(قصة حمار…)

بقلم المهندس مشعل الملحم
تُروى قصة طريفة عن مئة حمار، طُلب منهم التنبؤ باتجاه البورصة: أحمر أم أخضر. بطبيعة الحال، اختار نصفهم الأحمر، والنصف الآخر الأخضر. صَدَف أن ارتفعت البورصة، فاحتفلوا بالخمسين الذين “أصابوا”، وكرّموهم بجزرٍ وتهليل. ثم أُعيدت التجربة مع الحمير الناجحين فقط، فانقسموا من جديد، وصَدَف أن أصاب نصفهم مجددًا… وبدأت الأسطورة. تكررت العملية حتى بقي حماران، كلاهما لم يُخطئ مرة واحدة. جاءت الجولة الأخيرة: اختار أحدهما الأحمر، والآخر الأخضر. وفي اليوم التالي، ارتفعت البورصة، فأصبح “الحمار الأخضر” هو أسطورة العصر. نُصّب “سيد العارفين”، زعيم المحللين، وعُيّن كبيراً للمنظّرين. ثم ألّف كتبًا سمّاها: العادات السبع للحمير الأكثر نجاحًا!، وكتابًا آخر بعنوان أبي حمار غني وأبي حمار فقير!، وأُغرِق العالم بالمحاضرات والندوات، وأصبح رمزًا للإلهام…
كل ما في القصة أن “الحمار” لم يكن أذكى كما يظنون، كان فقط الأخير الذي خدمته الصدفة، فظنوا به سيد الملهمين، وإمام الناجحين! العبرة.. أننا لا ننبهر بطريقة النجاح بقدر ما ننبهر بالنتيجة، وغالبًا ما نتجاهل الصدفة، والظروف، والعوامل الخفية التي صنعت النجاح. نُعلي من شأن الفرد، نُؤلّهه، نمنحه هالة من العبقرية، فقط لأنه “نجح”. ونقدّسه، حتى لو كان… حمارًا!
الخاتمة:
مع الطفرة النفطية، والنهضة العمرانية، ظهر لنا في دول الخليج أشباهُ ذاك الحمار؛ الذين أثراهم الحظ، وصادف وجودهم في المصعد الذي أقلّهم في ثوانٍ، عوضًا عن السُّلَّم الذي عجز الكثيرون عن ارتقائه. هؤلاء الذين يظهرون لنا في رداء الناجحين، ليسوا سوى مجموعة من الأشخاص الذين حققوا ثراءً عظيماً لم يكن لهم فيه أيّ دور، فأصبحوا أغنياء بالصدفة البحتة، غير أنهم أقاموا الندوات، وتحدثوا عن حنكتهم، وصبرهم، وعصاميتهم.