فرقة لئام وليسوا كرام

عندما تستحوذ فرقة على كيان ناجح ومدر ويدار لمصالح مجموعة المتحكمين، فهم فرقة لئام وليسوا كرام، ميزتهم الوحيدة أنهم يجيدون المناورات ويجيدون ضخ البيانات المسمومة، ومتمرسون في اللعب على الأحبال والمتفرقات، ومستغلون للمواقف.
الأصفر يتقدم الفرقة كواجهة، وباقي اللئام ينفخون في أوداج الأصفر ويوجهونه ويحركونه يمين يسار، ينفذ تعليمات وتوجيهات، يدفن ما يريد من ملفات ويبرز ما يريد، يرفع هذا ويقزم ذاك، ومع بداية مرحلة وقوع الكيان في يد “الفرقة” كان القليلون أصحاب الرؤية فقط هم من يؤمنون بأن تلك المرحلة هي بداية النهاية.
أصحاب الرؤية والنظرة الثاقبة دائماً مختلفون في التقييم. هم قلة نادرة لا ينظرون تحت أقدامهم، بل ينظرون للبعيد البعيد، مقاييسهم مختلفة في الحكم على الواقع والمستقبل، يقرأون المخططات عن بعد أميال، وربما قبل أن يتم رسمها على الورق، ودائماً ما يتم وصفهم بأنهم خارجون أو مارقون أو سلبيون أو متشائمون، لكن في نهاية المطاف وبعد أن تتكشف المخططات والألاعيب على حساب الأفراد والمستثمرين، وتكون الطيور قد طارت بأرزاقها، يتم التحسر على اللبن المسكوب و “التحلطم” على الوضع الواقع.
مؤسس فريق الانتهازيين بدأ صعلوكاً وسيبقى صعلوكا، لأن الصعاليك لا تخرج من ثوبها أبداً، وتفضل الاستمرار في الدور الذي تجيده، فهو متخصص في تنفيذ الأوامر وتلقي التعليمات.
ترفض هذه النوعية أن تكون رأس، فهي مثل الطفيليات تعتاش على كائنات حية أخرى، فالطفيلي مؤسس مدرسة الانتهازية يعيش على مص دماء الآخرين مع منحهم الفتات آخر كل عام، وإن كانوا يستحقون ذلك بسبب خمول الموقف والصمت على الممارسة السلبية دون التحرك الجاد نحو المحاسبة.
الحوكمة مصطلحات يتم ترديدها فقط على مسامع الآخرين، لكن على من تتلوا مزاميرك يا داوود؟ وخذ من هذا القبيل عشرات المصطلحات والجمل الرنانة الفتاكة لأفضل الممارسات، الاستدامة، الامتثال، نموذج العمل المرن، وكلها طلقات صوتية أو ضوئية “فشنك”، لزوم التمرير بارتياح وحشد المؤيدين.
فيما يشبه الحرب النفسية باستخدام آلة ضخ البيانات والمعلومات، في رسائل منمقة مفخخة مطاطة المصطلحات، غير مفهومة البدايات وليس لها نهايات، وكما قال كبيرهم الذي علمهم الكذب جوزيف غوبلز “اكذب! اكذب! حتى يصدقك الناس”
لكن هل يستمر هذا الوضع؟ وكم عام سيبقى هكذا؟ الشواهد كثيرة، فكم من أقوام سادت ثم بادت! وكم من محتال انكشف وتوارى واندثر إلى الأبد من سوء فعلته، التي يورثها لأبناؤه وتستمر لأجيال دون أن يكون لهم ذنب! وكم من ممارسة تحولت إلى ألقاب وجزء من الأسماء تتداول في السر، وقد تتحول إلى رمز يصعب محوه!
العقاب الاجتماعي يستمر إلى الأبد، فيلعن المتضررين من أصحاب الأموال والاستثمارات المحدودة والصغيرة “حيتان” الشر التي تلتهم الأخضر واليابس، وأصحاب الأفعال والممارسات السوداء، أصحاب الممارسات السيئة السلبية الضارة، الذين يلتهمون كل ما يقابلهم كالديناصورات الجائعة، فيما يتم استذكار أصحاب الإنجازات والبصمات الإيجابية أبد الدهر، وتتناقل الأجيال سيرتهم العطرة حتى تتحول إلى مضرب للمثل، بدليل أن سيرة ممارسات رواد الأزمات لا تزال تتردد حتى اليوم، وبعضها يتم توثيقه عبر أفلام وثائقية وروايات مكتوبة، لكن التوثيق الاجتماعي في بعض الأحيان يكون أقوى ووقعه أشد وتأثيره أقسى على أجيال، حيث تبقى النظرة لهم مقرونة بأفعال كبارهم الذين لم يراعوا هذه المرحلة ولم يفطنوا إلى أن التاريخ والسيرة هما الباقيان.