
البصّامة أو الختّامة أو المحبرة كلها مترادفات لبعض من يعتبرون أنفسهم رؤوس وهم في الواقع بصّامة أو في القاع … أو “ممشة زفر”. لتقريب صورة الملف والقصة أكثر، “ممشة زفر” هو دور يُطلق على الشخص الذي يتحمل الأذى والمسبات نيابة عن شخص آخر، وغالبًا ما يكون هذا الشخص هو المتنفذ أو صاحب السلطة في الكيان أو الشركة، بينما يبقى الشخص الحقيقي في مأمن من أي انتقادات أو مسؤولية. يُقال هذا المصطلح للإشارة إلى شخص يكون بمثابة “كبش فداء” أو “جسراً” للآخرين، ويتحمل الأعباء والمسؤوليات التي يفترض أن يتحملها غيره… أو بمعنى آخر هذا الشخص هو عبارة عن “سلم كهربائي” يمتطيه الآخرون ليصلوا، ويبقى هوه مكانه فرحاً بالمنصب أو التواقيع ورزة رئيس مجلس الإدارة وبهرجته.
كيانات وشركات في كل أنحاء المعمورة تحوي نماذج عديدة لهذه “النمونه”.
يفرح بالمنصب والتواقيع اليومية والهالة التي تحيط به مثل وسع لـ “الرئيس”، أو الرئيس راح الرئيس وصل، الرئيس صرح، الرئيس في اجتماع، وخلف الكواليس يحركه “رأس الأفعى” يمين يسار. في الظاهر يعمل لمصالح المساهمين وحقوق الجميع متساوية وفي أيد أمينة، ويخطب واعظاً عن المساعي والجهود والاستراتيجيات، وفي الباطن الولاء والطاعة العمياء والبذل والعطاء “لرأس الأفعى” التي أوصلته إلى هذا الكرسي.
يكيل بمئات المكاييل، يكشف كل الأوراق لرأس الأفعى، ويطلعه على كل كبيرة وصغيرة، حتى لو كانت من غير حقوقه المشروعة.
القرارات لمصلحة شخص واحد وجهة واحدة أو تحالف واحد، وغالباً ما يكون “ممشة زفر” واحداً يقود ألف طائع مطيع يلبي طلبات رأس الأفعى أو التحالف.
أمام الأموال والمميزات والعضويات في شركات هنا وهناك، ومكافآت وأسهم عضوية هدية، وأسهم خيار الموظفين اسما لكنها تُلتهم من “كبير البصامة”، فكيف لا يطيع وينفذ ويوافق ويلبي كل المطالب والتعليمات.
لكن كيف تقبل أن تكون ذو وجهين، تتلاعب في أموال مساهمين لمصلحة واحد فقط؟
كيف تتحمل ذنب ووزر آلاف يدعون عليك ليل نهار ويشتكونك إلى الباري، ودعوة المظلوم تصعد إلى السماء السابعة دون حجاب، وقد أقسم من أقسم بأنه عقب كل صلاة فجر يدعوا على من كان السبب في خسارة أمواله، قاصداً أحد القيادات في إحدى الشركات في إحدى البلاد.
ما تبقى من البصامة حول العالم … ألا تتوبون وتتطهرون مما اقترفتموه في حق آلاف المساهمين الذين قصدوا فرصاً عرضت عليهم مغلفة بأوراق الأمل البراقة، ووثقوا في بعض الأسماء اللامعة التي حُشدت واستأجرت لتلمع الفرصة في أعين الأفراد، وإذا بالفرصة “فخ” و”شرك” تمت حياكته للإيقاع بهم ليس إلا.
ألم تسمعوا يوماً قول الحق في علاه (يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ)؟
لن ينفعكم هذا ولا ذاك، أمام حسرات من بددتم أموالهم وأكلتم حقوقهم وغررتم بهم.
مئات الكيانات التي اندثرت وذهب معها جيش من البصامة، ظن الكثيرون أنهم انتهوا وتطهرت الساحة من شرورهم، لكن “رأس الأفعى” تعيد التفريخ والتدريب والتأهيل، والذيول لا تنتهي ولا تنقرض، فأنت كبصام جديد ليس مطلوب منك أي مؤهلات، وما عليك إلا أن تبتسم فقط أمام الكاميرات وتطلق الوعود، أبشروا بالخير…والخير بقبال…ومع مرور الأيام والسنوات وطي الميزانيات واحدة تلو الأخرى، وتذوق المكافآت العلنية أو السرية، مثل مكافآت اللجان والمهمات تكون حصلت على ماجستير ودكتوراة في فنون البصم والتبصيم.