أعلى للتغطية يصل إلى 17 ألف دينار كويتي تقريبا وهي مبالغ مالية ليست مستغلة بالكامل من الجميع وفق قاعدة الاحتمالية التي تقوم عليها الفلسفة التأمينية.
” بطاقة عافية ” انعكست بالدرجة الأولى على قطاع المستشفيات الخاصة التي زادت تقييماتها وأسعارها السوقية لأكثر من ثلاثة أضعاف وفتحت بطاقة “عافية ” بزنس هائل ومهول لشرائح محددة دون غيرها، في حين الواقع أن جموع المتقاعدين لا يمكن الحسم باستخدامهم لخدمات البطاقة بنسبة 100%، لذلك يمكن التأكيد على أن الكثير منهم لم يستفيدوا بالدرجة المطلقة بل استفاد قطاع التأمين والمشافي أكثر من المتقاعدين ذاتهم ، وبالتالي لما لا يتم تغيير التجربة والفكرة والتفكير في توزيع قيمة مالية كمبلغ محدد أو كتلة نقدية يمكنها أن تحقق أثر اقتصادي ممتد ومتعدد الأثر على قطاعات أخرى وكل متقاعد أدرى باحتياجاته وشؤونه يديرها كيفما يشاء.
كثير من المتقاعدين كحالتي منذ تسلمهم “عافية” لم يستخدموا حتى ألف دينار وهذا طبيعي ومتوقع في ظل قاعدة الاحتمالية في عالم التأمين فكل متقاعد له التزاماته واحتياجاته المختلفة.
لكن لما لا ولماذا لا يتم التفكير خارج الصندوق؟؟
- يمكن منح المتقاعدين مبلغ نقدي بتصرفه ينفقه كيفما يشاء وفي القنوات التي يحتاجها وفقا لأولوياته … أو أن يكون الأمر اختياري بين ” عافية ” وبين المبلغ النقدي … بحيث يتم احتساب المبلغ النقدي بمتوسط يرتكز على سقف التغطية لكارت عافية.
- توفير مبلغ نقدي محدد للمتقاعدين بديلاً “لكارت عافية “يمكن توزيعه وفق خارطة على سبيل المثال جزء لمشتريات المتقاعد من الجمعية وبذلك تكون هناك ضمانه لصرف جزء من المبلغ في مشتريات بضائع أغلبها يعود للقطاع الخاص المحلي سواء تصنيعا أو تجارة وتمثيلا. فيما جزء يخصص للسياحة العلاجية مربوط بالسفر عبر الناقل الوطني والذي يضمن أيضا استعادة جزء منه للخزانة العامة وتنشيط خطوط التشغيل للطائر الأزرق، وباقي المبلغ ينفقه المتقاعد وفق أولوياته.
- أمام عدم تساوي استخدام المتقاعدين لكارت عافية فيمكن التأكيد على أن التفاوت في الاستخدام ليس من العدالة فكيف يمكن مساواة من يستخدم تغطية بقيمة 10 آلاف على سبيل المثال بمن يستخدم 1000 دينار.
- التفاوت في المتطلبات والاحتياجات للمتقاعدين تؤكد أن منح قيمة نقدية أجدى من الكوبونات الموحدة والإجبارية نحو خدمة محددة.
أوضاع المتقاعدين:
من واقع المعايشة والتعايش مع حالتي التي هي حالة شريحة واسعة من تلك الفئة لم تعد هذه الصورة النمطية التقليدية لمعالجة أوضاع المتقاعدين وتحسين وإصلاح الوضع المالي لهم تناسب متغيرات الحياة ومتطلبات المعيشة.
كمتقاعد وعلى مدار 30 عاما أراقب الوضع للمتقاعدين ممن سبقوني وذلك خلال خدمتي العامة، لم أتلمس إبداعاً تجاه هذه الشريحة على صعيد الحلول والأفكار، لم نسمع حلولا ابتكارية بقدر تصدير مشهد العجوزات الاكتوارية والخسائر الفلكية التي أغلبها وفق حسابات دفترية وغير واقعية.
أليس من الأجدى وبدلا من وضع مئات الملايين والمليارات في ودائع لدى بنوك عالمية بفوائد طفيفة أن يتم استخدام تلك الأموال في هكذا فرص واستثمارات على سبيل المثال لا الحصر:
- لماذا لا يتم تأسيس شركة عملاقة للمتقاعدين تستثمر في مجالات الطاقة النظيفة؟
- لماذا لا يتم تأسيس شركة عملاقة في الخارج متخصصة في الذكاء الاصطناعي، عوائدها تحسن من معيشة المتقاعدين؟
- لماذا لا يتم تأسيس شركة أو مجموعة شركات في أكثر من دولة ومنطقة لتجارة الأغذية وتصنيعها تحقق هدفين في آن واحد وهما تكريس الأمن الغذائي وتحقيق إيرادات مستدامة لدعم تحسين الأوضاع المالية للمتقاعدين؟
- أين الاستثمارات في مجالات وقطاعات صناعة أشباه الموصلات؟
- أقل الأفكار تأسيس محفظة مالية استثمارية توزع على عدد من الأسواق المالية المهمة وتركز على الأسهم الممتازة لتحقيق أرباح جيدة تدعم تحسين الوضع المالي للمتقاعدين.
ألم نسمع عن القيم السوقية للعديد من الشركات التي كسرت حاجز التريليون دولار مثل أمازون وأبل وانفديا هذه الشركات وليدة “فكرة”، وهي ليست بالمناسبة دولة لديها موارد طبيعية، ما سبق يعني ببساطة أن السقف عالي والأفكار الخلاقة لا تنضب أبداً.
الواقع الحالي في ظل التطورات الاقتصادية والمتغيرات المصاحبة لها بات يحتاج إلى مجابهة بأفكار تحتوي على هندسة مالية إبداعية تراعي هذه الشريحة التي تزداد سنويا وترتفع احتياجاتها وأكلافها المعيشية كذلك، مقابل مدخول “صامت “،”جامد” ينمو سلحفاتيا مقابل سرعة نفاثة في زيادة أعباء الحياة.
كافة المرافق ذات الصلة بشؤون المتقاعدين وثرواتهم تحتاج إلى نظرة مستقبلية بعيدة الأجل ورؤية استثمارية متجددة وهادفة.
ولنا كمتقاعدين أن نطرح تساؤل عريض … ما هي آخر فكرة أو مقترح خلاق وبناء تم طرحه لبناء استثمار وفق رؤية إبداعية تضيف للمظلة التقاعدية القائمة حاليا؟
نعلم أن العمل التقليدي الروتيني من مساهمات هنا وهناك وودائع مصرفية وعقارات وغيرها هي السائدة لكن لماذا لا نغير الفلسفة؟
فلنطلق الأفكار الجديدة في عالم يعج بالفرص في شتى القطاعات.