مقالات

عاصفة الذهب…ملك الملاذات الآمنة

بقلم – ليما راشد الملا

 

لم تكن افتتاحية تعاملات المستثمرين في أسواق الذهب كما غيرها؛ إذ دوّى خبر صادم من واشنطن، مفاده أن  الجمارك الأميركية أعادت تصنيف سبائك الذهب بوزن 1 كيلو و100 أونصة لتدخل ضمن فئة تخضع لرسوم جمركية ضخمة تصل إلى 39%.

الخبر كان كفيلًا بإشعال الأسعار عالميًا، فقد قفزت العقود الآجلة للذهب إلى مستويات قياسية تاريخية لامست 3,534 دولارًا للأونصة. الأسواق ارتبكت، والبنوك الكبرى أطلقت صافرات الإنذار محذّرة من شلل يهدد تجارة الذهب السويسرية، ومركز نيويورك الذي لطالما كان مرجعًا لتسعير المعدن النفيس.

البنوك تدق ناقوس الخطر

المحللون لم يخفوا قلقهم: إنه قرار يهدد البنية التحتية لتجارة الذهب العالمية، هكذا وصف أحدهم المشهد.

فالمخاوف لم تكن فقط من ارتفاع الأسعار، بل من تفكك سلاسل التوريد واضطراب التسعير بين الأسواق، خاصة وأن سويسرا تمثل القلب النابض لصناعة وصهر الذهب عالميًا.

ترامب يقود المشهد  

وبينما تترقب الأسواق المزيد من الفوضى… خرج دونالد ترامب بنفسه على منصة Truth Social ليعلن:

“لا رسوم جمركية على الذهب!”

كلمة واحدة قلبت الموازين، لتتحول العاصفة إلى تراجع سريع. الأسعار هبطت بأكثر من 1.2% لتستقر قرب 3,357 دولارًا للأونصة، فيما تنفس المستثمرون الصعداء بعد أيام عصيبة من الاضطراب.

بين السياسة والسوق

لكن القصة لم تنتهِ عند هذا الحد. البيت الأبيض أعلن أنه بصدد إصدار أمر تنفيذي لتوضيح سياسة الرسوم، في محاولة لتهدئة المخاوف وإصلاح ما تسببت به التفسيرات الخاطئة لقرار الجمارك.

هكذا تظهر هشاشة الأسواق أمام كلمة أو تغريدة، وأكد الذهب مجددًا مكانته كـ ملاذ آمن يقفز ويهبط وفق إيقاع السياسة قبل الاقتصاد.

ماذا تعلمنا من العاصفة؟

١- الذهب ليس مجرد معدن ثمين، بل بوصلة سياسية واقتصادية تتأثر بالتلميحات قبل القرارات.

٢-الأسواق العالمية شديدة الحساسية؛ تغريدة واحدة قد تُحدث هزة بمليارات الدولارات.

٣- أظهرت الأزمة الحاجة إلى شفافية تنظيمية تسبق التصريحات السياسية وتضمن استقرار الأسواق.

أثبتت هذه العاصفة أن الذهب سيبقى “ملك الملاذات الآمنة” مهما تبدّلت السياسات، وأن الأسواق لا تخاف من القرارات بقدر ما تخاف من الغموض.

لكن مستثمرين مخضرمين وبيوت استثمار رائدة تتوقع أن تشهد المرحلة المقبلة عمليات إعادة تسعير لمخزون الذهب لدى الدول الكبرى ويتوقع أن تتقدم الولايات المتحدة تلك الدول حيث تملك مخزون هائل من الذهب مُقيّم بسعر يتراوح بين 40- 47 دولار فقط وإعادة التسعير قد تخلق طفرة قياسية ستعالج العديد من الفجوات لديها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى