مقالات

كيف تدعم الحكومة المواطن والقطاع الخاص دون أن تُرهق المالية العامة؟

 

بقلم – خالد محمد المطوع

 

استلهاماً للنجاحات اللافتة لقانون One Big Beautiful Bill في الولايات المتحدة، الذي أعاد الحيوية للاقتصاد عبر تعزيز القوة الشرائية للمواطن، يمكن للكويت أن تطبّق نموذجاً مبتكراً يحقق أثراً أكبر وبكلفة أقل.

فالقيمة ليست في حجم الإنفاق الحكومي فقط، بل في ذكاء القرارات التي تزيد رفاه المواطن وترفع كفاءة القطاع الخاص في الوقت ذاته.

ومن الأمثلة كمقترح لمبادرات قابلة للتطبيق، برنامج Cash Back للمشتريات المحلية، الذي يدعم المستهلك، ويحرك الطلب الداخلي، ويقوّي الشركات الوطنية.

فالكويت تمتلك قوة شرائية عالية، وقليل من الامتيازات الموجّهة للاستهلاك المحلي كفيل بإعادة توجيه جزء مهم من الإنفاق إلى الداخل وتعظيم أثره الاقتصادي.

ومن الأمثلة الأخرى القابلة للتطبيق، تحفيز استهلاك الخدمات المحلية، كالمطاعم، والأنشطة الترفيهية، والعيادات والمستشفيات الخاصة، والسياحة الداخلية، وهي قطاعات كثيفة التوظيف وسريعة الأثر الاقتصادي، حيث يبقى الإنفاق داخل الدورة المحلية، ويعود بالنفع المباشر على المواطن والقطاع الخاص في آنٍ واحد.

إن الدولة القوية ليست تلك التي تنفق أكثر، بل التي تُحسن إدارة وتوجيه الإنفاق. والحكومة الناجحة لا تُدار بمنطق الدعم، بل بمنطق التحفيز. فحين تُدار القوة الشرائية بذكاء، يصبح المواطن أكثر رضاً، والقطاع الخاص أكثر إنتاجاً، والدولة أكثر قدرة على الاستدامة واتخاذ القرار الاقتصادي بثقة واستقلالية.

في المقابل هناك مسؤوليات أيضاً على القطاع الخاص، حيث يجب أن يبادر ويعمل بمنطق الشراكة، ويقدم حلول من شأنها أن تضمن تحريك عجلة النمو والتنمية على الدوام دون الركون والاعتماد المطلق على الحكومة في أن تحل كل المشاكل أو تتصدى لها.

الإدارة الحصيفة والذكية كفيلة بإنجاح أي فكرة أو مقترح أو مشروع ، ولنا عبرة في دول كاملة قامت من الصفر، مثل سنغافورة، عندما جاء لي كوان يو مؤسس سنغافورة الحديثة وبدأ بالإنسان وراهن على العنصر البشري، وبدأ بتحقيق نهضة تعليمية وفق رؤية واضحة، ووضع هدف ونموذج عمل محدد، ودفع الجميع للتشارك فيه، حتى وصلت سنغافورة إلى ما هي عليه كأحد الاقتصاديات الكبرى القوية، كنموذج اعتمد على الفكر وليس الدعم أو الثروة الطبيعية.

خطوة الحكومة بإنشاء هيئة الشراكة بين القطاعين العام والخاص هي صورة مصغرة من مشهد تعاون ناجح يجب أن يتوسع.

الاقتصاد الحديث لم يعد يعتمد على الدعم التقليدي، بل صناعة الفرص والمبادرات الذكية وتحسين بيئة الاستثمار التي تحفز الجميع على المشاركة والانخراط في منظومة إبداعية متناغمة.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى