مقالات

” أزمة المخيمات”

بقلم مشعل الملحم

الفقر الذي تعاني منه الدول لا يكمن بنقص المال، بل بشح الفرص، فالفرص هي التي تصنع الرخاء، لذلك تتنافس الدول فيما بينها على صناعة الفرص، وتحرير الاقتصاد من هيمنة المؤسسات الحكومية المثقلة بالروتين، والمتخمة بالموظفين. وأذكر جلياً أنه حين يعلن عن مشروع حيوي في بريطانيا، فأنهم لا يعلنون عن المشروع وأهميته، بل يعلنون عن عدد الفرص الوظيفية التي سيخلقها للمجتمع المحلي، فالبطالة هي أكبر وباء تخشاه الدول، غير أن معالجة هذه البطالة عبر الزج بالخريجين في قطاع حكومي يعاني من الترهل، يشكل في حد ذاته عائق أمام تطور الدولة، وإثقالها بأحمال توهنها فوق وهنها، فتتعطل الديناميكة وتفقد المرونة، ويصبح الموظف عبئاً على الدولة وعائقاً أمام تطورها.
وفي ظل هذه التخمة الوظيفية في قطاعاتها الإدارية فأنها ستعجز عن ابتكار حلول فعالة لخلق فرص جديدة في سوق العمل، فتضطر إلى توظيف المزيد من الخريجيين، وكأنها تعالج مرضها بالمزيد منه، وللأسف أن هناك شبه كبير بين مؤسسات الدولة ومخيمات إيواء اللاجئين، خاصة حين تتحول الدولة بكافة أجهزتها إلى معسكرات لإيواء الخريجين، فتسكينهم دون جدوى حقيقية لهم، هو إيواء وليس توظيف، وكما يتناوب اللاجئين على الأسرة والخيام المكتظة، فأن بعض الموظفين سيتناوبون على الكراسي والمكاتب، وكما ينتظر اللاجئين الإعانة الشهرية، ينتظر الموظفين المعاشات الشهرية، وكما ينتظر اللاجئين التحرير والفرج، فأن الموظفين يقبعون في تلك المكاتب آملين في فرج يحررهم، غير أن اللاجئين قد لا يخرجون من مخيماتهم طوال حياتهم، كما حصل مع الأخوة اللاجئين في مخيمات عين الحلوة وبرج البراجنة، هم أسرى مخيماتهم، فيقبلون بالأمر الواقع ويتكيفون مع مراراته ويتأقلمون على وضعه. إن الإنسان يعتاد الأمر الواقع ويظنه أفضل الخيارات المتاحة له وهنا تكمن المشكلة أمام أولئك الموظفين، إذ سينطفئ شغفهم، وتضمحل كفاءتهم وتتبخر أحلامهم، ثم تكثر مطالباتهم، ويعلو صراخهم، وأنينهم،
الخاتمة:
ليس من مسئولية الدولة أبداً خلق فرص وظيفية، بل من صميم مسئولياتها تهيئة الأجواء ليخلق المجتمع الفرص الوظيفية. أما الدولة التي تعجز عن تهيئة المناخ المناسب لانتعاش الاقتصاد وسوق الوظائف هي دولة تسير في منحدر.. دون فرامل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى