قصة الأحدمنوعات

ملك تمرير الصفقات… ملفك لم يأتِ دوره بعد!

في سالف العصر والزمان، تتلمذ موظف صغير على يد قائد مالي محنك، يعتبر بالمقاييس الحالية “فلتة” من فلتات الزمان. ولحسن حظ هذا الصعلوك الصغير أن ترعرع في بيئة عمل منضبطة ومتقدمة وناضجة بسبب هذا القيادي سابق عصره، والذي تخرج من مدرسته كفاءات وقيادات كثر، لكن هذا الموتور بطل هذه القصة كان أحد المتخرجين العاقين الناكرين الجاحدين الباحثين عن الثراء السريع وكروتة آلة الزمن.

هل صان هذا الصعلوك الجميل ورد الطيب بالطيب كما هو عادة أهل الوفاء؟ كلا، لأن الطيب في غير موضعه حرام، كما هي قاعدة ” الكحل في العين الرمدة خسارة”.

الصعلوك المتمرد كال لمعلمه الاتهامات والذم الكثير، مدعياً عليه بأنه يخنق الأعمال، ومتشدد وعسر وصعب في تطبيق الإجراءات، لكن بقليل من العقل يتضح أن وصف أستاذه بالمتشدد والدقيق في تطبيق الإجراءات هو في واقع الأمر مدح وليس ذم، كما أن المتشدد أفضل مليون مرة من المتساهل غير المسؤول والمتهاون، لأن التهاون لا ينتج عنه سوى الأزمات والخسائر المؤجلة التي تنفجر لاحقاً.

طبعاً الموظف الصعلوك العاق لقيادته لم يجد مفر أو ثغرة لتمرير ألاعيبه بسبب الانضباط الشديد للقيادي الفذ، فما كان من الموظف الصعلوك إلا اللجوء خارج الحدود لينسج شباك التلاعبات في الخارج، ومن ثم يصدر ممارساته معلبة جاهزة.

كمن يفشل في تسويق سلعته “المفخخة” في الأسواق المحلية، ثم يتجه للخارج لتصديرها مغلفة، ظناً منه أن مثل هذه الممارسات ستمر على القيادي الفذ، لكنه بالمرصاد وكشف الصعلوك سريعاً، وعنفه ووقع عليه الغرامات المالية، وحذره من أن استمراره في تلك الممارسة المشينة سيجعل مصيره العزل أو التجميد، خصوصاً وأن هذه الممارسة هي خرق لتنظيم وتشريع محلي، وتعليمات يعتبر تجاوزها مخالفة صارخة للقانون.

الصعلوك لا يهمه أي مصالح عامة، المهم بالنسبة له أن يحقق أرقام ويعلن أرباح، ويحصل على عمولات ومكافآت ومزايا، ويحصد “أسهم خيار الموظفين” هو وشريكه المدلس الأكبر الذي يعزف له سيمفونيات التجميل للميزانيات والبيانات المالية و”تلبيس القحافي”، حتى انتفخت أوداجه من السيولة والملايين.

رويداً رويداً تنفس الموظف الصعلوك الصعداء بعد أن خدمته الظروف وخرج القيادي من منصبه، لكنه اصطدم سريعاً بقيادي محنك آخر، متشرب لنفس المبادئ من مدرسة التميز المتحفظة الرصينة والمتشددة في مجابهة التلاعبات، فما كان أمام الصعلوك الطامح الجامح إلا الانصياع للتعليمات والقوانين والقرارات المنظمة.

واستمر طيلة عقدين تقريباً تحت ضغط التعليمات ومقصلة الرقيب، إلى أن تم تغيير ثاني القياديين الناجحين أصحاب مدرسة النزاهة والكفاءة الرقابية، والذين لم تقع طيلة تواجدهما أي مخالفة أو ممارسة غير سوية أو تشوبها أدنى شائبة، لذلك الثوب نظيف أبيض ناصع.

في المقابل الصعلوك مستمر في ممارساته السلبية وفسد وتمدد فساده، وارتكب جريمة مالية ضخمة لن يمحوها التاريخ نظراً لفداحتها وآثارها السلبية التي ستستمر لعقود، خصوصاً وأنها بنيت على باطل وأرقام مزيفة وأرقام غير حقيقية وغير واقعية خدع بها الجميع، والأيام كفيلة بكشف الأرقام والنتائج، وكما قيل ” اللي بالجدر… يطلعه الملاس”!

في نهاية المطاف مهما طال عمر التدليس والمدلسين لا يصح إلا الصحيح، حتماً سيأتي الطوفان ليجرف “غبار” التدليس، وتتكشف الحقائق وتظهر حبات الرمال الناصعة المتلألئة اللامعة الساطعة كالذهب تحت أشعة الشمس.

الحساب قادم، ولعل هذا الصمت والتواري ظنا من المدلس أنه “منسي” ولا أحد يتذكره، أو لا يريد أن يتذكره أحد، لكن حقيقة الأمر أن ملفه لم يأتي دوره بعد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى