توصيات صندوق النقد الدولي … ومنعطفات حارة الخرنفش
بقلم/ محمد سعد خليل
Khalilm5090@yahoo.com
صندوق النقد الدولي عبارة عن منظمة دولية تهدف إلى تعزيز التعاون النقدي الدولي، وذلك بتقديم القروض والمشورة والدعم الفني والتوصيات للبلدان الأعضاء خصوصا تلك التي تواجه صعوبات في ميزان مدفوعاتها.
يقع مقر كل من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في العاصمة الامريكية واشنطن، وتأسسا عام ١٩٤٤ بموجب الاتفاقية الناجمة عن مخرجات مؤتمر بريتون وودز، ولهما أهداف متكاملة لدعم الاقتصاد العالمي، إلا أنهما يختلفا بأن صندوق النقد الدولي يركز على تقديم قروض قصيرة ومتوسطة الأجل لمساعدة الدول في مواجهة الازمات، بينما يركز البنك الدولي على التنمية الاقتصادية طويلة الأجل والحد من الفقر عبر تمويل مشاريع محددة في بعض الدول النامية لها علاقة بالبنى التحتية مثل الصحة والتعليم .
حارة الخرنفش: تقع في منطقة الجمالية ضمن حدود مدينة القاهرة القديمة في جمهورية مصر العربية، وقد استمدت اسمها من تلك المادة التي تتحجر من وقود الحمامات القديمة والتي كانت تستخدم مع جير مونة البناء.
توجد في حارة الخرنفش عدة منعطفات، فأثناء التجوال فيها يجد الإنسان نفسه قد دخل في حارة أخرى متفرعة منها دون أن يشعر، مثل حارة زويلة وعطفة البير وحارة اليهود وحارة خميس عدس وحارة برجوان …الخ .
إن إدمان أي دولة على القروض كأسهل طريقة لحل المشاكل الاقتصادية التي تواجهها، يجعلها مكبلة بمديونية داخلية وخارجية عالية، ودخولها في دوامة القروض من قرض إلى قرض دون الشعور بذلك، مما يعظم من حجم العبء الذي يثقل كاهل الطبقتين المتوسطة والفقيرة في المجتمع، نتيجة لسداد أصل القروض والفوائد والرسوم المترتبة على تلك القروض، وبالتالي زيادة عمق الأزمة الاقتصادية وانعدام الفرص. فمثلا قرأت تقرير لإحدى الدول استدانت ٣ مليار دولار لسداد قرض مستحق بقيمة ٢ مليار دولار، بالإضافة إلى سداد فوائد مترتبة ومتراكمة بقيمة ٦٥٠ مليون دولار، وإذا ما تم قسمة ٦٥٠ مليون فوائد على ٢ مليار أصل القرض نجد أن النسبة تصل إلى ٣٢،٥٪ وهذا رقم مرتفع نسبيا، مما قد يجعل تلك الدولة تدخل في مرحلة النفخ في البالون، أي الاستدانة لسداد فوائد الدين العام وليس أصل القرض.
يتقاضى صندوق النقد الدولي رسوما على القروض حيث تبلغ نسبة الفائدة على القروض التي تزيد عن ١٨٧،٥٪ من حصة الدولة لدى الصندوق ٢٠٠ نقطة أساس (٢ ٪)، وتزيد إلى ٣٠٠ نقطة أساس (٣ ٪) إذا استمرت القروض فوق هذا الحد لأكثر من ثلاث سنوات.
غالبا ما يقدم صندوق النقد الدولي توصياته للدول المقترضة بزيادة الضرائب من أجل زيادة الإيرادات العامة للدولة، بحسبة بسيطة مثلا، لو زادت الدولة الضرائب على المحروقات مثلا، كالضريبة على مواد مثل البنزين والكاز والسولار، فإن ذلك سوف يحرض العمال على المطالبة برفع أجورهم بسبب ارتفاع أسعار استخدام وسائل النقل، ومن ثم ارتفاع مدخلات الإنتاج وارتفاع أسعار السلع وتراجع القوة الشرائية وانحسار السيولة، وبالتالي تراجع الإيرادات الضريبية، مثل ضريبة الدخل وضريبة المبيعات ورسوم الرخص وغيرها، عدا عن هروب المستثمرين إلى بلدان ذات معدلات ضريبة منخفضة ومعتدلة، أو بلدان ذات ملاذات ضريبية آمنة.
إن عملية استسهال الحصول على القروض من قبل الدولة كوسيلة لمواجهة العجز في الموازنة العامة، ودون اللجوء إلى جراحة مؤلمة لبند النفقات العامة في الموازنة العامة، مثل خفض النفقات العامة وإعادة هيكلة المؤسسات في الدولة، مع ضرورة دمج المؤسسات المستقلة أو ذات الأداء المزدوج، والتقليل من النفقات غير المبررة، سوف يؤدي بالنهاية إلى بروز تحديات كثيرة وخلق حالة من عدم اليقين، تفضي إلى ركود اقتصادي عميق وأزمات اقتصادية حادة، قد يصبح من خلالها التوقف عن سداد الدين أو إعادة هيكلة الدين السيادي أمرا لا مفر منه.




