مقالات

بريطانيا بعد البريكست… هل خسر الاقتصاد رهانه الأكبر أم يستعد لعودة أقوى؟

كيف كان اقتصاد بريطانيا قبل البريكست (Brexit) ضمن أكبر تكتل عالمي؟

قبل خروجها من الاتحاد الأوروبي البريكست (Brexit)، تمتعت بريطانيا بمزايا اقتصادية كبرى وذلك لعضويتها في السوق الأوروبية الموحدة. فقد شكل الاتحاد الأوروبي أكبر شريك تجاري لها، حيث كانت الصادرات والواردات تمر بسهولة دون رسوم جمركية أو قيود معقدة. كما استفاد الاقتصاد البريطاني من تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة، إذ كانت الشركات العالمية تعتبر بريطانيا بوابة مثالية لدخول السوق الأوروبية الموحدة التي تضم أكثر من 500 مليون مستهلك.

علاوة على ذلك، ساهمت حرية حركة العمالة الأوروبية في دعم سوق العمل البريطاني، خصوصاً في قطاعات الخدمات والصحة والبناء، وهذا زاد النمو ورفع كفاءة الاقتصاد.

ما الأسباب التي دفعت بريطانيا إلى الخروج من الاتحاد الأوروبي؟

قرار الانفصال عن الاتحاد الأوروبي في استفتاء 2016 لم يكن اقتصادياً بحتاً، بل كان مزيجاً من اعتبارات سياسية واجتماعية. من أهم الأسباب التي دفعت لهذا القرار:

أولاً- السيادة السياسية: شعر بعض البريطانيين بأن بروكسل تفرض قوانين وقيوداً تحد من استقلالية لندن.

ثانياً- الهجرة: ارتفاع معدلات الهجرة الأوروبية إلى بريطانيا أثار مخاوف تتعلق بالوظائف والخدمات العامة.

ثالثاً- التكاليف المالية: اعتقاد بعض السياسيين أن مساهمات بريطانيا في ميزانية الاتحاد الأوروبي كبيرة ولا تعود بفوائد كافية.

رابعاً- الهوية الوطنية: رغبة شريحة واسعة من الشعب في استعادة “التحكم الكامل” بالحدود والقوانين.

لكن كيف أصبح الاقتصاد البريطاني بعد البريكست واقعاً معقداً؟

بعد الخروج، واجه الاقتصاد البريطاني سلسلة من التحديات:

1- التجارة: فقدت بريطانيا الوصول السلس إلى السوق الأوروبية، ما أدى إلى زيادة الإجراءات الجمركية والبيروقراطية وتراجع حجم الصادرات لبعض القطاعات.

2- الاستثمار: انخفضت الاستثمارات الأجنبية نتيجة حالة عدم اليقين، حيث فضلت بعض الشركات نقل مقراتها أو عملياتها إلى مدن أوروبية مثل دبلن وفرانكفورت.

3- العمالة: تراجع تدفق العمالة الأوروبية أثّر على بعض القطاعات الحيوية مثل الزراعة والرعاية الصحية.

4- التضخم وضعف الجنيه الإسترليني: خروج بريطانيا ترافق مع ضغوط تضخمية وانخفاض قيمة العملة، وهذا ادى إلى زيادة تكلفة الواردات ولكن أضعف القدرة الشرائية.

ما هي التداعيات الاقتصادية التي نتجت عن البريكست (Brexit

التداعيات لم تقتصر على التباطؤ الاقتصادي، بل شملت:

1- تباطؤ النمو مقارنة بدول أوروبية أخرى.

2- ارتفاع أسعار المواد الغذائية والطاقة.

3- ضعف الثقة في الأسواق المالية البريطانية.

4- زيادة التحديات أمام الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تعتمد على التجارة الخارجية.

كيف يمكن لبريطانيا استعادة قوتها الاقتصادية؟

ورغم الصعوبات، لا يزال أمام بريطانيا فرص لإعادة بناء قوتها الاقتصادية عبر سلسلة خطوات وإجراءات أهمها :

1- توسيع الشراكات التجارية: عقد اتفاقيات تجارية جديدة مع الولايات المتحدة، دول الكومنولث، وآسيا لتعويض خسائر السوق الأوروبية.

2- تشجيع الابتكار والتكنولوجيا: الاستثمار في القطاعات المستقبلية مثل الذكاء الاصطناعي، الطاقة النظيفة، والخدمات المالية الرقمية.

3- إصلاح سوق العمل: وضع سياسات مرنة لجذب الكفاءات من خارج أوروبا وسد الفجوات في القطاعات الحيوية.

4- استقرار السياسات الاقتصادية: تعزيز الثقة عبر خطط واضحة لخفض التضخم، دعم العملة، وتحفيز الإنتاج.

5- الاستفادة من موقعها المالي العالمي: الحفاظ على لندن كمركز مالي رائد عالمي، عبر جذب رؤوس الأموال وتبني سياسات ضريبية منافسة.

 الخلاصة

البريكست مثّل نقطة تحول كبرى في تاريخ بريطانيا الاقتصادي. ورغم أن دوافعه كانت سياسية أكثر من كونها اقتصادية، إلا أن نتائجه انعكست بشكل مباشر على النمو والاستقرار. واليوم، تحتاج بريطانيا إلى استراتيجية طويلة الأمد قائمة على الانفتاح الاقتصادي والابتكار حتى تتمكن من استعادة موقعها كقوة اقتصادية رائدة عالمياً.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى