مقالات

يجب وقف ابتزاز المواطن للحكومة …

إن المواطن في هذا البلد يعيش عيشة يحسده عليها الكثير من مواطني الدول الأخرى، من حيث الحرية غير العادية في التعبير عن رأيه في كثير من الأمور السياسية والحياتية، وله الكثير من الامتيازات المالية والوظيفية والتعليمية والصحية والخدمات الاجتماعية. كما ان له امتيازات سياسية تتمثل في اختيار ممثليه في البلدي والجمعيات التعاونية، وكذلك جمعيات النفع العام التي تصرف عليها الدولة وتخدم جميع التخصصات المهنية. المواطن الكويتي له كل هذه الامتيازات وليس عليه أي مسؤوليات تجاه الدولة من ضرائب وتجنيد، وبذلك يعيش المواطن وله كثير من الحقوق وليس عليه أي التزامات تجاه الدولة. هناك أيضا دعم لكثير من المواد الغذائية عن طريق البطاقة التموينية، كما أن الكهرباء والبنزين مدعومة بمبالغ كبيرة، بالإضافة إلى دعم الأسر المحتاجة والجمعيات الخيرية التي يصل عملها للداخل والخارج، وغير ذلك من التزام الدولة بالسكن الخاص لكل مواطن وتوزيع المزارع والجواخير والشاليهات والقسائم الصناعية.. الخ
هذه فرشة عامة لامتيازات المواطن الكويتي والتي لا يوجد لها مثيل في أي دولة في العالم، مع ندرة الواجبات الملقاة على عاتق المواطن.
إن المواطن ومع كل تلك الامتيازات غير العادية غير راض عن ذلك وهو يريد المزيد والمزيد ولا يشبع، وهو يريد أن يصرف أموال الأجيال القادمة في حياته، ولا يفكر في مستقبل أبنائه، وترك بعض المدخرات لهم لتساعدهم في تكملة مشوار حياتهم. إنها الأنانية المطلقة، فترى المواطنين في كثير من الوزارات والمؤسسات الحكومية يضربون ويطالبون بالمزيد من رفع مستوى الرواتب والعلاوات والأعمال الممتازة وزيادة القروض الإسكانية والتدخل من الدولة لحل مشاكل المواطنين في القروض التجارية.
لماذا يحصل هذا؟
إنه الدلع من الحكومات السابقة كلها، والتي كانت تخضع لابتزاز المواطن، والمواطن لا يكل في أي لحظة عن الاستمرار في المطالب المشروعة وغير المشروعة.
إن الاستمرار في هذا النهج الخطر الذي لا يخدم الدولة ولا المواطن في خلق الدولة المدنية المستديمة، ويخل بالاستقرار السياسي والاقتصادي، الذي يؤدي إلى كثير من المخاطر غير المحمودة في المستقبل.
فما هو الحل إذا؟
الحل هو، أننا يجب أن نراجع أنفسنا كمواطنين وحكومة، ونعترف بأن الاستمرار في هذا الطريق لا يحقق أمنيات البلد ومستقبل أجياله. يجب التوقف والتفكير الجاد في مراجعة ذلك التوجه، وكيفية الخروج من تلك الحلقة المفرغة الصعبة، ووضع الخطط والبرامج الإصلاحية الجذرية لتحقيق التوازن بين كثير من الأمور المطلوبة للتوجه للمستقبل، ووضع أسس لحقوق وواجبات المواطنة من امتيازات وواجبات.
إن المصارحة والمكاشفة بشفافية بين أطراف المعادلة من حكومة ومواطن صارت من الأمور المهمة والملحة لوضع البلد على الطريق الصحيح الذي يخلق الدولة المستقرة والمستدامة. يجب أن تتوقف الحكومة عن دغدغة مشاعر المواطن واستمالته بأمور تخديرية مؤقتة تضره وتضر البلد واستقراره الاقتصادي والسياسي.
إن المقصود من هذه المقالة هو وضع الإنذار المبكر للحالة التي نسير عليها والتنبيه على المخاطر المقبلة التي لم نضع لها أي حساب في مستقبل هذا البلد من ناحية التوازن المالي والاجتماعي والاقتصادي والسياسي.
إن الطلب المحق في التفكير بعمق وجدية في الخروج من هذه الدائرة الشرسة ليس بالعمل السهل، ولكن ليس أمامنا غير الطريق المحق والملزم للجميع لاتباعه لتحقيق الدولة المستقرة والمستدامة والتي تخدم جميع المواطنين وما عليهم من التزامات ومسؤوليات بتوازن علمي مدروس من واقع امكاناتنا المنظورة والمستقبلية لتحقيق أمنية هذا البلد الطيب.
والله المستعان…
حامد السيف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى