قصة الأحدمنوعات

المسؤولية الجماعية في لعبة خلط الأصول  

في كل النظم المالية حول العالم هناك تفاوت كبير في الالتزام والاحترافية والمهنية، واتباع المعايير بصحيحها الفني والمالي والفقهي والقانوني، وليس الالتفاف عليها وتغليفها وتسطيحها، والتواري خلف مجموعة من “الترزية” مقدمي الخدمات الملتوية. الفارق فقط يبرز ويتمثل في الأخلاق.

في الكيان المدعوم من التكتلات الخفية من أصحاب المصلحة والمستفيدين بالمطلق دون غيرهم، إذا كان رئيس الشركة من أصحاب الأخلاق الرفيعة فطب واطمئن، أما إذا كان من مدرسة اللعب على كل الأحبال والأوتار والمتلونين حسب المرحلة، فلا تنخدع وراء الابتسامة الصفراء، خصوصاً عندما يكون واجهة مأجورة لتنفيذ أجندة ومهمة، فهنا يكون الخطر أشد وأفدح على الكيان ومستقبله، كون الدفة تمضي في اتجاه واحد، ولمصالح ثلة واحدة خفية تحرك الدمى “بالريموت”.

لكن أي ضمير وأي أخلاق التي تقبل التعدي على حدود شرعية وثوابت لا تقبل التأويل ولا التلوين، وليس فقط قوانين وضعية أو معايير محاسبية تلتبس وتحتمل أن تُؤول وتدور!

أي حمل عظيم الذي يقبل به مضطرب مهووس بالمنصب، فينفذ ما لا يقبله عقل ولا شرع ولا معيار محاسبي ولا حتى قوانين اقتصادية منظمة.

هل تمعنت في تبعات وخطورة ومخاطر عملية العبث التي تقوم بها، أم أنك تمضي بلا بصر أو بصيرة، معتقداً أن السكوت على ممارساتك وأفعالك “المشينة” هو صك براءة واعتراف بأنك على الدرب الصحيح؟!!

تلفت حولك! ربما تتعظ، الملفات تتراكم وتتراكم وتتراكم، ثم يأتي على رأس كل مرحلة قيادي ينظف تراكمات السنين بمشرط الجراح وبقسوة ودون مخدر.

لا تعتقد أن تراكم الميزانيات المفخخة والملغومة يعني أنها لن تفتح، أو لن تتم مراجعتها، أو لن تأتي ساعة الصفر لمحاسبتك على أكبر عملية خلط للأصول والأرواق، سوف تأتي تلك الساعة، وسيساق معك كامل الفرقة على منصة الحساب، سواء التي كانت تعزف في الظاهر أو تعزف خلف الكواليس، وسينجو فقط  من يسترد الله أمانته قبل أن تدق ساعة الحساب والعقاب… لكنها نجاة من حساب الدنيا، الذي مهما كان صعبا فهو هيّن أمام حساب الآخرة، وقتها ستقف أمام الديان، أمام قاضي السماء، من يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، وقتها لن تنفعك ألاعيب العجان والزنان، أو حلول الفنان الفهمان وعزفه الرنان، أو فتاوي أصحاب الرؤى والزمم المطاطية.

كل القوانين الوضعية والمالية، والمعايير المحاسبية والإرشادية، ومعايير الحوكمة وتطوراتها، لم تمنعهم أو تقف حاجزاً في طريقهم، فتخطوا كل الحواجز، وهذا هو ديدن وحال كل المحتالين في كل الأنظمة المالية، حيث فقدانهم للأخلاق يجعلهم “كالجراد” يأكل ويدمر كل المحاصيل التي في طريقه، إلى أن يأتيه المبيد السام الذي يمحوه من على ظهر الأرض وتستريح منه ومن شره البلاد والعباد.

وهكذا سيكون حال ناهبي الأموال، آكلي الحقوق، خالطي الأصول، محترفي خلط الأوراق وتضييع المعالم.

في هكذا ملفات المنفذ والعراب واحد، لكن المسؤولية جماعية، من شارك وساهم وبصم ودعم وأفتى ووافق وقرر مرر.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى