مقالات

الحوكمة: الطريق الأمثل لاستدامة الشركات العائلية الكويتية وتحقيق أهداف رؤية 2035

• محدودية دور المرأة ودمجها في المنشآت العائلية يعتبر تحد كبير
• الميثاق العائلي من أهم أدوات الحوكمة والوقاية من وقوع النزاعات في المنشآت العائلية
• يجب أن تكون استدامة المنشآت العائلية هدف وطني تتظافر الجهود لتحقيقه
• نحتاج إلى مزيد من الجهد البحثي لفهم تحديات المنشآت العائلية ومزيد من الاستشاريين المؤهلين للعمل معهم.
• بعض عقود التأسيس غامضة ولم يطرأ عليها تحديث منذ سنوات ولا تعالج عديد من التحديات التي تواجهها الشركة باستمرار.
• 30% من الشركات العائلية تنجح في الانتقال للجيل الثاني و12% تصل للجيل الثالث وأقل من 3% تستمر بعد الجيل الرابع.
• شركة أولاد علي الغانم للسيارات هي أول شركة عائلية خليجية تعمل في قطاع السيارات تُدرج في الأسواق المالية بالمنطقة.
• دعم التخطيط للتخارج أو التدريب والتطوير للعائلات المؤسِّسة يمكن أن يسهم في ضمان استمرارية الأعمال ودعم نمو الاقتصاد الوطني.
• 59% من الشركات العائلية ليست لديهم خطة لتعاقب الأجيال، و75% منها لا تمتلك مواثيق عائلية، و78% ما زالت مؤسسات فردية.
• يجب على الشركات العائلية الاستثمار في خدمات الذكاء الاصطناعي لاستغلال الفرص المتاحة في عصر الرقمنة.

ما هو تعريف الشركة العائلية وأهميتها ولماذا يجب أن نهتم بها؟


الشركات العائلية تمثل نحو 90% من اقتصاد القطاع الخاص في منطقة مجلس التعاون لدول الخليج العربي. فالشركة العائلية هي منظمة تجارية يتأثر اتخاذ القرار فيها بأجيال متعددة من العائلة، مرتبطة بالدم أو الزواج، والتي لديها القدرة على التأثير على رؤية العمل، والاستعداد لاستخدام هذه القدرة لتحقيق أهداف مميزة. وكذلك يمكن أن تشمل المؤسسات الفردية وشركات الشخص الواحد باعتبارها تعود لعائلة واحدة والتي من المفروض والمتوقع أن تستمر وتنتقل من جيل لآخر. كذلك تشمل الشركات المختلطة التي يمتلك فيها أحد الأفراد أو أفراد من ذات العائلة نسبة لا تقل عن 50%. وكذلك تشمل الشركة المدرجة (كشركة أولاد علي الغانم للسيارات، أول شركة عائلية خليجية تعمل في قطاع السيارات تُدرج في الأسواق المالية بالمنطقة) في السوق المالية التي يمتلك فيها أحد الأفراد أو أفراد من ذات العائلة نسبة لا تقل عن 25%، باعتبار أن هذه النسبة عادة ما تكون كافية لتوجيه الشركة إذا كانت مدرجة.
كما تأتي أهميتها بالتركيز على الاستثمارات طويلة الأجل، مقارنة ببعض الأنواع الأخرى من الشركات مثل الشركة المساهمة المدرجة التي عليها ضغوطات لتحقيق مستهدفات ربعية أو سنوية لمواكبة توقعات المستثمرين والمحللين. وترتبط المنشآت العائلية بمجتمعاتها بشكل كبير، وذلك بعدد العاملين وتوفير جزء كبير من السلع والخدمات في عديد من القطاعات الإستراتيجية، إضافة إلى انكشافها على القطاع المالي. وفي بعض الأحيان يكون هناك ارتباط قوي مع الأسرة الحاكمة لحل المشاكل وديا، والتي قد تحصل بين أفراد العائلة وهي خلافات طبيعية ومتوقع حدوثها. في الحقيقة الآن هو التوقيت المناسب لانتهاز فرصة الاستفادة من المنشآت العائلية في ظل التحول الكبير الذي تشهده الكويت في ضوء رؤية 2035 وكذلك أخذا بالحسبان المرحلة الحرجة التي تمر بها معظم المنشآت العائلية الكبرى في المنطقة، والتي تأسست في وقت اكتشاف النفط في أربعينيات القرن الماضي، ما يعني أنها تمر الآن في مرحلة الانتقال إلى الجيل الثاني والثالث.

فشل الشركات العائلية


فشل الشركات العائلية يمثل خطرًا ملموسًا وقد يكون له آثار سلبية عميقة على الاقتصاد الوطني. تمر منطقة مجلس التعاون لدول الخليج العربي في وقتنا الحالي بلحظات حرجة؛ إذ يمر الاقتصاد الآن بمرحلة انتقالية محاولاً التكيف مع الرقمنة والأتمتة والذكاء الصناعي (AI) ومعدلات النمو العالمية. وكلنا نرى أن المنطقة أصبحت مليئة بالتحديات، ولكن في كل تحدٍ هناك فرصةً واعدةً. فالشركات العائلية يجب أن تسعي لتحقيق التنوع الاقتصادي بتشجيع الإنفاق الحكومي لإتاحة فرص النمو في القطاع الخاص وتعزيز أنظمة العمل وإتاحة فرص عمل واعدة للشباب في القطاع الخاص. بدون شك لقد أثبتت الشركات العائلية دورها المسؤول والمهم في منطقة مجلس التعاون لدول الخليج العربي لاغتنام الفرص المحلية والإقليمية الواعدة، والذي يتمثل في التخطيط لمستقبل الاقتصاد في منطقة مجلس التعاون لدول الخليج العربي بمجموعة من أفراد عائلات من ألمع العقول في إدارة الأعمال، وهم بلا شك قادرون على حمل هذا العبء من خلال توضيح المشكلات واقتراح حلول لها والمساعدة في توجيه الجيل التالي من قادة الأعمال والاطلاع على الفكر النير الجديد، والتعرف على الحلول المحتملة التي تساعد في إتاحة المزيد من الفرص لتعزيز الاقتصاد في منطقة مجلس التعاون لدول الخليج العربي.
ومن أهم أسباب الفشل هو عدم فصل الملكية عن الإدارة عبر اختيار الشكل القانوني المناسب وتبني معايير الحوكمة الرشيد، وهي خطوة مهمة لتعزيز فصل الملكية عن الإدارة، لتسهيل عملية انتقال الحصص، وتعزيز ممارسات الحوكمة. وبالإضافة إلى ذلك فهناك عدم التوافق على بعض القضايا الشائكة مثل التوجهات العامة للشركة، وتوظيف أفراد العائلة، ودور المرأة (الزوجة، الأخت) بمحدودية دمج وتمكين الإناث في المنشآت العائلية، وهو تحد كبير إذا ما أخذنا في الحسبان ملكيتهم في هذه المنشآت بموجب نظام الإرث والتخارج وغيرها.
فشل الانتقال بين الأجيال في الشركات العائلية ليس مجرد مشكلة داخلية تخص الشركة فقط، بل يمكن أن يكون له تأثيرات كبيرة على الاقتصاد الوطني بشكل عام. دعم التخطيط للتخارج أو التدريب والتطوير للعائلات المؤسِّسة يمكن أن يسهم في ضمان استمرارية الأعمال ودعم نمو الاقتصاد الوطني.
الحوكمة: مفتاح بقاء وازدهار الشركات العائلية الكويتية
في قلب النسيج الاقتصادي الكويتي، تتموضع الشركات العائلية كعمود فقري للاقتصاد الوطني، حيث تشكل أكثر من 80% من المؤسسات الاقتصادية. ومع ذلك، يكمن التحدي الأكبر في ضمان استمراريتها وتطورها عبر الأجيال. الميثاق العائلي من أهم أدوات الحوكمة والوقاية من وقوع النزاعات في المنشآت العائلية ويجب أن نجعل الميثاق العائلي ملزما نظاميا. لأنه ينظّم ويحدد كيفية التعامل مع القضايا الشائكة التي تمثل أبرز أسباب النزاعات لدى المنشآت العائلية، مثل التوجه الإستراتيجي، توظيف أفراد العائلة، سياسة التخارج، سياسة توزيع الأرباح، سياسة الملكية، وسياسة حل النزاعات وغيرها من السياسات المهمة.


واقع الشركات العائلية في الكويت


تشكل الشركات العائلية أكثر من 80% من النشاط الاقتصادي في دول الخليج، وتحديداً في الكويت. تواجه الشركات العائلية تحديات جوهرية في عملية التوريث والإدارة وتعتبر الأقل تنظيما مقارنة مع دول مجلس التعاون وهو ما يستدعي مراجعة جذرية لآليات إدارتها وتنظيمها، حيث تشير الإحصائيات العالمية إلى أن:
• 30% فقط من الشركات العائلية تنجح في الانتقال للجيل الثاني
• 12% تصل للجيل الثالث
• أقل من 3% تستمر بعد الجيل الرابع


نماذج خليجية ودولية هي الأكثر تطوراً في قوانين الشركات العائلية:

  1. الإمارات العربية المتحدة:
    • أول دولة عربية تسن قانوناً متكاملاً للشركات العائلية هو الأفضل في المنطقة (2019)
    • حوافز ضريبية للشركات الملتزمة بالحوكمة
    • آليات ومعايير واضحة للحوكمة والفصل بين الملكية والإدارة والانتقال بين الأجيال
    • برامج تدريب وتأهيل للورثة
  2. المملكة العربية السعودية:
    • الشركات العائلية السعودية تشكل 95% من المنشآت التجارية العاملة وتتصدر وجودها في منطقتي القصيم والرياض، ويعمل بها 57% من موظفي القطاع الخاص، وتحوي 48% من مجمل القوى العاملة بالسعودية.
    • تشريعات الأكثر تطورا في المنطقة وداعمة لتنظيم الإرث والملكية لاستمرارية وتطوير الشركات العائلية.
    • إنشاء مركز الشركات العائلية التابع للهيئة العامة للاستثمار.
    • تحفيز الشباب على إدارة الشركات العائلية.
    • نظام حوكمة يضمن الشفافية.
  3. البحرين:
    • قوانين متقدمة لحوكمة الشركات العائلية وتسهيلات في التسجيل والإدارة
    • مبادرات لتنظيم حوكمة الشركات العائلية
    • برامج تدريب وتأهيل للأجيال الجديدة
    • دعم مؤسسي للشركات العائلية
  4. قطر
    • قوانين حديثة لتنظيم الشركات العائلية
    • آليات واضحة للملكية والإدارة
    • دعم مؤسسي محدود مقارنة بالإمارات والسعودية
  5. مالطا:
    • قانون الشركات المالطي (Companies Act)
    • من أول البلدان في سن قوانين حوكمة الشركات العائلية منذ عام 2004
    • تحديث القوانين في 2016 لتعزيز الشفافية
    • فصل الملكية عن الإدارة وآليات واضحة للتوريث
    • حماية حقوق المساهمين وتنظيم العلاقات العائلية داخل الشركة
    • تسهيلات ضريبية وحوافز للشركات العائلية وبرامج تأهيل للأجيال الجديدة
    • دعم مؤسسي
  6. الولايات المتحدة:
    • قانون شامل للشركات العائلية وآليات واضحة لانتقال الملكية
    • حوكمة مؤسسية صارمة
  7. سنغافورة:
    • – برامج دعم حكومي للشركات العائلية
    • – تشريعات مرنة تساعد على الانتقال بين الأجيال
    • – حوافز ضريبية للشركات الملتزمة بمعايير الحوكمة

التحديات الرئيسية للشركات العائلية الكويتية


• عقود التأسيس للبعض لم يطرأ عليها تحديث منذ سنين طويلة وغالبا ما تكون غامضة ولا تعالج عديد من التحديات التي تواجهها الشركة بشكل مستمر.
• غياب التخطيط الاستراتيجي والمعلومات حول الفرص التجارية والتحليل الاقتصادي الاحترافي تعد من العوامل المؤثرة في إنتاجية واستمرارية المنشآت العائلية في السوق.
• صعوبات انتقال الإدارة بين الأجيال
• التداخل بين العلاقات العائلية والمهنية
• ضعف الشفافية والمساءلة
• عدم إشراك الكفاءات من خارج العائلة


أمثلة واقعية عن شركات عائلية كويتية وخليجية نجحت في تجاوز التحديات والصراعات:
الكويت:

  1. مجموعة أولاد علي الغانم وأولاده
    • تأسست في الثلاثينيات مع الحفاظ على الهوية العائلية
    • استمرت لأكثر من 70 عاماً بسبب المرونة في التغيير والتنوع في الاستثمار.
    • نجحت في الانتقال بين 3 أجيال مع تأهيل الأجيال الجديدة وتشجيع المهنية وإشراك الكفاءات من خارج العائلة.
    • وضعت آليات واضحة للحوكمة والتوريث والشفافية في الإدارة
    • التوسع الخليجي والإقليمي والانفتاح على التكنولوجيا
    المملكة العربية السعودية:
  2. مجموعة العثيم
    • شركة تجزئة رائدة
    • نجحت في الانتقال بين الأجيال
    • تطبيق معايير حوكمة متقدمة
    البحرين:
  3. مجموعة العلوي
    • شركة عائلية متنوعة في الاستثمارات
    • نجحت في تجاوز الخلافات العائلية
    • وضعت معايير مهنية للإدارة
    الإمارات:
  4. مجموعة الفطيم
    • تأسست في الخمسينيات
    • استطاعت التوسع إقليمياً وعالمياً
    • نموذج متميز في الإدارة المؤسسية
    عوامل نجاحهم:
    • وضوح آليات التوريث
    • فصل الملكية عن الإدارة
    • تأهيل الأجيال الجديدة
    • الشفافية واحترام الأدوار المؤسسية
    مقترحات لتطوير قانون الشركات العائلية في الكويت
    • إنشاء إطار تشريعي واضح بمزيج من التشريعات المصممة على الشركات العائلية مما يدعم الاقتصاد الوطني ويعزز من استدامة وتعزيز التنوع الاقتصادي من خلال تشجيع الابتكار والشفافية والتعاون بين الأجيال. من المهم أن يكون هناك تعاون بين الحكومة والقطاع الخاص والشركات العائلية لتحقيق هذه الأهداف.
    • التعلم من تجارب الدول الأخرى في التنمية الاقتصادية والتي ترتكز بشكل كبير على المنشآت العائلية.
    • نحتاج إلى مزيد من الجهد البحثي لفهم تحديات المنشآت العائلية وأيضا إلى مزيد من الاستشاريين المؤهلين للعمل معهم.
    • وضع معايير حوكمة إلزامية وتأسيس مجالس إدارة مستقلة.
    • تطوير آليات انتقال الملكية والإدارة.

الخاتمة

  1. الحوكمة ليست خياراً، بل ضرورة استراتيجية لاستمرار وتطور الشركات العائلية الكويتية. التشريع والتنظيم المؤسسي هما المفتاح لتحويل هذه الشركات من مشاريع عائلية إلى مؤسسات اقتصادية عالمية المستوى. فضرورة تبني الكويت تشريعات متكاملة للشركات العائلية على غرار التجارب الإماراتية والسعودية لضمان استدامتها واستمراريتها أصبح أمرا لا يستحمل الانتظار لأنني أؤمن أن استدامة المنشآت العائلية هي هدف وطني مهم ينبغي أن تتظافر الجهود لتحقيقه ومع ضرورة وجود التحفيز الحكومي والتشريعات الداعمة. كما يجب على أفراد العائلة السعي لبناء عائلة متماسكة يسودها الاحترام والعدالة والتراحم وتأهيل أفراد العائلة للنجاح والتعامل مع الأموال سواء داخل المنشأة العائلية أو خارجها.

إذا كانت لديك أي أسئلة أو تحتاج إلى مزيد من التفاصيل حول جوانب معينة، فلا تتردد في التواصل.
عدنان البدر.
باحث ومستشار استراتيجي في سياسة الموارد بشرية وبيئة العمل ورئيس ومؤسس الجمعية الكندية الكويتية للصداقة والأعمال.
ckbafa@gmail.com

إدراج شركة «علي الغانم للسيارات» في بورصة الكويت

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى