
في سالف العصر والزمان كان هناك كيان، بالمسمى الرسمي على الورق معترف به أنه مؤسسة “عاله – مية”، لكنه في الواقع أقرب إلى المؤسسة الوهمية، كونها خاوية على عروشها، فهي لا تحتوي على أصول جوهرية أو أصول مدرة، بل كلها كانت عبارة عن كيان ورقي من الداخل والخارج لا قيمة لها حتى في سوق “الخشب”، لكنهم يروجواً كذباً أنها أصول من فصيلة الذهب.
دار أصحاب “الكيان” الورقي لبيعه يميناً ويساراً، شمالاً وجنوباً، وكل من يفتح أبوابه ويطلع على بياناته ومحتواه يخرج مزكوم الأنف، فما تحت “الزولية” ليس كما فوقها.
حدث ولا حرج، “الميزانية” تحتوي على كل أصناف الملاحظات السلبية والممارسات غير الحصيفة، فأقل ممارسة فيها من عيار “غسل الأموال” وصاعداً، حتى أن الشروط الجزائية التي كان يوقعها المشترون المحتملون لم تدفع بسبب الخوف من نشر “الفضائح” و”الغسيل القذر” على الملأ بعد الاطلاع على البيانات.
في نهاية المطاف، وبعد جهد جهيد، وفشل تلو الفشل في التخلص من هذا الكيان، أتى أحد “الأشقياء” في الدنيا قبل الآخرة، واقترح اقتراح نال إعجاب أصحاب البطون الواسعة وأعجبوا فيها حد الجنون.
بدأ الشقي ومجموعة الأشقياء من حوله في رسم الخطة الشيطانية لإلتهام الغنيمة السمينة، وكانوا يعلمون أنهم سيواجهون مقاومة شرسة، لذلك أعدوا كل العدة لتخطي وقفز كل الحواجز، وشياطين الإنس كثر ممن يسهلون التهام ما ليس لهم.
وفي نهاية المطاف تم المراد، والتهموا الغنيمة الثمينة، وخلطوا “الذهب بالخشب”، وصاحوا في القوم يروجون أن الخشب ذهب، وجندوا كل الأبواق الفاسدة في المدينة، وأهل التزيف والتزوير، وأصحاب الأقلام المسمومة في كتابة التقارير الرنانة، يرددون في معزوفة واحدة متناغمة اللحن بأن الخشب ذهب، ليس هذا فقط بل سيتحول إلى ألماس في القريب.
وبعدما وقعت واقعة “السطو” في غفلة من الزمن تحت ضغط بهرجة الأرقام وقلب الحقائق المرة إلى عسل المانوكا النيوزيلندي، تكشف كل “الخياس”، فالخشب ليس ذهب، وأصفار الأرقام التي كانت على اليمين، أصبحت على اليسار بلا قيمة.
وخدع الشريك الفقير، الشريك الغني خدعة ستبقى أمد الدهر علامة مميزة وفارقة في سجلات المحتالين، أمثال مادوف وربعه المحترفين.
ومن مآسي القصة أن الشريك الفقير تحول إلى “ديناصور” جائع مفترس، بات يأكل الأخضر واليابس من أمامه في سبيل الدفاع عن وجهة نظرة بأن أصوله من ذهب، وهو الوحيد على ظهر الكرة الأرضية الذي يصدق نفسه ويعتقد أن أصوله من ذهب، والعالم كله يراها “خشب” بالنظر المجرد ولا يحتاج هذا الخشب إلى فحص مجهري.
وبات الشريك الفقير يبيع في أصول الشريك الغني يمين ويسار بشكل هيستيري، دون أن يفرق بين ما هو ثمين وما هو أقل في الأهمية والأولوية، حيث أصيب “بلوثة” عقلية، ولم يعد على لسانه سوى “بيع بيع بيع”، خوفاً من انكشاف أمره، لكنه يهرول نحو الهاوية، وسينكشف أمره قريباً بعد أن يبدد جميع الأصول ويصل إلى الحديدة، ولن يبقى له سوى “الخشب” الذي لن يحقق له شيئاً سوى أنه سيخرج بوجه أسود مثل “الدخان الأسود عندما يحترق الخشب”.
وتذكر دائماً أن من تعدى على حدود الله سيخسفه الله إلى سابع أرض، وأفعال هذا المحتال تخطت كل الحدود والسدود والموانع، حتى افترى على كل الثوابت لطمث التاريخ وتزيفه.
وقيل في روايات الأولين، ما طار طير وارتفع إلا كما طار وقع!!! وإن غداً لناظره قريب… التصحيح قادم.