
يتنقل المستثمرون بين الأسهم كما النحلة بين الأزهار في البساتين الزاهرة، التي تفوح بالروائح الذكية في مواسم تتفتح فيها الزهور ناثرة روائحها العطرة. وها هو قد حل موسم ربيع الأسهم الفصلي في أسواق الأوراق المالية، بإعلانات نتاج جهود وحصاد النصف الأول، ويتأهب المستثمرون لقطف الثمار والفوز برحيق طبيعي حقيقي في محطة أولى.
هذه المرحلة هي مرحلة الفرز والتمييز بين الغث والسمين، بعد أن اتضحت الصورة في آخر ثلاث أعوام، وكشفت الجميع أمام الجميع، وأظهرت الحقيقة بالأرقام والعوائد. فهناك من يعد أيام وسنين، ويمرر العام تلو الآخر، ويدوّر دواليب الزمن بلا أي تحسن أو تقدم أو تنوع، في حين أن هناك من يتحدى ويكافح ويجاهد ويحارب على جبهات عديدة لتحسين المركز المالي وتعظيم حقوق المساهمين، وتوفير عوامل الدعم والزخم التي تبرر الأداء.
من لم يتحسن وضعه ومركزه المالي خلال سنوات النهضة والطفرة في الأسواق والمناقصات وتحسن الأعمال، والنشاط المتنوع إقليمياً وعالمياً، والفرص التي لاحت، فلن يتحسن ولن ينهض، وفاقد الشيء لا يعطيه.
كيف يمكن أن يقف مستثمر على شركات تصدر ميزانيات بالكاد وبالحد الأدنى، ولا أداء ولا توزيعات ولا رؤية ولا خطط ولا أي آمال فيها للنهوض، في حين أن هناك مقابل ومرادف يتمتع بالثقة والجد والاجتهاد ولدى مجلس الإدارة والجهاز التنفيذي بصمة إيجابية حيوية دورياً؟
الكيانات المهترئة التي لم توزع أي أرباح للمساهمين منذ 20 عاماً، وربما تطوي جيل كامل معها تورط فيها، ومجالس الإدارات تتوالى وتتغير وتتبدل، والمتحكم “في الريموت” مستمر في توجيه البورصة لمصالحه، ويكتفي بإطلاق الوعود البراقة وتمرير الميزانيات والحبل على الجرار، وعند السؤال عن الأحوال يتلقى المساهم الإجابة التقليدية المطاطة المكررة الحاضرة دائماً الصالحة لكل الاستفسارات، هذا سوق وما نتدخل، المنافسة صعبة، الله كريم، منتظرين مشاريع الحكومة. عدل، لكن على الأقل أحسن الأداء وأدي الأمانة تجاه العمل وتنمية الكيان، وأحسن الاختيار للفرص، والسوق سوف يكافئك. لكن المجاميع الورقية، مجاميع الوجاهة والتسويف، القائمين على حلال الغير استغلالاً وانتفاعاً، متى يمكن أن تتحسن سلوكياتكم؟ ومتى تطبقون ما تقولونه وتعلنونه ليل نهار لتخرجوا من دائرة من وصفهم الله تعالى في كتابه العزيز “يقولون ما لا يفعلون”؟ ومتى تكتفون؟ ومتى ستمتلئ بطونكم؟ ومتى ستشعرون بالشبع وتتوقفون عن النهم؟
الواقفون في ذات النقطة داخل دائرة الفشل دون أي تحرك منذ سنوات، أو الثابتون المتحجرون الآكلون لما يحققوه دون أي مردود أو عائد لحملة الأسهم، متى تشعرون بالمسؤولية تجاه من وثقوا فيكم؟ متى تصدقون القول معهم؟ ولماذا تستمرون في مناصبكم وتقاتلون عليها وتتمسكون بها طالما نتائجكم مليئة بالفشل وأرقامكم مخزية وغير قادرين على التطوير أو التحرك خطوة نحو الأمام؟
شماعة الأزمة المالية العالمية اندثرت منذ 17 عاماً، واندثرت بعدها كل الجوائح التالية والتداعيات الجيوسياسية المتلاحقة، انتعشت أسواق واقتصاديات كبرى وصغرى، وطارت الأصول وارتفعت الأسعار وازدهرت، وأنتم ثابتون واقفون على نفس النقطة السوداء في دائرة الفشل، تدورون في حلقة مفرغة، تستفيدون من رواتب ومميزات ومكافآت فيما حملة السهم ممسوكين بين فكي كماشة، وعالقين في شباك وشرك أسهم ورقية أشبه بفخ غير قادرين على الخروج منه، فهل لا يزال أمامكم متسع من الوقت للمضي في ذات الطريق بنفس الأسلوب العقيم؟ أم أن هناك أمل للتغيير والتوقف عن الممارسات الجوفاء الجرداء التي لا يألفها عقل أو منطق ولا ترضونها أنتم على حلالكم.