مقالات

التعامل الإنساني أم الالتزام باللوائح؟…. أيهما الطريق الحقيقي لنجاح المؤسسات؟

 

بقلم : تامـر عبدالعزيز

امين سر – مدير إدارة الموارد البشرية.

في عالم الإدارة الحديث، يبرز تساؤل جوهري يواجه القادة والمديرين يومياً:

هل النجاح يكمن في الصرامة وتطبيق اللوائح بحذافيرها، أم في تغليب الروح الإنسانية والمرونة؟ هذا الجدل ليس مجرد اختيار بين أسلوبين، بل هو بحث عن “الخلطة السرية” التي تضمن استدامة المؤسسات وتميزها.

أولاً: سطوة اللوائح.. ضمان العدالة والنظام.

تعتبر اللوائح والقوانين “العمود الفقري” لأي مؤسسة؛ فهي التي تمنع الفوضى وتضع حدوداً واضحة للحقوق والواجبات. الالتزام باللوائح يحقق فوائد لا غنى عنها:

* المساواة والعدالة: اللوائح لا تحابي أحداً، مما يقلل من الشعور بالظلم أو “المحسوبية” داخل بيئة العمل.

* توقع النتائج: عندما يكون النظام واضحاً، يعرف كل موظف عواقب تقصيره ومكافأة تميزه، مما يخلق بيئة عمل مستقرة.

* حماية المؤسسة: الالتزام القانوني والإجرائي يحمي الكيان من الأخطاء الكارثية والمخاطر القانونية.

ملاحظة: الإفراط في الجمود القانوني قد يحول الموظفين إلى “آلات”، ويقتل روح المبادرة والابتكار، مما يؤدي إلى ما يُعرف بـ “البيروقراطية القاتلة”.

ثانياً: التعامل الإنساني.. وقود الإبداع والولاء

على الجانب الآخر، يرى أنصار المدرسة الإنسانية أن الموظف هو “رأس المال الحقيقي”. التعامل الإنساني لا يعني الفوضى، بل يعني تقدير الظروف الفردية والاحتياجات النفسية.

* تعزيز الولاء: الموظف الذي يشعر بأن مؤسسته تدعمه في أزماته الشخصية، يبذل أقصى جهده في العمل كرد فعل طبيعي للتقدير.

* بيئة عمل مرنة: المرونة في التعامل تفتح الباب للإبداع؛ فالموظف المرتاح نفسياً هو الأكثر قدرة على تقديم أفكار خارج الصندوق.

* تقليل الدوران الوظيفي: المؤسسات التي تتبنى “الإنسانية” تحافظ على كفاءاتها لفترات أطول، مما يوفر تكاليف التوظيف والتدريب.

 

ثالثاً: مقارنة سريعة بين المنهجين

وجه المقارنة الالتزام الصارم باللوائح التعامل الإنساني المرن
التركيز الأساسي الأهداف والأرقام الأفراد والمشاعر
نقاط القوة الانضباط والسرعة في التنفيذ الابتكار والولاء الوظيفي
نقاط الضعف الجمود والاحتراق الوظيفي احتمال استغلال الثغرات
النتيجة طويلة الأمد استقرار روتيني نمو مستدام ومتطور

 

رابعاً: الطريق الحقيقي للنجاح (روح النظام)

النجاح الحقيقي لا يكمن في اختيار أحدهما وإقصاء الآخر، بل في “أنسنة اللوائح”. إن القائد الذكي هو من يطبق “روح القانون” لا “نص القانون” فقط، وذلك من خلال:

* تبني لوائح مرنة: وضع قوانين تسمح بهامش من التحرك في الحالات الإنسانية الاستثنائية.

* التواصل الشفاف: شرح الأسباب وراء القوانين يجعل الموظفين يتقبلونها عن قناعة وليس عن خوف.

* تفعيل الذكاء العاطفي: قدرة المدير على التمييز بين “الموظف المتخاذل” الذي يحتاج للقانون، و”الموظف المخلص” الذي يحتاج إلى دعم إنساني.

* إن المؤسسات التي تحكمها اللوائح فقط قد تنجح في “البقاء”، لكن المؤسسات التي تدمج اللوائح بالتعامل الإنساني هي التي تنجح في “الارتقاء”. الطريق الحقيقي للنجاح هو خلق توازن يجعل الموظف يشعر بأنه إنسان مُقدر داخل نظام يقدر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى