أسواق المال

“المنح” باب لتغطية الإخفاقات… والسوق يدفع الثمن!

 

شركات تفرخ أسهم منحة ثم تعود لشطب أسهم وخفض رأس المال

كيانات تجمد ملايين في أسهم خزانة بلا فائدة لضبط الأرباح والسعر السوقي

تصدير الأوراق المالية بات يستخدم في سداد الديون… والتوسع فيها يحتاج يقظة من المساهمين 

 

مع دخول عداد العشر الأواخر من ديسمبر 2025، وبدء العد التنازلي لرحيل العام المالي واستقبال 2026 بآفاق جديدة وتطلعات أكثر تفاؤلاً نتيجة الإنجازات الحكومية في ملفات التشريعات وتهيئة البيئة المحلية الاستثمارية، بدأت حسابات المستثمرين للتمركزات المبكرة والقراءات الخاصة بتوجهات الشركات فيما يخص ملف التوزيعات، وذلك في ضوء الأرباح والنتائج المحققة عن فترة الأشهر التسعة من العام الحالي.

 

معروف أن جموع المستثمرين يفضلون التوزيعات النقدية بالدرجة الأولى، يليها المنحة في حالات محددة للشركات وليس بالمطلق، فتوزيعات المنحة لا تكون مقبولة من كل الشركات على نفس المستوى.

في هذا الصدد رصدت مصادر استثمارية العديد من الملاحظات على ذلك الملف الذي يحتاج إلى ضبط وسيطرة بمبادرات من الشركات ذاتها لعدم إعادة إنتاج ممارسات سابقة أو تضخيمها، وتحميل السوق بأكثر مما يحتمل، ومن أبرزها ما يلي:

* بعض الشركات أصبح رأسمالها ضخم، وحجم الأسهم الحرة يفوق قدرة السوق والمستثمرين، وقدرات تلك الكيانات على خدمة تلك الأسهم تمثل تحدي، وبالتالي ليس من الحصافة أن يكون هناك ربح لفترة مالية وتراجع وانخفاض لفترة أخرى.

* شركات تنتهج سياسة المنح كخيار أقل كلفة على المركز المالي للشركة، بحيث تسدد الشركة القيمة الإسمية، ويتم تسييل تلك الأسهم من جانب المساهمين لتحويلها إلى كاش ونقد، وبالتالي السوق يدفع الثمن نتيجة عمليات التدوير والمضاربات التي تتم على تلك الأسهم بعد كل عملية توزيع للمنح.

* نموذج من الشركات تنسق مع مضاربين للقيام بمثل هذه المهمة، علماً أن كل الشركات لديها حق في ممارسة وشراء 10% من أسهمها، لكنها لا تمارس ذلك الحق، فهي من صدرت الأسهم وتعلم واقعها ومستقبلها جيداً.

* نماذج الشركات التي تقوم بتوزيعات المنح حتى تصل إلى سقف مرتفع ومرهق على صعيد تحقيق أرباح مستقرة ومستدامة من دون فجوات حادة، فتلجأ إلى  ممارسة عمليات الشطب وخفض رأس المال، ما يشبه عمليات التدوير، فهذه الشركات التي تمارس تلك العملية يجب أن تمنع من توزيع أسهم منحة لمدة 5 سنوات، حيث يتم استغلال سلاح المنحة لتغطية إخفاقات ضعف في الأداء التشغيلي الحقيقي عبر توزيعات يدفعها السوق ثم يتم شطب وتخفيف تلك الأسهم.

* كيف يتم تصدير المنح ثم تأتي الشركة لاحقاً وتوصي بخفض رأس المال لعدم الحاجة؟ هل عمليات الزيادة وتصدير المنح كانت تتم بشكل عشوائي أو وفق رؤية مستقبلية وتقدير للحاجة المستقبلية لهيكل معين أو سبب محدد؟

* تفريخ الأسهم في بعض الشركات وصل إلى حدود كبيرة تحتاج حكمة من مجلس الإدارة في أي قرار يتعلق بمزيد من المنح، حيث أن عدم التوزيع في مثل هذه الحالات أفضل للسوق وللمساهمين وللشركة ذاتها.

* بعض الشركات منذ الأزمة المالية أواخر 2008 غير قادرة حتى الآن على حفظ القيمة الإسمية للسهم، وهناك قاعدة واسعة من الشركات تتداول بأقل من قميتها الإسمية رغم أن العمر التأسيسي لبعض الشركات يفوق 20 عاماً، فكيف بشركة تعمل منذ 20 أو 25 عاماً، وتفشل في الحفاظ على القيمة الإسمية للسهم.

* في بعض الشركات توزيع المنحة مطلب وأفضل من التوزيع النقدي بالنسبة للمساهمين، لكن هذا الوضع في شركات محددة لديها مجالس إدارات تعمل من أجل الشركة والمساهمين، وتعمل وفق مؤشرات قياس، وتحقق إنجازات حقيقية، وقناعة المساهمين بأن بقاء الكاش في “بطن” الشركة مكسب، حيث سيتم التوسع واقتناص فرص ترتد وتنعكس على قيمة السهم.

* مجالس إدارات تستخدم المنح وزيادات رأس المال لمبادلة ديون وإطفاء أخرى، وهي تطور في الممارسة، وبالطبع تفريخ الأسهم لإطفاء الدين يدفعه السوق، حيث يتم شراء الدين بورقة مالية قابلة للبيع في السوق على المساهمين.

* مع انكشاف أداء مجالس إدارات بعض الشركات، تلجأ تلك المجالس إلى تحميل الشركة أعباء وأكلاف مضاعفة عبر شراء كميات كبيرة من الأسهم، ويتم تجميد الملايين فيها من دون فائدة، وذلك في محاولة لضبط سعر السهم وتقليل الضغط على القيمة السوقية، وكذلك لضبط الأرباح المعلنة نسبياً، حيث أن تلك الأسهم يتم استثناؤها من حسبة الأرباح والتوزيعات.

فهل تكون توزيعات الأرباح عن العام 2025 خالية من المناورات والحسابات الضيقة التي ترهق سلامة السوق ومستويات السيولة وتغرق القادمون الجدد؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى