نصاب الجمعية العمومية وخطورة قراراتها!!

أفادت الاقتصادية في عددها رقم (424) الصادر يوم الأحد 10/8/2025 بأن مصادر اقتصادية وقانونية دعت إلى ضرورة فتح ملف النصاب في الجمعيات العمومية ووضعه موضع الدراسة العميقة وتطويره حماية لمصالح المساهمين وحقوقهم .
الجمعية العمومية غير العادية هي اجتماع للمساهمين يُعقد لمناقشة واتخاذ قرارات تتجاوز صلاحيات الجمعية العمومية العادية كتعديل عقد الشركة أو النظام الأساسي للشركة، زيادة أو تخفيض رأس المال، الاندماج أو الانقسام أو التصفية، بيع أو التصرف في كامل المشروع أو جزء جوهري فيه ، وهي قرارات مؤثرة على هيكل الشركة وحقوق المساهمين، ولذلك وضع المشرع نصوصاً خاصة لانعقادها واعتماد قراراتها ولكنها ليست صعبة لما فيه الكفاية بحيث تعرقل اتخاذ القرارات المهمة بحيث جعل انعقادها للمرة الثانية بمن حضر من المساهمين وذلك لتسهيل اتخذا القرارات المهمة ومنع تعطيل أعمال الشركة بفعل غياب المساهمين الغير مهتمين أو تعمد المقاطعة ولكن رغم نية المشرع تجنب الشلل الإداري إلا أن هذه قد تفتح الباب لمخاطر على صغار المستثمرين وتمرير قرارات استراتيجية مثل زيادة رأس المال أو تغييره مما قد يؤدي إلى النقص في نسبة ملكية صغار المساهمين أو الموافقة على اندماج أو بيع أصول بشروط قد لا تكون في صالح الأقلية ، أو تعديل النظام الأساسي بحيث يقيد حقوق أو يوسع صلاحيات مجلس الإدارة.
إلا أنه في المقابل وضع القانون بعض الضوابط مثل وجوب توجيه الدعوى قبل الاجتماع بمدة كافية وبطريقة علنية وتحديد جدول أعمال الجمعية مسبقاً وعدم مناقشة أمور خارج الجدول إلا بحدود ضيقة، ولمزيد من الشفافية والضوابط قرر المشرع في المادة (219) من قانون الشركات أن قرارات الجمعية العامة غير العادية لا تكون نافذة إلا بعد اتخاذ إجراءات الشهر والحصول على موافقة وزارة التجارة بالنسبة لبعض القرارات المهمة، والأهم من كل هذا هو إمكانية الطعن على القرارات المخالفة للقانون أو النظام الأساسي أمام القضاء من قبل المساهمين المتضررين ولكن في الواقع قد لا تكفي هذه الضمانات إذا لم يكن لدى صغار المساهمين وعي قانوني ومالي، وتكون هناك رقابة فعّالة من الجهات التنظيمية وخصوصاً أن الاجتماع الثاني عند عدم اكتمال النصاب في الدعوة الأولى يكون صحيحاً إذا حضره من يمثل أكثر من نصف رأس المال المصدر وتصدر القرارات بأغلبية تزيد على نصف مجموع أسهم رأس المال المصدر، وهذه النسبة من ملكية الأسهم قد تتركز في أقلية من المساهمين ، فيجب تعزيز توعية المساهمين بأهمية حضور الجمعيات العامة غير العادية خاصة الدعوة الثانية وكذلك تعديل التشريع لرفع الحد الأدنى من الحضور في الدعوة الثانية إلى نسبة تحفظ التوازن وتشجيع المساهمين على التحالف لتشكيل جبهة تمنع تمرير القرارات المهمة المضرة .
خاتمة :- قاعدة (الانعقاد بمن حضر) في الدعوة الثانية للجمعية العمومية غير العادية قد تكون أداة عملية لضمان سير أعمال الشركات، لكنها في الوقت نفسه سلاح ذو حدين ، ففي غياب وعي المساهمين وضعف المشاركة، يمكن أن تمرر قرارات تؤثر جذرياً على حقوق الأقلية، لذلك فإن تحقيق التوازن بين المرونة الإدارية وحماية المساهمين يتطلب تطوير الإطار التشريعي وتفعيل الرقابة مع رفع مستوى المشاركة الفعلية في هذه الاجتماعات .
المحامي / عبدالرزاق عبدالله
E-mail: azq@arazzaqlaw.com