المحتال …والدجال في عالم الأعمال

من أسوأ أنواع القهر أن تكون محتال وتتحول إلى صاحب حق وتلاحق من مارست الاحتيال عليهم وضدهم وتطالبهم بأموال بعد…؟!
هل يمكن أن يحدث ذلك في عالم المال والأعمال؟…نعم فهناك الكثير من الدجالين أصحاب الممارسات الشريرة الخارقة للعادة التي تضل وتضلل كبار المستثمرين وأصحاب رؤوس الأموال ويستهدفون المؤسسات المليئة.
لكن الشرهة ليست على الدجال و المحتال، تبقى الشرهة على الشركة أو مجموعة الشركات التي وقعت ضحية لأحد هؤلاء في سوق إقليمي، ولهثوا جميعاً وراء الربح السريع والمبالغ فيه، دون أن يتم اتخاذ الاحتياطيات الكافية من المراجعة والتأني والدراسة والتدقيق في الأوراق الثبوتية والدالة على صحة الفرصة، ثم التأكد من واقع الأرقام…ولعل أبرز التساؤلات هي، هل لو كان فيها خير كان عافها الطير؟” … هذا هو أبسط سؤال يمكن أن يقف المستثمر أمامه عندما يكون على وشك اتخاذ قرار مصيري واستراتيجيي بمبالغ مليونية ضخمة يمكن أن تأكل رأسمال الشركة وتضعها في نزاعات قضائية لأكثر من 18 عاماً.
المثير في ملفات الدجل والاحتيال الاستثماري أن شركات من الصف الأول وشركات نخبوية، وشركات تدعي أنها الأبرز والأعظم والأفخم والأكثر حصولاً على الجوائز والأكثر تكريماً، وأنهم السادة ولا يرون غيرهم، هي من وقعت قبل غيرها وورطت صغارها بجانبها.
العمل الاستثماري واقتناص الفرص والتحوط والإدارة الفنية والقانونية وقراءة المخاطر ليست بالكلام والفهلوة وإطلاق التصريحات والبيانات.
انتقاء الشركاء يحتاج حنكة ودراية وذكاء وتقييم وتدقيق وتمحيص ومسؤولية، فبعض المشاكل والمخاطر هي صناعة ذاتية، أي أنك أنت من تصنع الجمرة التي تحرق الشركة وتحرق أموال صغار المستثمرين والمساهمين الذين وثقوا فيك وفي فريق العمل كثير الابتسامات.
خطة الدجال المحتال تسلل بها عبر مجموعة من الأوراق المختومة التي استخدمها كبوابة للثقة وإضفاء الشرعية، وعقد الاتفاقات دون أن ينفذ وعوده، بل إنه في ذات الوقت تحول إلى دائن ومطالب بما اتفق عليه لصالحه.
في بعض الوقائع تنعدم الأخلاق أمام حجم الأموال المليونية المستهدفة، والتي تعمى معها القلوب والأبصار فلا يفرق بين حلال وحرام، ويتحول إلى مطالب نهم لمجرد أن ثغرة قانونية تخدمه أو في صالحه، لكن تعود في نهاية الأمر نقطة القصور والتقصير إلى الفريق الإداري ومجلس الإدارة الذي وافق وأقر الاتفاقية، ولم يكن يملك أي بعد نظر أو تقدير أو تقييم للأمر ليقرأ ما يحاك ويدبر لهم في ليل.
“الفخ” كان محكم وكبير ومرير، لكن الأكثر إيلاماً فيه هو أن يتورط فيه أكثر من شركة وأكثر من مجلس إدارة وأكثر من جهاز تنفيذي، ما يجعل التساؤل المستحق هو “أليس منكم رجلاً رشيد؟”، أم أن الأموال المكونة لرؤوس أموال الشركات لعبة وألعوبة، وأنتم تمارسون العمل المالي والاستثماري بالهواية وعلى “حسب الريح” كما قال عبدالحليم حافظ.
القصد، من البداية كان خير، لكن الشرير المقابل مارس هوايته وأوقع الجميع وكشف الحصانة والغطاء عن الرموز الاستثمارية الذين لا يرون أحد أمامهم، معتبرين أنهم صناع الفرص الخارقين … أمام خطيئة أي جهة تتصدى للإدارة يكون عليها مسؤولية، أقلها تعويض المستثمرين ومن صبر واستمر معكم لسنوات، أمواله معطلة وهو قابض على جمرة النار يترقب أن تمطر الغيمة.
الزبدة…الاستثمار والمسؤولية لهم أصولهم…وجرام خبرة خير من قنطار تنظير، وقديماً قيل “اعط الخبز خبازه”.