هل التوزيعات الاستثنائية تستهدف الصغار أم مصالح الكبار؟

هل مصالح الأقليات ذات أهمية وأولوية عند اتخاذ القرارات المصيرية؟
التفسير العميق لتوصيات مجالس الإدارات تساوي مصير الاستثمار.
تساؤل المليون… ماذا بعد التوزيعات “المبهجة” للمستثمرين؟
كتب حازم مصطفى:
يتساءل المستثمرون وأهل السوق المالي عن التوزيعات “الفلتة”، والتي توصف بأنها توزيعات مجزية، هل المستهدف منها صغار المستثمرين ومنح الأقليات من حملة السهم والمستثمرين طويلي الأجل مكافأة على استثمارهم واختيارهم للشركة وثقتهم فيها؟
أم أن قرارات المنح المجزية والتوصيات الاستثنائية ذات العوائد القياسية تأتي لمصالح “الكبار”، كبار الملاك والمسيطرين على الشركة.
بعض الظواهر التي تمر على السوق في ملفات التوزيعات لها دلالاتها العميقة والجوهرية والبعيدة الأهداف، فتارة تجد مجموعة متخصصة في توزيعات المنح فقط ولم تمنح مساهميها على مدار 20 إلى 25 عاماً أي فلس نقدي، وتعتمد على إغراق السوق بالمنح والسوق هو من يدفع ويسدد هذه التوزيعات عندما يتم تسييلها، ويأتي قرار المنح لمصلحة كبار الملاك والمسيطرين إدارياً أيضا، لأن الاحتفاظ بالكاش يصب في مصلحتهم.
نموذج التوزيع لأسهم الخزانة خيار آخر، حيث يتم استغلال أسهم بمتوسط تكلفة منخفض كخيار أقل كلفة من التوزيع النقدي.
هناك أيضاً نموذج توزيع حصص متناثرة وصغيرة ليست استراتيجية أو مؤثرة، فيكون القرار بمثابة تخارج غير مباشر بتوزيعها تلك الأسهم المتناثرة على المساهمين، فيتم تحقيق هدفين بقرار واحد وهو توفير بمبالغ مليونية بتجنب التوزيع النقدي المباشر، وكذلك التخلص من حصة ربما لم تعد ذات جدوى أو تأثير على الجانب التشغيلي.
الخلاصة أن ملف التوزيعات له أوجه متعددة، ما بين نموذج يراعي مصلحة المسيطرين إدارياً وملكية، ونموذج يوازن بين مصلحة استدامة الكيان والحفاظ عليه ناجحاً مليئاً مقاوماً للتحديات والصدمات، ونموذج يعمل على إرضاء شريحة محددة بعينها يتم تقديم مصالحها على الجميع وتتخذ قراراتها الموجهة بغطاء القانون. صغار المستثمرين معروفون بأن نهجهم الاستثماري قصير ومتوسط الأجل، وهذه النظرة الدائمة من بعض مجالس الإدارات لأنها تأمن النقاش والمحاسبة من تلك الشريحة المتغيرة دائماً والتي لا تواكب مراحل البناء والنمو وجني الأرباح.
المسلم به والثابت وفق الأطر المنظمة لممارسات الكيانات المساهمة ومعايير الحوكمة وحقوق المساهمين في كل الأنظمة المالية الرأسمالية في كل أسواق العالم، أن كل المساهمين سواسية في الحقوق، لكن هل هذا هو الواقع عند وضع مصالح الصغار في كفة تقابلها كفة المسيطرين؟ أم أن مصالح “كبار” الأقليات مقدمة وذات أولوية، وعند اتخاذ القرارات الاستثنائية تُراعى مصالحها؟
قراءة المستثمرين الواعية للقرارات النوعية لمجالس الإدارات تحدد القرار الاستثماري فيما يخص الاحتفاظ بالسهم والتمسك به، فالإفصاحات التي تصدر عن الشركات يجب قراءتها بعمق لأن ما تحتويه من معلومات تحدد مصير الشركة ومستقبلها.
لم تعد هناك مواسم محددة للتوزيعات كما كانت مقتصرة فقط في السابق على نهاية العام، فالتوزيعات الفصلية كسرت القواعد الجامدة، والسوق مقبل على فترة مالية جديدة سيتبعها توصيات بتوزيعات مختلفة. القراءة الدقيقة لقرارات المنح مهمة، والإجابة على التساؤل الجوهري أهم، وهو ماذا بعد هذه التوزيعات؟