أسواق المال

استبيانات “الاقتصادية”: التصويت التراكمي “كنز” من المكاسب والفوائد


• عدالة وشفافية أعمق وتعددية تقلل المماراسات السلبية وتخفض القضايا والنزاعات.

• التطوير الاختياري لا يؤدي إلى تقدم أو تطور في الممارسة!
• النهضة الاقتصادية والحوكمة تتطلب خطوات نوعية إلزامية.
• التصويت التقليدي يضمن سيطرة الأقلية والتحكم في الشركة.
• لا عدالة في إطلاع ملاك على سجل المساهمين وحرمان آخرين.
• التحالفات تخشى المسائلة لذلك ستبقى الأقليات متفرقة.
• التصويت التراكمي سيعزز قيمة الصوت ويحفز من مشاركة المساهم.
• مصالح ضيقة يحققها التصويت التقليدي فيما التراكمي يقضي عليها.
• “التراكمي” يكسر المركزية والهيمنة ويقلل مجالس “الريموت”.

إعداد – هدى سالم:

في بعض مراحل الانتقال من حقبة تطبيقات معايير محاسبية قديمة إلى مرحلة تطبيق معايير محاسبية جديدة، يجب أن تتخذ تلك المعايير طابع الإلزامية خلال فترة ومهلة محددة. هذه صورة مصغرة لإلزامية التطبيق والتغيير، لأنه لو تم تطبيق مصطلح “يجوز” عليها، فلن يلتزم بها الجميع، ولن تجد طريقها للتطبيق الجماعي والشمولي.

ما يمكن استخلاصه من الصورة السابقة هو أن التغيير والتطوير والتقدم في الممارسة لا يمكن أن يكون اختياريا، أو متروكاً لمصطلح “يجوز”.

ملف التصويت التراكمي، بالرغم من مكاسبه الكبيرة والإيجابية والمتعددة، إلا أنه يقبع أسيراً “لمصطلح” يجوز الذي جاء في المادة 209 من القانون 1 لعام 2016، والتي نصت على الآتي:
يجوز أن ينص عقد الشركة على نظام التصويت التراكمي بشأن انتخاب أعضاء مجلس إدارة الشركة، والذي يمنح كل مساهم فترة تصويتية بعدد الأسهم التي يملكها، بحيث يحق له التصويت بها لمرشح واحد أو توزيعها بين من يختارهم من المرشحين دون تكرار لهذه الأصوات.

جملة التطورات التنظيمية التي شهدها الاقتصاد عموماً، بعد الأزمة المالية أواخر 2008، متعددة ومختلفة وشملت الكثير من المفاصل، لكن بقيت هناك تفاصيل دقيقة تحتاج تعديلات وتغييرات جوهرية لمزيد من الإصلاحات المتماشية مع الحوكمة والعدالة في المشاركة، وإعلاء قيمة الملكية مهما كانت أقلية، وتعزيز رقابة المساهمين، ومن هذه النقاط “ملف التصويت التراكمي”.

طرحت “الاقتصادية” سؤال عن إلزامية تطبيق التصويت التراكمي، ضمن سلسلة الاستبيانات التي طرحتها على المستثمرين عموماً، وأصحاب الرأي والمصلحة، والمهتمين بالمساهمات والمشاركات في اكتتابات، وغيرهم ممن لهم صلة بالعمل المالي أو القانون التجاري.
نتيجة استبيان مارس 2025:
تلقت الاقتصادية على مدار شهر مارس مشاركات مختلفة عبر مختلف المنصات المتاحة، ورسائل بإجمالي مشاركات نخبوية بلغت 417 مشاركاً.
• كان السؤال المطروح لشهر مارس: هل تؤيد تطبيق إلزامية التصويت التراكمي في الجمعيات العمومية؟
• 380 مشارك قالوا (نعم) لتطبيق إلزامية تطبيق التصويت التراكمي في الجمعيات العمومية – بنسبة 91% تقريباً.
• 37 مشارك قالو – (لا) – بنسبة 9% تقريباً.

• فوائد ومكاسب التصويت التراكمي:


بداية اتفق عدد من المشاركين والخبراء على أن التصويت التراكمي يجب أن يطرح على الملأ بالتمهيد، ليكون إلزامياً ضمن إطار تعزيز الحوكمة المؤسسية، خصوصاً وأن هناك تقدم جيد وإيجابي في تطبيقات الحوكمة، وبالتالي يجب الاهتمام بكل التفاصيل، مثل التصويت التراكمي، لتحقيق التكامل وعدم ترك ثغرات تستنزف من رصيد تطبيقات كثيرة إيجابية، يحسب للشركات والسوق عموماً الالتزام بها.
جملة من المكاسب والفوائد ساقها وعددها المشاركون في استبيان الاقتصادية عن شهر مارس الماضي، من أبرزها ما يلي:
1- من أبرز المكاسب العريضة لإلزامية التصويت التراكمي هي خطوة التمثيل العادل في مجلس الإدارة بما يسمح لصغار المساهمين بالمشاركة. فكما يتم السماح لهم بالمشاركة في حضور الجمعية العمومية ولو كان بملكية سهم واحد، يجب أن يكون هناك إكمال لضلع المشاركة الفاعلة، إذا كان هناك رغبة في الحرص فعلياً على تشجيع المساهم بأن يكون له بصمة ودور في المشاركة الفعلية والرقابة الحقة… فضمانة المشاركة لصغار المساهمين والأقليات هي تتويج أوسع وأعمق لعناوين رنانة تتعلق بضرورة الحضور والمناقشة والمشاركة، حيث أن التصويت التراكمي سيضمن صوت أقوى للمساهم في الجمعية العمومية.
2- التصويت التراكمي يضمن توسيع قاعدة المشاركة في المجلس بتعددية تكسر مركزية القيادة وتمثيل الاتجاه الواحد الناجم عن السيطرة وحكم الأغلبية السائد منذ عقود، حتى أن بعض مجالس الإدارات باتت نسخ مكررة، وتشهد تبادل أدوار بطريقة واضحة، حتى أصبحت نماذج مصغرة لعدم الحيادية، فتجد ملاك غير مباشرين أو موظفين في شركات مجموعة أو ورثة أو محسوبين بوضوح على مجموعة محددة يمثلون عضوية مستقلة، بطريقة أقرب للروتين وملئ الفراغ الشكلي والهيكلي.
3- التصويت التراكمي يكسر عملية التكرار للأصوات من خلال تدوير نفس الكمية وذات الأسهم لأكثر من عضو مرشح، على سبيل المثال لو تم التصويت لعدد 4 مرشحين بذات الكمية يعني ذلك أن السهم أو الكمية تم تكرارها 4 مرات، عكس التصويت التراكمي الذي يضمن عدالة ومصداقية وواقعية أكثر من خلال توزيع الأصوات على المرشحين دون تكرار لنفس الأصوات.
4- قيمة الصوت في إحداث الأثر، وهو من أبرز وأهم المحفزات الضامنة لحضور المساهم في الجمعية العمومية، حيث يتحول لمؤثر ومساهم في تغيير النتائج.
5- تقضي تلك العملية نسبياً على سوق التوكيلات وعملية تجميع النسب بالحدود الدنيا للحضور.
6- نظام التصويت التراكمي يعزز الثقة أكثر بين المساهمين ومجالس الإدارات.
7- له انعكاسات إيجابية على تحسين القرارات الإدارية، حيث يكسر المركزية الطاغية لبعض التكتلات التي هي في الواقع أقلية، لكنها تحكم بالتوكيلات وتمرر العموميات بمن حضر.
8- جزء مهم في تعزيز المسائلة وتعددية الأراء داخل مجلس الإدارة، نتيجة التنوع الذي يمكن أن يفرزه نظام التصويت التراكمي.
9- يعالج مشاكل متراكمة منذ عقود تتعلق باستحواذ مجموعة معينة على سلطة القرارات الإدارية والقرار بشكل عام داخل الشركة. بعض المجاميع أفلست بسبب سوء الممارسات من المتحكم، وكم من الأًصول تم تبديدها أو تهريبها مقابل عقود وأدوات دين ورقية لصالح شركات خاصة.
10- يضمن بناء نموذج فريد من العلاقات مع جميع الأطراف وأصحاب المصالح، ويعزز الاستقرار ويحقق نجاح مستدام للشركة، ويضمن لها جاذبية مساهمين مؤسسين وأفراد مليئين مالياً وأصحاب توجهات استثمارية طويلة الأجل.
11- بعض المستثمرين يملكون في نماذج واضحة نسب تتراوح بين 20 وحتى 25% ولا يتمكنون من التمثيل في عضوية مجلس الإدارة، وهو ما يضعف رغبة المستثمرين في تملك 5% فما فوق، حيث أن تلك النسب مكلفة مالياً وبالتالي يجب أن يكون لها مشاركة في الإدارة أو مساهمة في الاختيار من خلال التصويت لمن يريد بانتقائية تعتمد على الكفاءة للشخص المستهدف.
12- في الصراعات التي تنشأ يستفيد المسيطرون على مجلس الإدارة من ميزة الاطلاع على سجل المساهمين، حيث يحق لهم دون غيرهم طلب سجل المساهمين في حين أنهم ملاك مثل غيرهم من الملاك.
13- تنوع تركيبة مجلس الإدارة تخرجه من مجلس روتيني يتلقى تعيلمات من أحد كبار الملاك، إلى مجلس تعددي بوجهات نظر مختلفة تفرز رقابة أشد لا تقود الشركة في اتجاه واحد.
14- ميزة التصويت التراكمي تعزيز الرقابة من داخل مجلس الإدارة، وهو ما يريح الأجهزة الرقابية، حيث تقل الممارسات السلبية التي ترهق أجهزة المتابعة والتدقيق والتفتيش، فيكون خط الدفاع الأول من مجلس الإدارة عكس المطبق بأغلبية حالياً من “يملك أكثر من التحالف الآخر يحسم المجلس كاملاً”.
15- التصويت التراكمي قد يفتح الباب أمام مشاركات لأجانب تكون لهم مساهمات في نقل تجارب وخبرات وجذب المزيد من السيولة الاستثمارية، كما تقل الشكاوى وتتراجع القضايا والطعون والنزاعات عموماً المترتبة على بعض الجمعيات، والتي ترهق الإدارات وتخرجها عن صميم عملها، حيث تجند طاقتها للدفاع عن مصيرها.


لا رغبة في التخلي عن السيطرة!

يبقى أهم مكسب لاستمرار التكرار في الأصوات وتطبيق النظام التقليدي هو استدامة حكم السيطرة والتحكم في الشركة، والهيمنة على القرار وتعميق الولاءات، ومنح العضويات والواجهات وتوزيع العطايا والمكافآت عبر اللجان وغيرها، لذلك ستكون هناك أقلية هي التي تؤمن بالتصويت التراكمي، كما هو الحال حالياً، حيث يطبق بنك واحد هذا النظام، ولا تزال العدوى غير منتشرة في الالتزام بالتصويت التراكمي.
الانتقال من حقبة اللاحوكمة إلى حقبة الحوكمة يجب أن يتسم بالشمولية وبتطبيقاتها العادلة دون ترك ثغرات أو ثقوب ينفذ منها هذا وذاك تحت شعار يجوز، ومن نافذة المزاجية وعدم الإلزامية.

يفرق ولا يجمع

نظام التصويت التقليدي يفرق ولا يجمع، حيث أن الإعلان عن التحالف بين مجموعة من المساهمين يحملهم مسؤولية تصرفات عضو مجلس الإدارة الذي يحظى بدعم وأسهم هذا التحالف.
وهو ما يجعل الكثير من الأقليات وأصحاب الملكيات المتناثرة يعرضون عن الدخول في تحالفات.

دور من ومسؤولية من؟

قانون الشركات ينص على التصويت التراكمي، لكنه ترك الأمر اختياري من نافذة ” يجوز”. أين دور الجهات الأخرى المتخصصة؟ أين التشاور والنقاشات والتوصيات التي تصدر من مختلف الأذرع التنظيمية؟ أين الدراسات للأسواق الخليجية القريبة، والأسواق العالمية التي طبقت التصويت الإلزامي؟ أين استخلاص النتائج والعبر وأفضل ما لدى الدول المتقدمة من تطبيقات؟ ليكون شعار “أفضل الممارسات العالمية” قولاً وفعلاً وليس مصطلح يتردد فحسب.
أين الخطط التدريجية التأهيلية التحضيرية للوصول إلى التطبيق الإلزامي بعد نحو 9 سنوات من قانون 1 لعام 2106؟ حتى يتم التحول التدريجي للتصويت التراكمي طالما أن فوائده أعلى وأكثر جدوى.

10 ملايين تساوي 50 مليون … كيف؟

في نظام التصويت التقليدي الـ 10 ملايين سهم تصبح 50 مليون سهم، حيث يتم تكرارها لنحو 5 أعضاء، هي ذات الأسهم، ولكنها تختار 5 مرات، في تكريس واضح لممارسة بات تقييمها ودراستها جيداً مستحق، من واقع الرصيد الماضي من الممارسات التي كشفتها أزمة 2008، وكذلك ممارسات ” المشطوبين” أو من اتخذوا طريق الشطب طريقاً أسهل للخروج الآمن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى