أسواق المال

البورصة تتماسك… وتعوض 116 مليون دينار

"الاقتصاد الكويتي … غير"

الأسواق العالمية أسيرة لملف الرسوم والبورصات الإقليمية رهينة ردود الأفعال
• ردود الأفعال في الأزمات مبالغ فيها والأزمة تحتاج قراءة دقيقة.
• حسابات الأفراد دائماً تربك حسابات المؤسسيين.
• وول ستريت غيرت اتجاهها بعد 45 دقيقة من هبوط حاد إلى مكاسب… ماذا تغير؟

كتب بدر العلي:

تماسكت بورصة الكويت نسبياً في تعاملات أمس، ولعب العامل النفسي دور كبير في تماسك السوق مع تحركات وعمليات شراء قوية على أسهم قيادية وممتازة شملت مجموعة من أسهم البنوك، انعكست على قرارات شرائح مختلفة في السوق، الذي تخللته عمليات حذر وتردد في مفاصل الجلسة.
التباين والتفاوت بين الأسواق المالية سيبقى سمة المرحلة المقبلة، فليس بالضرورة أن تمضي كل الأسواق في اتجاه واحد على قاعدة “مع الخيل يا شقرا”، حيث يبقى لكل اقتصاد نصيب من الآثار المالية للمتغيرات الديناميكية والفنية للرسوم الجمركية.
بما أن الاقتصاد الكويتي غير في كل تفاصيله ومكوناته، يبقى التذبذب المرن والحذر هو السمة المحركة للسوق، خصوصاً وأن السوق له منفذان للمستثمرين وأصحاب السيولة، وهما الأسهم والعقار، يتبادلان الأدوار والنشاط. خلال جلسة تعاملات الأسواق الأمريكية غيرت المؤشرات اتجاهاتها بعد 45 دقيقة من عمر التداولات، حيث ارتفع مؤشر داو جونز بنحو 265 نقطة بعد أن بدأ متراجعاً بنحو 1200 نقطة، ما يؤكد أن هزات الأسواق المالية تولد فرص، ويؤكد حقيقة واضحة وهي أن التراجعات في الأزمات تحكمها وتسيطر عليها ردود الأفعال المغلفة بالمبالغات الحادة. سرعان ما انتكست المؤشرات مرة أخرى تحت وقع التقارير المتضاربة ما بين تأجيل الرسوم وفتح قنوات من المفاوضات مع كافة الدول، باستثناء الصين حسبما هدد ترامب.
أمام موجة الهبوط التي اجتاحت بورصة الكويت وخسرت على أثرها 2.411 مليار دينار، استقبلت 10 أسهم، بينها أسهم بنوك وأسهم قيادية ممتازة ومحملة بالأرباح، نحو 70 مليون دينار كويتي أمس، وسجلت بعضها مكاسب، ما يعكس الثقة في السوق ومستويات الأسعار، لكن الضغوط النفسية كانت أقوى أمام جائحة النزول الحاد الذي فقد السوق الأمريكي على أثره نحو 6 تريليون دولار.
عودة إلى خصوصية السوق والاقتصاد الكويتي عموماً، فوسط الركام المحيط بالأسواق المالية شرقاً وغرباً يمكن التأكيد على الآتي:
1- خلال السنوات العشر الأخيرة كان العجز يخيم على الميزانية العامة بمبالغ مليارية، وشهدت أسعار النفط تذبذبات حادة كان أكثرها تراجعاً خلال جائحة كورونا، وبالرغم من ذلك حققت البورصة أداءً استثنائياً خلال بعض تلك السنوات التي شهدت العجز، وحققت الشركات أرباحاً قياسية ووزعت أرباحاً نقدية للمساهمين.
2- حافظت البنوك على قوتها المالية وسلامة أوضاعها، وحافظت على تصنيفات جيدة، وحققت أرباح إيجابية ومنحت المساهمين عوائد مجزية.
3- ثمة عوامل أكثر أهمية من صعود السوق أو تراجعه، وهي مستويات الاستقرار والأمان المالي والاقتصادي للسوق، والاقتصاد الكويتي يتمتع بأعلى درجات الثقة ومن بين الأكثر استقراراً، لا سيما ما يتعلق بسعر صرف الدينار وقوته مقابل العملات الأخرى من دون فجوات أو تذبذبات حادة، ما يعكس ميزة كبيرة جداً قياساً إلى أسواق أخرى أكثر تطوراً وتقدماً لكن تخسر فيها الشركات الكويتية مئات الملايين بسبب هبوط العملة أو فروقات التحويل أو عدم تمكنها من تحقيق الأرباح أو إخراجها من السوق، حتى أن تلك الأسواق تمثل عبء مستمر على ميزانيات الشركات الكويتية وتعوض تلك الإخفاقات من السوق المحلي.
4- جودة وضمانة الحصول على قيمة المشاريع والمناقصات التي تشارك فيها الشركات أو التي تنفذها لصالح الدولة تعتبر من عوامل القوة، مقارنة بأسواق أخرى تحصّل الشركات فيها المبالغ على دفعات وأقساط وعلى مدار فترات زمنية طويلة.
5- شركات لديها عقود ممتدة تتراوح بين 3 إلى 5 سنوات في مشاريع حيوية وضرورية، منها ما يخص القطاع النفطي ويتعلق بتطوير مكامن أو تمديدات أنابيب أو صيانة مصافي وتقديم خدمات تتعلق بالإنتاج، وبالتالي لا يمكن الاستغناء عنها. إذا فهناك شريحة من مكونات البورصة، بجانب البنوك، هي شركات تشغيلية مضمونة الأداء والعوائد.
6- حجم السوق المحلي فيما يخص مستوى الإنفاق الرأسمالي تحت سيطرة وقدرة الحكومة، ووفقا لتأكيدات شركات مدرجة فأغلبية العوائد تأتي من السوق الكويتي، يتفاوت ذلك من شركة إلى أخرى. واستناداً إلى التجارب السابقة فقد حافظت الحكومة على استدامة الإنفاق.
7- المعالجات العديدة للكثير من نوافذ الإنفاق غير الضروري والهدر في الميزانية العامة وضبط الإنفاق سيتحول إلى ميزانية برامج واستثمارات، وهو ما قد يضيق أي هامش، علماً أنه في كل التجارب الماضية لم تلجأ الكويت إلى تسييل استثمارات عائدة للصندوق السيادي واستخدمت احتياطيات أخرى.
8- إشارات الحكومة الإيجابية والتي تمثلت في المضي قدماً نحو استكمال إجراءات ودراسات مشروع قطاع السكك الحديدية يعكس رؤية طويلة الأجل ويؤكد أن هناك مشاريع تنموية كبرى قادمة وهي كفيلة بأن تضمن مستوى تشغيلي جيد للشركات.
9- تزامن توزيعات الأرباح النقدية خلال الأيام القليلة المقبلة مع انتهاء فترة الربع الأول من العام المالي الحالي 2025 واستحقاق الإعلانات سيشكل عامل دعم إيجابي كبير للسوق، خصوصا إذا جاءت البيانات الفصلية إيجابية وجيدة.
10- طبيعة أنشطة الشركات الخدمية وتنوع استثماراتها وتركز أغلبيتها في الأسواق الخليجية المتشابهة في الثقة والاستقرار ستكون ميزة إضافية داعمة للتماسك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى